منذ سنوات وأنا أشاهد في قنوات التلفزات التونسية ندوات حوار حول مرض السيدا (عفا الله الجميع منه ) وأرى في الندوات الطبيب والمختص الاجتماعي والقاضي والمحامي وكل واحد له في الموضوع حديثه ومنطقه في التوجيه واختصاصه الثقافي. وفي هذه الأيام يدور الحديث حول السيدا عبر قنوات التلفزة وليس فى جماعة الحوار مختص في الشؤون الدينية بفقهه ووعظه فهو غائب كما جرت به العادة. لماذا يغيب الموجه باسم الدين ونحن في بلد إسلامي له في هذا المرض وأسبابه والوقاية منه؟ فقه وتوجيه يمكن أن يقدمهما أهل الخبرة والثقافة الدينية حين تطلب منهم ؟ لماذا يغيب الموجه باسم الدين وروحه ونحن نعلم ان كلمة الدين مازال لها تأثيرها في كثير من التونسيين والتونسيات ؟ لماذا يغيب الموجه باسم الدين وقد طلبت وزارة التربية منذ عشرين سنة من متفقدي التربية الدينية والوطنية أن يوجهوا أساتذة التربية دينيا وصحيا وإعدادهم ليتحدثوا الى تلاميذهم حول مرض السيدا وقد تم ذلك وحقق نتائجه الثقافية الصحية؟ أسأل القائمين على حملات تثقيف المجتمع في مرض السيدا أسبابا ومعالجة ووقاية: هل يضر المرضى والناس حين يحدثهم الموجه الديني عن موقف الدين من المرض والمصابين به ؟ ومن التوجيه الاعلامي حول مرض السيدا وغياب كلمة الدين أنتقل الى أمراض اجتماعية أخرى غاب وغيب عنها التوجيه الديني وأقدم بعضها كمثال... فهذه النظافة، نظافة الشوارع تدق فيها وسائل الاعلام التونسية طبول التوعية والتوجيه بكل كلمة ولسان وصورة ولا تترك للسان الدين فرصة يقول فيها كلمة مثل هذه الكلمات. لماذا لا يقال للمسلمين والمسلمات بتونس المسلمة: ان الاسلام دين النظافة ؟ لماذا لا يقال لهم : للجار حق على جاره في الاسلام ؟ أليس من حق الجار على الجار المسلم ألا يلقي فضلات بيته قرب بيت جاره وفي طريق جاره؟ لماذا لا يقال للمسلم والمسلمة في تونس: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (دفع الاذى عن الطريق صدقة ) فكيف يلقي المسلم الفضلات في الطريق وهو يسير بسيارته ؟ وهذا موضوع سلامة الطريق من حوادث السرعة، يقدم باسم التوعية بكل كلمة وكل صورة وكل توجيه ونقد ولكن عنصر الدين يغيب لماذا؟ لماذا يغيب وفي الدين كلام وتوجيه يؤثر في المسلم ؟ لماذا لا يقال لصاحب السيارة: إن الذي يسرع بسيارته ويخالف في السرعة حدود القانون يعلم علم يقين أن سرعته قد تتسبب في حادث قاتل ؟ لماذا لا يقال له باسم الدين : ان الذي يسرع بسيارته ويقتل إنسانا يعتبر قاتل عمد ومن قتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم ؟ قد يقول قائل: إن التوجيه الديني مكانه المسجد ومنبر صلاة الجمعة، وأنا أقول: هذا صحيح ولكن هل يضر أن يقدم التوجيه الديني في المسجد وفي وسائل الإعلام المسموعة والمرئية؟ أليس في التوجيه والوعظ بين كلمتي المدني والديني ما ينفع ويؤثر أكثر؟ أسأل وأحب أن أفهم.