صدر مؤخرا للكاتب التونسي عادل السمعلي كتاب معالم الثورة التونسية المضادة الإعلام نموذجا وهو كتاب يحتوي على مجموعة من المقالات نشرت في الصحافة التونسية والعربية الورقية والالكترونية تتمحور حول دور الإعلام التونسي بعد الثورة في بث الرعب والبلبلة وخلق الفزاعات الوهمية لوأد الثورة وتثبيط العزائم حتى يندم الشعب على خلعه للرئيس الهارب ولإيهام عامة الناس أن الثورة خراب في خراب وأننا كنا في العهد السابق في نعيم ورخاء وإستقرار لبث مشاعر الحنين والتأسف على فرار عصابة اللصوص. ويخلص الكاتب إلى أن الاعلام بعد الثورة في أغلبه يتبع خطة ومنهجية تحريرية يقودها فلول التجمع وحلفاؤهم لإجهاض الثورة وبث اليأس لدى الشعب التونسي، وذلك تحت قيادة موحدة وتعليمات فوقية لبث الفوضى والانفلات الامني بتعمده بث ونشر الأكاذيب والاشاعات وتزوير الحقائق واللعب على الفزاعات الوهمية ومن وحي الخيال. ويشير الكاتب إلى تباكي فلول إعلام المخلوع على حرية الصحافة والرأي والتعبير وقيامهم باضراب عام لاول مرة في تاريخ الصحافة التونسية في حين أنهم يتمتعون بهامش من .الحرية الصحفية لم يتمتعوا بها بتاتا منذ الاستقلال. ويركز الكاتب على الجانب الاقتصادي ليضع النقاط على الحروف في مسألة إستهداف الاعلام للإقتصاد التونسي بهدف إنهاكه وتدميره لغايات سياسية وذلك بإستهداف السياحة وقطاع الفسفاط والصناعات التصديرية وتخويف المستثمرين المحليين والأجانب من الاستثمار في تونس مما أضعف مخزون إحتياطى العملة الأجنبية وساهم في تراجع قيمة الدينار التونسي. ويقول الدكتور المؤرخ محمد ضيف الله في تقديمه للكتاب إن المتابع للشأن الوطني يتذكر أن أعداء الثورة قد سدّوا على أنفسهم الأبواب في الأيام والأسابيع الأولى من الثورة، ثم بدؤوا يتحسسون ملابسهم ويفتحون نوافذهم، ثم بدؤوا يتواصلون ثم شرعوا في إعادة تنظيم صفوفهم. وها هم اليوم يتحركون على كل الواجهات تقريبا، يخططون ويمولون ويأمرون وينفذون، وتتحرك وحداتهم القتالية في تناغم تام. يظهرون هنا على الشاشات كخبراء ومحللين، وينتشرون هناك في جنح الظلام يخربون، وها هي أعمالهم تشير إليهم، كما لو أنها تصدر عن زر واحد. ومع ذلك فقليلون هم من يشيرون إليهم. ومن هذه الزاوية تحديدا تأتي أهمية هذا المؤلَّف الذي خصصه الصديق عادل السمعلي لتعرية معالم الثورة المضادة، إذ لا يصعب على القارئ أن يلمس فيه المناضل المنافح من أجل فكرته والمكافح من أجل انتصار الثورة ودحر أعدائها ودحض أطروحاتهم والكشف عن مخططاتهم وعن وجوههم. ولذلك فقد حرص في كتابه هذا على كشف معالم الثورة المضادة في جوانبها الإعلامية والسياسية والاقتصادية والإدارية وغيرها. وبالفعل فللثورة المضادة شبكاتها وعلاقاتها الداخلية والخارجية، ولها رجالها وأموالها وجنودها وقلاعها، ولها عدتها وعتادها، فليس من السهل لمنظومة استمرت في الأشتغال لأكثر من نصف قرن أن تنزاح عن مواقعها أو تترك مصالحها ومكاسبها بين ليلة وضحاها. وإن هذا الكتاب يعتبر دعوة إلى العودة إلى الثورة في أصالتها ومن أجل استعادة عنفوانها. وهو شهادة حية على لحظات حرجة من عمر الثورة التونسية.