بقلم الأستاذ: أبولبابة سالم أتفهّم حيرته و قلقه و استياءه ,فما حصل في تونس بعد الثورة يصعب هضمه , فإذا كان عسر الهضم له دواء من الناحية البيولوجية فإنّ الهضم الفكري عسير لأنه يحتاج تغيير العقليات و صفاء العقول و القلوب . أطلّ علينا المحلل الإستراتيجي و زعيم المنابر الإعلامية الذي لا يشق له غبار و فارس التحاليل السياسية نور الدين بن تيشة ليعلن استياءه من مشاركة أنصارحركة النهضة في مسيرة الإتحاد العام التونسي للشغل يوم غرّة ماي و التي كانت نموذجية و احتفل التونسيون بيوم كان بحق يوم الوحدة الوطنية . لقد كنت شاهدا من ساحة محمدعلي إلى شارع الحبيب بورقيبة على مستوى التحضّر الذي بلغه شعبنا العظيم , وتلك المشاهد التي أنعشت قلوب التونسيين وهم يرون كل الفاعلين السياسيين ينسون خلافاتهم و يجتمعون تحت مظلّة الإتحاد العام التونسي للشغل قلعة الأحرار و موطن الثوّار .لقد تخوّف البعض قبل أيام من هذا الحدث لكن حكمة النخبة التونسية بمختلف اتجاهاتها الفكرية و الإيديولوجية كانت هي المنتصرة . هذه الوحدة لا تعجب الذين لا يعيشون إلا على الفتن و الإنقسام بين التونسيين من بعض الطارئين على التحليل السياسي الذين لا ندري كيف جاءت بهم الأقدار و لا يمتلكون الحدّ الأدنى من المهنيّة في إعلام اختار السباحة ضدّ التيار الشعبي الجارف و العيش على الجروح النازفة و صناعة الفتن و كان وصمة عار على ثورة الشعب التونسي . لقد ذكر بن تيشة أنّ عيد الشغل هو عيد اليساريين و مشاركة النهضة هو نوع من النفاق. قال السابقون , إن كنت تعلم فتلك مصيبة و إن كنت لا تعلم فالمصيبة أعظم .هذا المحلل و الذي بتحليله هذا أثبت لنا مرة أخرى أنّه من فلتات المكان و الزمان و قد لا يدري تداعيات هذه التصريحات و خطورتها { و لو أنّ الجميع يدرك تفاهتها و سذاجتها و لا يحملها العاقلون على محمل الجدّ ولذلك أدرجناها في ركن الطرائف فالتسلية ضرورية حتى من باب الترف الفكري} فهو يهدد وحدة الشغالين و قد ينفرط عقد الإتحاد فيصبح لنا إتحادا لليساريين و آخر للإسلاميين و ثالث للقوميين و ... قال الرسول عليه السلام :" إنما شفاء العيّ { الجهل } السؤال". فقد يفعل الجاهل بنفسه ما لا يفعله العدوّ بعدوّه , فهلاّ علم السيد بن تيشة أنّ وثائق وزارة الخارجية الفرنسية "كي دورسي"ووثائق الإقامة العامة الفرنسية بتونس التي جمعت بمدينة "نانت" الفرنسية التي تناولت الحركة النقابية بتونس خلال سنتي 1946 و 1947 و هما السنتان اللتان كان فيهما الشيخ الزيتوني الفاضل بن عاشور رئيسا شرفيا { مدى الحياة }للإتحاد العام التونسي للشغل باقتراح من الزعيم الوطني الخالد فرحات حشاد و كشفت هذه الوثائق عن حقيقة مكانته و أعماله و نشاطاته و كيف فتح أبواب الخلدونية للمؤتمر التأسيسي للإتحاد العام التونسي للشغل و ذلك عندما أراد الزعيمان استقلال المشروع النقابي و السياسي الوطني . أفلا يعلم هذا المحلل البارع أنّ الشيخ عبد العزيز الثعالبي هو مؤسس الحزب الحر الدستوري سنة 1920 و أنّ الزعيم النقابي محمد علي الحامي { وهو من خريجي الزيتونة }هو مؤسس جامعة عموم العملة سنة 1924 .,و الحديث يطول ... أقول في الختام لمن يعيش على الإستقطابات الإيديولوجية و الثنائية القطبية و لم يفهموا إلى اليوم رسالة الشعب التونسي من 17 ديسمبر 2010 إلى 23 أكتوبر 2011 : لقد فاتكم القطار بعد أن ملّ الإنتظار . و عاش الإتحاد العام التونسي للشغل . في حديث الساعة: محلّل سياسي و فحّام