بقلم الأستاذ أبولبابة سالم الحضور الإعلامي لسمير بالطيب لا يعكس الحضور الميداني لحزبه حركة التجديد و الذي تحوّل إلى المسار الإجتماعي بعد إئتلاف ضمّ كذلك حزب العمل التونسي و ما تبقى من القطب الحداثي. من المعلوم أن نتائج حزب السيد سمير بالطيب في انتخابات 23 أكتوبر 2011 كانت فضيحة حقيقية , فهل يعقل لحزب عمره أكثر من 90 سنة أن يتحصّل على مقعدين في المجلس الوطني التأسيسي . طبعا لم يستغل صاحب الحظ في الحضور الإعلامي { و سنشرح أسباب ذلك } مسبّبات هذه الهزيمة المذلّة و التي من أسبابها الرّئيسية الخطاب السياسي المتعالي لحزبه و عدائه لهويّة الشعب بدعوى حرية التعبير و عدم احترامه للمقدّسات التي وقع انتهاكها أكثر من مرّة خاصة بعد عرض فيلم " برسيبوليس" أو رسوم العبدلية و سابقا فيلم المتصهينة نادية الفاني " لا ربي لا سيدي "فقد كانت مواقف حزبه مؤيّدة لكل هؤلاء فكان العقاب سريعا له و لكل من استخفّ بمقدّسات الشعب التونسي. لم أسمع مرّة سمير بالطيب يتحدّث عن أسباب فشل خطاب حزبه السياسي و عدم وصوله إلى عموم الناس و لا عن نقد ذاتي لتصحيح المسار , و قد رأينا السيد عادل الشاوش وهو من قيادات التجديد ينادي بعد الإنتخابات باستقالة القيادة التي أوصلت الحركة إلى الهزيمة وهو سلوك كل قيادات الأحزاب التي تحترم نفسها في كل الدول العريقة في الديمقراطية لكن الجماعة صمّوا آذانهم وواصلوا و رفضوا التجديد { رغم أنهم من حركة التجديد } فجاذبية المناصب و الوقوف أمام الكاميرا له سحره أما الكلام عن التداول فكلام إنشائي لا غير . كلام السيد سمير بالطيب الذي لم نسمع عن تاريخه النضالي و معاناته في سنوات الجمر كما حصل للمناضلين من مختلف التيارات السياسية ينحصر في شيئين لا ثالث لهما : انتقاد النهضة أو الترويكا . و عند حديثه تسمع نبرة عالية و عنيفة و عندما ترى قسمات وجهه وهو يتحدّث تلاحظ التوتر , فهو الذي يدّعي أنّ المعارضة توجد بها كفاءات لا توجد في الحكومة وهو من حقّه ولكن هذه الكفاءات لم يخترها الشعب . منذ أن أعلن السيد الباجي قايد السبسي إحداث كيان حزبي باسم " نداء تونس " ارتمى سمير بالطيب في أحضان هذا الكيان السياسي الجديد و الذي جمع فيه التجمعيين و الدستوريين و اليسار الإنتهازي و الفرنكفوني فالمهم بالنسبة لديه هو الوقوف ضدّ النهضة ذات المرجعية الإسلامية و محاربتها , و قارنوا مثلا بين موقف جماعة التجديد و موقف المناضل حمّة الهمامي من مبادرة قايد السبسي لتعرفوا الإنتهازي و صاحب المبادئ . لقد أعلنها الناطق الرسمي باسم المسار و جماعة" نداء تونس" لم يصلوا بعد إلى منازلهم بالتأكيد على أنّ الجميع سينضمّ لمبادرة الباجي قايد السبسي . و تلا ذلك انسحابات عديدة من المسار الإجتماعي للإنضمام إلى نداء تونس و منهم القيادي بوجمعة الرميلي لتعرفوا متانة الإلتزام الحزبي لجماعة التجديد , و في حوار ساخن لاحظ الجميع كيف انتقد السيد حمّة الهمامي سمير بالطيب حول الهرولة لنداء تونس قائلا له :" استغرب لأمركم فتقولون أنكم يساريون ثم تنضمّون إلى حزب ذو توجّهات ليبرالية متوحّشة " فصمت سمير بالطيب عن الكلام المباح. يقول المناضل" الشرس" سمير بالطيب أنّه مع ائتلاف مدني ضدّ النهضة ذات المرجعية الإسلامية التي يدّعي الإنتماء إليها في الظاهر و خلف الكاميرا , و لكن قد أجد له عذرا لأنّ الإنتخابات القادمة لن تكون وفق قاعدة الكسور الإنتخابية و أكبر البقايا التي جمعت الغثّ و السمين في المجلس الوطني التأسيسي بل وفق التمثيل الحقيقي الذي يدرك جيدا أنّه لا يملك منه شيئا لذلك يبحث عن أي منفذ أو كيان سياسي خوفا من الإندثار السياسي له و لحركته . لقد بتّ أخشى عليه من فوبيا النهضة و الإسلام لما له من أعراض خطيرة و بن علي كان له هذا الهاجس و الجميع يعلم نهايته رغم امتلاكه لكل أدوات العنف و الإعلام . قلت في البداية أنّ الحضور الإعلامي لسمير بالطيب ذو التوجهات اليسارية الفرنكفونية له أسبابه فقطاع الإعلام الذي كان وصمة عار على جبين الثورة تسيطر عليه النخبة اليسارية الفرنكفونية الإنتهازية التي وظّفها بن علي في إطار سياسة تجفيف المنابع الدينية و قمع الحركة الإسلامية و كانت الغطاء الإعلامي و الثقافي لسياسته فلا غرابة أن يكون أغلب ضيوف المنابر الإعلامية من هذا التيار , لذلك هم يقفون بشدّة ضدّ كل المحاولات لإصلاحه ووصله بركب الثورة .