ائتلاف صمود يدين اختطاف سفينة حنظلة من طرف الإحتلال..    حادث نيجيريا: فريال شنيبة تعود إلى تونس وتُنقل إلى المركز الوطني للطب الرياضي    فيديو: في وداع الرحباني.. ماجدة الرومي تبكي عند أقدام فيروز    وزارة الصحّة : الاتفاق على إحداث لجنة وطنية للصحة الدماغية    توفير رصيد عقّاري لإنجاز مشاريع عمومية محور اجتماع اللجنة الوطنية الاستشارية للعمليات العقارية بوزارة أملاك الدولة .    الكاف: مشاريع الماء الصالح للشرب والبنية التحتية ابرز اهتمامات زيارة ميدانية لبلدية بهرة    بن عروس : زياد غرسة يفتتح الدورة الثالثة والأربعين لمهرجان بوقرنين الدولي    مهرجان الحمامات الدولي: فرقة "ناس الغيوان" تنشد الحرية وتستحضر قضايا الإنسان وصمود فلسطين    عاجل/ السيسي يوجه "نداء" إلى ترامب بشأن حرب غزة..وهذا فحواه..    صفقة القرن: تسلا تتحالف مع سامسونغ في مشروع بالمليارات !    مشروع قانون جديد يُتيح الكراء المملّك لملايين التونسيين    تشري ماء الي يتباع في الكميون؟ راجع روحك!    مونديال أصاغر لكرة اليد: برنامج مقابلات المنتخب الوطني في المسابقة    تونس: لحوم مورّدة بأسعار مدروسة: 38,900 د للضأن و37,800 د للأبقار في الأسواق التونسية    بطولة بورتو للتنس : معز الشرقي يفوز على البرتغالي ديوغو ماركيس ويتاهل الى الجدول الرئيسي    عاجل/ بطاقة إيداع بالسجن في حق مغني الراب "علاء"..وهذه التفاصيل..    في بعض الحالات...تحاليل المخدرات تشمل ركاب السيارة ...تفاصيل!    تفاصيل مهمة بشأن الزيادة في أسعار بعض الأدوية والتخفيض في أدوية أخرى    إيران تعلن إحباط مخطط يتزعمه الأمير بهلوي لإسقاط النظام    "فقد لا يُعوّض إنسانياً وفنياً".. هكذا تنعي ميادة الحناوي زياد الرحباني    اختتام مهرجان سيدي حمادة.. ختامها مسك مع رؤوف ماهر ويوم العلم النقطة المضيئة    فيلم "عائشة" لمهدي البرصاوي يفوز بجائزة أفضل فيلم روائي طويل خلال الدورة 46 من مهرجان دوربان السينمائي الدولي بجنوب إفريقيا    وفد من الهيئة العليا المستقلة للانتخابات يشارك في ملاحظة الانتخابات البلديّة بفنزويلا    عاجل/ بشرى سارة لمتساكني الضاحية الجنوبية للعاصمة..    عاجل: إحباط محاولة تهريب كمية من الأدوية إلى بلد مجاور بمعبر الذهيبة..    اليوم 28 جويلية: رد بالك تعوم في البلاصة هاذي !    عاجل: انطلاق إرسال الاستدعاءات الخاصة بعرفاء حرس الحدود...اليك مواعيد الاختبارات    حمام الغزاز: وفاة شاب في اصطدام دراجة نارية بشاحنة خفيفة    أمنية تونسي: نحب نفرح من غير ''لايك'' ونحزن من غير ''ستوريات'' ونبعث جواب فيه ''نحبّك''    تحطّم طائرة عسكرية تابعة للجيش المغربي    المحيط القرقني يكشف عن تعاقداته في المركايو الصيفي    تحس روحك ديما تاعب؟ ممكن السبب ما تتصوروش    التونسي محمد عياط يُبدع ويتوّج بذهبية إفريقيا في الكوميتي وزن -60 كغ    ريال مدريد يشعل الميركاتو: نجوم كبار على باب الخروج وصفقات نارية في الطريق!    ''جواز سفر في نصف ساعة'': وزارة الداخلية تعزز خدماتها للجالية بالخارج    وزارة الداخلية تكشف عن جملة من الخدمات متوفّرة للتونسيين بالخارج..    سحب رخصة السياقة يعود بقوة...وقانون الطرقات الجديد يدخل حيز التنفيذ قريبًا!    عاجل/ هاتفا "الموت لترامب..الله أكبر": مسافر يهدد بتفجير طائرة..    تحذير من وزارة الصحّة: التهاب الكبد يهدّد التوانسة في صمت!    الجولة القارية الفضية لألعاب القوى بألمانيا: رحاب الظاهري تنهي سباق 2000 متر موانع في المرتبة السادسة    مفزع/ 30 بالمائة من الشباب يقودون السيارات تحت تأثير الكحول..!    عاجل/ بلاغ هام للتونسيين من "الصوناد"..    تنبيه هام لمستعملي هذه الطريق..#خبر_عاجل    نابل: إنتاج الكروم المعدّة للتحويل يتجاوز 17 ألف طن رغم تراجع المساحات    محمد عزيز العرفاوي يهدي تونس أول ميدالية ذهبية في الألعاب الإفريقية المدرسية    تركيا: حرائق الغابات تقترب من رابع أكبر مدينة في البلاد    محمد عساف في مهرجان قرطاج: "هنا نغني كي لا نصمت، نغني كي لا تنسى غزة"    تتغيب عنه الولايات المتحدة.. المؤتمر الدولي لتسوية القضية الفلسطينية ينطلق في نيويورك بمشاركة واسعة    تحذيرات من البحر: حالتا وفاة وشاب مفقود رغم تدخلات الإنقاذ    طقس اليوم.. درجات الحرارة في ارتفاع طفيف    تاريخ الخيانات السياسية (28).. نهاية بابك الخُرّمِي    استراحة صيفية    صيف المبدعين ..الكاتب سامي النّيفر .. حقول اللّوز الشّاسعة وبيت جدّي العامر بالخيرات    تحذير    اليوم: غلق نفق محول بئر القصعة    مختصة: التغذية المتوازنة تقي من الإصابة بعدد من الأمراض النفسية..    عاجل/ التحقيق مع أستاذة في الفقه بعد اصدار فتوى "إباحة الحشيش"..    يوم غد السبت مفتتح شهر صفر 1447 هجري (مفتي الجمهورية)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



طبخة الحصى في طنجرة بورقيبة
نشر في ديما أونلاين يوم 30 - 03 - 2012


نور الدين العلوي*
كم بودي أن أقول «قِدْر بورقيبة» حيث تطبخ الوجبات الألذ في القدور الأقدم. لكني أفضل الحديث عن طنجرة بورقيبة. فالطنجرة أداة من أدوات الحداثة والصناعة. جاءت بعد التعدين المتقدم فهي لا بد تقدمية على خلاف القدر التي تعود إلى عصر الطين فهي رجعية جِبِلَّةً.
المنستير أو طنجرة بورقيبة حيث اجتمع لفيف من السياسيين المخضرمين اسميها «طبخة حصى في طنجرة الحداثة». طبخة جمعت مرجعيات غير قابلة للجمع إلا إذا كانت الوجبة غير قابلة للأكل. ولقد ذكرت حينها أني أكلت دهرا طويلا من طنجرة بورقيبة ولم أتغذَّ. فقد كانت الطبخة من حصى غريب فلما رأيت الاجتماع وسمعت غليانها..تذكرت ويقنت أن من «يغلي الطنجرة» يعد لنا وجبة من حصى. وهذه الملاحظات البسيطة لطباخي الحصى. خلاصتها، رغم أني منذور بوجبة واحدة ذات طعم زاهد فاني «لن آكل عندكم».
في نفس الوقت الذي اجتمع فيه اللفيف المتناقض حول تراث بورقيبة زاعمين انه تراث تونس الحداثة والدولة والجمهورية حصروا الأمر في مدينته وأسرته وضريحه بما صغر الزعيم الافتراضي إلى عمدة صغير في قرية لم يكن لها وجود لولاه. بما أبقاهم في براديقم بورقيبة نفسه.إن لم يكن هو الدولة ومدينته العاصمة الفعلية فلا دولة ولا شعب. لقد ظهروا فعلا عاجزين عن الخروج من جلباب الأب وتجاوز تصوراته المتمركزة على الذات بما جعلهم أيتاما يزورون قبر الأب «الولي الصالح». لكن اللفيف لم يكن متجانسا بما يجعل زوار الضريح اجتمعوا لغير غاية تقديس الأب الولي.
ننظر فنرى محمد الكيلاني إلى جانب محمد الصياح فنجد ما يثير الخبل إلا أن يكون الخطاب القديم لأحدهما كذبة عارية فإما أن الصياح كان ديمقراطيا أو أن الكيلاني ليس يساريا.
ثم ننظر فنجد إلى جانبهما السيد نجيب يتحدث بلسان بورقيبي فكان لا بد من طرح السؤال عن أيهما غير أفكاره فقبله الآخر. هل غير بورقيبة أفكاره لينسجم مع نجيب أم طور نجيب أطروحته فعاد إلى ما قبل معارضته لبورقيبة. بما أن الزعيم لم يعد قادرا على الكتابة فلا شك أن المراجع قد تراجع وفي ذلك تواضع كبير لكن لعمدة القرية البورقيبية بما يجعل المتراجع أقل من «علي بك التبريزي».
ثم ننظر فنجد السيد مرجان يستعير مجده الجديد من البنية الرشيقة ذات الراية. مجده الدبلوماسي والسياسي والاممي لم يكن كافيا.ليخفي حكاية جوازات السفر الحمراء بعد الثورة. فاستعار كبدا حرى لكبد ذات قروح. فشوه الفتاة ولم ينظف. ما الذي يجمع وزيرا لبن علي مع معارضين مزمنين لبن علي من أمثال الشابي والكيلاني. أحدهم غير رأيه. ولم نسمع من مرجان أو الصياح أو الأربعين زعيم حزب (يا لصدف رقم الأربعين إذ يجتمعون على مستقبل البلد ثانية) نقدا ذاتيا و تبرأ عقلانيا من مرحلة بن علي. لم نطمع في اعتذار لكن بعض الاعتراف بالخطأ كان بابا حميدا لغض الطرف والتجاوز) إذن متسولو السلطة الجدد يستعيرون قوة افتراضية لقاذورات بن علي علَّهم يرتقون بها إلى بعض المجد. لكن الرائحة فاحت.
ثم يحل النسر المجنح أطال الله بقاءه في الأرض سيدنا الباجي ليشرف على الجمع ويهديه السبيل. علم من أعلام السياسية البورقيبية «مطيح في السياسة» ولا أعني طقم الأسنان فالأعمار بيد الله. وزير محترف. كل الحنكة والمراس ليقود جمعا تجانس فجأة كأنما مسح تاريخه أو أعيد تشغيله ببرمجية مختلفة مسحت ذاكرته. ليضعوا جميعهم برنامج عمل للمستقبل.
ما خطوط هذا البرنامج؟
* يساري على هوى الكيلاني أم يميني على هوى مرجان وجغام ؟
* ديمقراطي على هوى نجيب أم ميليشوي على هوى الصياح؟
* بلدي من الحاضرة على هوى الباجي أم ساحلي على هوى (البلاد بلادنا والرئيس رئيسنا) ؟
* وطني على هوى الجمهورية أم جهوي على هوى المنستير؟
* تعددي على هوى تونس بعد الثورة أم تجمعي على هوى الفلول التي لم تملا القاعة إلا بحيل الفوتوشوب ؟
هذا الجمع لم يجمع لتونس لقد اجتمع ضد السلطة القائمة وبالتحديد ضد حزب النهضة. فقدم له خدمة جليلة إذ شوه فحم التجمع جبة السيد نجيب.وعبثت عصا الصياح بنضالية الكيلاني. فيما أعادت خولة إلى الشبيبة التجمعية. واستعيد هنا مجاز طبخة الحصى لقد أكلها طابخوها. في طنجرة بورقيبة المتفحمة بمجد محمد الصياح ولجان اليقظة. وأيقظت حذر الجهات التي طالما أخذت المنستير من ميزانيتها لتزدهر.
لقد أثار مؤتمر الخليط والفلول في المنستير بعض الريبة والتخوف من عودة التجمع بغلاف غير غلافه مستعيرا كثير من الشجن الذي يثيره اسم بورقيبة لدى الكثير وأوحى لبعض الشعب التجمعية المتخفية عن النخب في الأرياف باحتمال عودة قيادة سياسية متماسكة تجمع الفلول وتعيد بناء الماكينة لكن أورد هنا أسئلة طرحها بحضوري رئيس شعبة قديم يحب بورقيبة ويكرهه بنفس القدر.
لماذا بقي تراث بورقيبة سجينا في القصر لمدة سنة (2011) فلم يخرجه لا المبزع ولا الباجي حتى جاء منصف المرزوقي (المحسوب في أعداء بورقيبة) ليفعل ذلك ويؤسس متحف بورقيبة. ألم تحملهم أرجلهم حتى من قبيل الفضول إلى كواليس القصر ليعثروا صدفة في هذا المخبوء من التاريخ؟
لماذا يعيد البورقيبيون مجد المنستير المصطنع على حساب بقية المناطق وهم الذين أسسوا للجهوية بعد أن فككوا بني القبائل بدعوى تأسيس الجمهورية؟ هل نسي المساترية ما دفعنا لهم لكي يبنوا مدينتهم على حساب بلدياتنا؟ قال الدستوري القديم (ما صدقنا ارتحنا من المنستير باش يرجعوها لنا؟).
بصيغة فهمت منها إذا كان بورقيبة زعيما لتونس و يشكل جزء مكينا من تاريخها فان الذين اجتمعوا في المنستير ليسوا أبناءه الشرعيين. وما تنافرهم في التاريخ والفكر والممارسة إلا دليلا على أنهم حصى يغلي لوجبة كاذبة في طنجرة بورقيبة أو في القدر الفخاري الذي صنع لشربة تونسية لذيذة ليسوا هم من طباخيها.
اختصر القول:
* لم يمنح اللقاء لفلول التجمع قيادة ولا أحلافا قوية يعتمد عليها لترميم وجودهم وهم الذين يعرفون قبل غيرهم أنهم كانوا يكملون الوجبة بعصا الداخلية وأموال الإدارة وقد خرجت من أيديهم فلا عصى لديهم الآن ولا جزر.
* شوهت فلول التجمع بسوء طويتها السياسية رجالا نختلف معهم في الفكر والسياسة ولكننا لم نشك أبدا في ذمتهم وأخلاقهم ووطنيتهم لقد اتسخ سي نجيب بفحم التجمع وهو أمر مؤسف.أما الكيلاني الفقير في كل شيء فقد ازداد فقرا.
* لقد حرر يوم الوفاء لبورقيبة بورقيبة من مدعيه ليعيده إلى التوانسة الذي سيختصمون فيه أبدا فيصعدونه نبيا مرة ويلعنونه شيطانا أخرى، لكنه سيظل جزءا من ذاكرتهم وتاريخهم. أما أصدقاؤنا في المنستير الذي يصرون على تملكه كأصل تجاري فإنهم منتهون إلى جعل مدينتهم جزيرة صغيرة لا تتمتع بالتنفيل الجهوي في التوجيه الجامعي وسيقتحمها عليهم العربان.
* بعد مؤتمر المنستير يحق لأصدقائنا في النهضة أن يرخوا أشرعتهم.الريح مواتية لحكم الحزب الواحد. يبدو أن قِدرهم أقدر على الطبخ من طنجرة بورقيبة. كل روافد معارضتهم تصب في نهرهم. فإن لم يغتنوا بذكائهم فسيكفهم غباء من يعارضهم. فتونس كانت بلاد الحد الأدنى.
* جامعي و روائي تونسي مستقل


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.