عاجل : هجوم إسرائيلي على أهداف في العمق الإيراني    فرنسا: إصابة فتاتين في عملية طعن أمام مدرسة شرقي البلاد    الأندية المتأهلة إلى نصف نهائي الدوري الأوروبي    سلطنة عمان: ارتفاع عدد الوفيات جراء الطقس السيء إلى 21 حالة    اللجان الدائمة بالبرلمان العربي تناقش جملة من المواضيع تحضيرا للجلسة العامة الثالثة للبرلمان    منبر الجمعة .. الطفولة في الإسلام    خطبة الجمعة..الإسلام دين الرحمة والسماحة.. خيركم خيركم لأهله !    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    تم جلبها من الموقع الأثري بسبيطلة: عرض قطع أثرية لأول مرّة في متحف الجهة    خلال الثلاثي الأول من 2024 .. ارتفاع عدد المشاريع الاستثمارية المصرّح بها    دعوة إلى مراجعة اليات التمويل    جوهر لعذار يؤكدّ : النادي الصفاقسي يستأنف قرار الرابطة بخصوص الويكلو    ضروري ان نكسر حلقة العنف والكره…الفة يوسف    عاجل/ بعد "أمير كتيبة أجناد الخلافة": القبض على إرهابي ثاني بجبال القصرين    عاجل/ هيئة الدفاع عن الموقوفين السياسيين: اللّيلة تنقضي مدّة الإيقاف التحفّظي    وزير الدّاخليّة يشرف على موكب إحياء الذكرى 68 لعيد قوّات الأمن الدّاخلي    ارتفاع عائدات صادرات زيت الزيتون بنسبة 82.7 بالمائة    وزير الصحة يشدّد على ضرورة التسريع في تركيز الوكالة الوطنية للصحة العموميّة    توزر.. افتتاح الاحتفال الجهوي لشهر التراث بدار الثقافة حامة الجريد    سوسة: الاستعداد لتنظيم الدورة 61 لمهرجان استعراض أوسو    تخصيص حافلة لتأمين النقل إلى معرض الكتاب: توقيت السفرات والتعريفة    أنس جابر خارج دورة شتوتغارت للتنس    طبربة: إيقاف 3 أشخاص يشتبه في ترويجهم لمواد مخدرة في صفوف الشباب والتلاميذ    نقابة الصحفيين التونسيين تُدين الحكم بالسجن في حق بُوغلاب    سيدي بوزيد.. تتويج اعدادية المزونة في الملتقى الجهوي للمسرح    الرصد الجوّي يُحذّر من رياح قويّة    عاجل/ محاولة تلميذ طعن أستاذه داخل القسم: وزارة الطفولة تتدخّل    محمود قصيعة لإدارة مباراة الكأس بين النادي الصفاقسي ومستقبل المرسى    بعد حلقة "الوحش بروماكس": مختار التليلي يواجه القضاء    عاجل : هجوم بسكين على تلميذتين في فرنسا    كأس تونس لكرة القدم: تعيينات حكام مقابلات الدور السادس عشر    حملات توعوية بالمؤسسات التربوية حول الاقتصاد في الماء    جلسة عمل مع وفد من البنك الإفريقي    شاهدت رئيس الجمهورية…يضحك    انخفاض متوسط في هطول الأمطار في تونس بنسبة 20 بالمئة في هذه الفترة    حيرة الاصحاب من دعوات معرض الكتاب    عاجل/ فاجعة جديدة تهز هذه المنطقة: يحيل زوجته على الانعاش ثم ينتحر..    أبطال أوروبا: تعيينات مواجهات الدور نصف النهائي    عاجل/ تلميذ يطعن أستاذه من خلف أثناء الدرس..    بوركينا فاسو تطرد 3 دبلوماسيين فرنسيين لهذه الأسباب    عاجل : نفاد تذاكر مباراة الترجي وماميلودي صانداونز    هام/ تطوّرات حالة الطقس خلال الأيام القادمة..#خبر_عاجل    الحماية المدنية: 9 حالات وفاة خلال ال24 ساعة الأخيرة    غادة عبد الرازق: شقيقي كان سببا في وفاة والدي    زلزال بقوة 6,6 درجات بضرب غربي اليابان    قيس سعيد : ''تونس لن تكون أبدا مقرا ولا معبرا للذين يتوافدون عليها خارج''    في انتظار قانون يحدد المهام والصلاحيات.. غدا أولى جلسات مجلس الجهات والأقاليم    اجتماعات ربيع 2024: الوفد التونسي يلتقي بمجموعة من مسؤولي المؤسسات المالية الدولية    ضربة إسرائيل الانتقامية لايران لن تتم قبل هذا الموعد..    سيدي بوزيد: حجز مواد غذائية من اجل الاحتكار والمضاربة بمعتمدية الرقاب    مصر: رياح الخماسين تجتاح البلاد محملة بالذباب الصحراوي..    وزير الصحة يشدد في لقائه بمدير الوكالة المصرية للدواء على ضرورة العمل المشترك من أجل إنشاء مخابر لصناعة المواد الأولية    توزر: المؤسسات الاستشفائية بالجهة تسجّل حالات إسهال معوي فيروسي خلال الفترة الأخيرة (المدير الجهوي للصحة)    الكاف: تلقيح اكثر من 80 بالمائة من الأبقار و25 بالمائة من المجترات ضد الأمراض المعدية (دائرة الإنتاج الحيواني)    "سينما تدور": اطلاق أول تجربة للسينما المتجولة في تونس    وزير الصحة يعاين ظروف سير العمل بالمستشفى الجهوي بباجة    جراحة فريدة في الأردن.. فتحوا رأسه وهو يهاتف عائلته    موعد أول أيام عيد الاضحى فلكيا..#خبر_عاجل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بؤس عام، عنصرية الأعراف الأجانب وشعور حاد بالظلم، عوامل أساسية نمّت الرغبة في
ندوة فكرية متميزة للاحتفال بذكرى تأسيس الاتحاد (2/1):
نشر في الشعب يوم 30 - 01 - 2010

تميّز الاحتفال هذه السنة بذكرى تأسيس الاتحاد العام التونسي للشغل بنشاط نوعي لافت للانتباه تمثل في تنظيم ندوة فكرية تم خلالها الاستماع الى محاضرين مختصين في تاريخ تونس عامة وتاريخ الحركة الوطنية التونسية خاصة ومن ضمنه تاريخ الاتحاد العام التونسي للشغل، كما تم الاستماع الى شهود على العصر من بين من عايشوا تلك الفترة.
ولأن تاريخ الاتحاد كل لا يتجزأ، فقد وقع الانتباه الى ضرورة ان يقع التطرق الى احداث 26 جانفي 1978، باعتبارها محطة مفصلية في تاريخ الاتحاد والبلاد، وفي هذا الصدد وقع الاستماع الى ثلاثة شهود متميزين على تلك الاحداث:
الأول هو الاخ خير الدين الصالحي الامين العام المساعد للاتحاد انذاك باعتباره المساعد الاول للأمين العام الاخ الحبيب عاشور وباعتباره بادر هو الآخر بالاستقالة من عضوية اللجنة المركزية للحزب الدستوري.
الثاني هو الاستاذ منصور الشفي عميد المحامين سابقا، صديق النقابيين، محاميهم ومحامي الاتحاد وفارس الدفاع عنهم في كل القضايا التي أثيرت ضدهم وضد الاتحاد.
الثالث هو الاستاذ محمد الناصر وزير الشؤون الاجتماعية من جانفي 1974 الى ديسمبر 1977 ومن مارس 1980 الى ديسمبر 1985، والذي ربطته دوما علاقات جيدة مع الاتحاد والنقابيين وأمكن تحت اشرافه امضاء العشرات من القوانين الاساسية والعقود المشتركة.
ونظرا لطول المادة المقترحة في هذا الاطار، ننشر في هذا العدد الجزء الاول من الندوة، على ان ننشر الجزء الثاني في العدد القادم.
انطلقت أشغال اليوم الاول بجلسة أولى ترأسها الاخ المولدي الجندوبي الامين العام المساعد المسؤول عن القطاع العام واستمع فيها الحاضرون الى مداخلتين الاول للاستاذ المحاضر عميرة علية الصغير الباحث في المعهد الوطني لتاريخ الحركة الوطنية، أما الثانية فكانت للأخ محمد كريم باعتباره شاهدا على تأسيس الاتحاد وأحد قيادييه جهويا ووطنيا وخاصة مباشرة اثر استشهاد الزعيم فرحات حشاد.
استهل الاستاذ عميرة علية الصغير محاضرته بعرض مطوّل عن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي سبقت تأسيس الاتحاد العام التونسي للشغل والمجاعة التي شهدتها البلاد آنذاك.
واثر ذلك تطرق المحاضر الى الأوضاع السياسية والعمالية التي ساعدت على انبعاث الاتحاد العام التونسي للشغل فقال:
الاعتراف بحق الممارسة
كانت الطبقة العاملة في تونس في أربعينات القرن الماضي مكوّنة من أوروبيين (فرنسيين، ايطاليين، مالطيين...) ومن عرب مسلمين (جزائريين، مغاربة، طرابلسية) وخاصة من التونسيين الذين يمثلون أغلبية الشغيلة نجدهم خاصة في قطاع المناجم وفي ضيعات المعمرين وفي الموانئ كحمّالة، وفي الاشغال العمومية. وكغيرهم من العمال العرب كانوا يعانون البؤس العام وعرضة للبطالة وخاصة للعنصرية من الاعراف، ومن الميز في الاجور وفي المنح والترقيات وهي ظروف عامة داعية للتمرد على الاوضاع الاجتماعية زادها حدة شعورهم الحاد بظلم الواقع الاستعماري (العمال كبقية التونسيين كانوا واعين بأن وطنهم محتل وفاقد للسيادة وان المعمرين والاستعماريين عامة يعيشون على حساب اهل البلاد ويمارسون العنصرية والاستغلال والاضطهاد ضدهم وان الادارة الاستعمارية من المقيم العام الى المراقب المدني ورجال الامن والقضاء وحتى الادارة كلها في خدمة النظام الاستعماري في تحالف موضوعي او صريح مع عملائهم من التونسيين من »قياد« و »كاهوات« و »مشائخ« من رجال الادارة الاهلية او من الطبقات المستغلة وأكابر البلاد) مما نمى الرغبة عندهم في ارادة التحرر من ربقة رأس المال ومن ربقة الاستعمار ومن هنا أتى الوعي التدريجي بأن لا تحرر اجتماعي الا بتحرر الوطن وانبرت العناصر النقابية تعمل على تكريس استقلالية العمل النقابي الاهلي عن سيطرة الاوروبيين ان كان في النقابات او في الاحزاب المتواجدة انذاك في البلاد (فرعي الحزبين الشيوعي والاشتراكي (SFIO) بالخصوص).
وكانت اعادة الاعتراف بحرية النشاط النقابي في ديسمبر 1943، بعد ان كان محجرا منذ مارس 1941، فرصة للعناصر النقابية لإحياء الحركة النقابية في صلب الاتحاد الاقليمي لنقابة "CGT" (الكنفدرالية العامة للشغل) لينفصلوا عليها في النهاية اثر مؤتمر هذا الاتحاد المنعقد يومي 18 و 19 مارس 1944 بقصر الجمعيات بتونس. ويتحدث المرحوم النوري البودالي احد مؤسسي الاتحاد العام التونسي للشغل، عن هذا الخروج عن النقابة الفرنسية يقول: »وأذكر ان حشاد والحبيب عاشور شاركا في المؤتمر (مؤتمر CGT) لشرح ونقاش الوضع الموجود، الوضع الاجتماعي الذي يسيطر عليه الوضع السياسي الاستعماري والمسألة ليست شخصية تتعلق بفرحات حشاد في الخروج من س.ج.ت وانما كانت معه زمرة تحس بنفس الشيء، في المؤتمر. والتقارير التي قدمت انذاك بعد انتهاء الحرب. بدأ التناحر بين الشيوعيين والاشتراكيين، ليس في النقابة فقط وانما أراد الشيوعيون وبعد التحرير والسيطرة على كل مراكز الضغط ونقاط السلطة (لأن) النقابة كانت (قبل ذلك) تحت الاشتراكيين (وزعيمهم) بوزنكي. طغت على ذلك المؤتمر المزايدات بين الطرفين بينما لم يقع الحديث عن العمال التونسيين وأوضاعهم، (الاجور، الترقيات). وحينئذ شعرنا بأن وجودنا في »س ج ت« كان صوريا فرأينا ان نخرج منها دون ان تكون لنا فكرة او برنامج لتكوين منظمة اخرى. فرحات رجع الى صفاقس ونحن في تونس اصبحنا نتصل بالنقابيين التونسيين وبدأنا شيئا فشيئا حتى قمنا بنقابات مستقلة، فأمطرنا بالتهم والشتائم ومن تلك النقابات المكونة النقابات المستقلة في الجنوب وفي الشمال. فرحات جاء من صفاقس كان هو الشرارة، ومع جامعة المتوظفين اتفقنا على ابراز هذه المنظمة الثلاثية، (شهادة النوري البودالي ضمن اعمال المؤتمر العالمي الأول حول: فرحات حشاد والحركة العمالية والنضال الوطني، مؤسسة التميمي، 2002، ص. 135).
بالفعل كان هذا المؤتمر للاتحاد الاقليمي ل »س.ج.ت« انتصارا للشيوعيين ولم يخسر فيه فقط المسلمون التونسيون (لم ينتخبوا في القيادة) (فرحات حشاد ورفاقه) بل كان الخاسر خاصة الاشتراكيين الفرنسيين بما ان الهيئة الادارية الجديدة المنتخبة سيطر عليها الشيوعيون ب 17 عنصرا على 21 من مجموع اعضائها. وفي الواقع انه من باب التجني في حق الزعيم النقابي فرحات حشاد القول انه استقال من ال »س.ج.ت« لأنه فقط لم يقع انتخابه ضمن قيادتها. نعم ان فشله في الوصول لرأس هذه النقابة الفرنسية كان دون شك فاعلا في عزمه هو ورفاق معه على الخروج من ال »س.ج.ت« لكن دافعهم الاساسي كان قناعتهم بحيف تلك المنظمة ووعيهم ان غاية مسيريها ان كانوا شيوعيين او اشتراكيين هي خدمة الارستقراطية العمالية من الفرنسيين أولا، وثانيا الخضوع للسياسة العامة التي تتبناها الاحزاب اليسارية المهيمنة على النقابة، وكان الحزب الشيوعي انذاك هو المسيطر وقد خرج في نهاية الحرب الحزب الاقوى ضمن القوى الفرنسية لمشاركته الواسعة في مقاومة الفاشية والمحتل الالماني وكان سنوات 1944 1946 يرفع شعارات »الكل من اجل الانتصار« »معركة الانتاج من اجل التحرير« »الوحدة مع فرنسا للتحرر الاجتماعي« لقد ضاعت اذن مصالح التونسيين بين استراتيجيات وأنانيات اليساريين الفرنسيين وأتباعهم في تونس فكان الوعي بضرورة اتباع مسار جديد يخدم امال التونسيين ويضمن مصالحهم.
كان اذن مؤتمر مارس 1944 للاتحاد الاقليمي بمثابة ذاك الدافع والمحرّض الانفصالي بالمعنى العضوي والاجتماعي للعمل النقابي الوطني وترسيخ الكيان وانطلق مسار تكوين النقابات المستقلة حيث وقع في الاول في مارس 1944 حل النقابات التابعة للاتحاد المحلي بصفاقس ورفع راية العمل النقابي المستقل وكان ذلك في الواقع محل رضا من السلط المحلية الفرنسية والاهلية على أمل ضرب النقابات الشيوعية، وتم في 6 نوفمبر 1944 الاعلان عن تكوين مكتب مؤقت ل »اتحاد النقابات المستقلة بالجنوب« على رأسه فرحات حشاد ككاتب عام ومسعود علي سعد كمساعد (صفاقس)، وفي مارس 1945 تكوّن في قابس فرع لاتحاد النقابات المستقلة على رأسه محمود السنوسي وتم في افريل 1945 الاتفاق بين الجامعة العامة للموظفين التونسيين (تأسست سنة 1936 وكان أمينها العام سنة 1945 الصادق الشايبي) واتحاد النقابات المستقلة بالجنوب على توحيد النقابات وبعث مركزية نقابية واحدة للشغيلة التونسية. وفي 6 ماي 1945 تكوّن اتحاد النقابات المستقلة بالشمال (تونس) على رأسه الهاشمي بالقاضي لتتوج هذه الجهود بعقد المؤتمر التأسيسي للاتحاد العام التونسي للشغل في 20 جانفي 1946 بقاعة الخلدونية بتونس العاصمة وقد حضره نواب النقابات العاملة في اتحادي النقابات المستقلة بالجنوب والشمال وجامعة الموظفين وترأسته هيئة مكونة من رؤساء الاتحادات الثلاثة اي فرحات حشاد والصادق الشايبي والهاشمي بالقاضي وحضر المؤتمر وخطّ فيه كذلك الشيخ الفاضل بن عاشور رئيس الجمعية الخلدونية ومحتضن المؤتمر.
من هم المؤسسون؟
واسفر المؤتمر على انتخاب اعضاء المكتب التنفيذي ولا بأس في هذه الذكرى الرابعة والستين لتأسيس الاتحاد من استحضار اسماء هؤلاء المناضلين النقابيين المؤسسين:
فرحات حشاد: (كاتبا عاما) والكيلاني الشريف: (كاتبا عاما مساعدا) والصحبي فرحات: (كاتبا عاما مساعدا) والبشير بن ابراهيم: (أمين مال) والبشير بلاّغة: (أمين مال مساعد) وعبد الوهاب دخيل: (أرشيفي).
وانتخب كأعضاء للمكتب: محمود بن الطاهر والصادق الشايبي، والتهامي عمار وعبد العزيز بوراوي وحبيب عاشور وهاشمي بالقاضي.
وفي لجنة الرقابة انتخب: سالم الشفي، النوري البودالي، محمد الجلولي، محمد الصالح النيفر، وفي لجنة الدعاية اختير: محمد الحلواني وعبد المجيد بن عمر والطاهر الشعبوني. واختار المؤتمر في خاتمة اعماله الشيخ الفاضل بن عاشور كرئيس شرفي للاتحاد والذي سوف يكون له دور كبير في اشعاع الاتحاد وسرعة انتشاره وانغراسه لما قام به من نشاط دعائي وتحركات مثمرة.
رحم الله المؤسسين النقابيين ولتكن للأجيال اللاحقة فيهم العبرة والمنار.
وختم المحاضر بقوله:
تأسس الاتحاد العام التونسي للشغل كأداة للتحرر الاجتماعي وكرديف للعمل الوطني المقاوم بفضل جهد النقابيين الرواد ودعم القوى الحية في المجتمع وخاصة القوى الوطنية في الدستورين القديم والجديد من خارج الاتحاد وضمنه واستطاع في حيز زمني قصير ان يصبح القوة العمالية الاولى ويهمش النقابات الفرنسية ويستقطب منخرطيها من التونسيين. لكن مساره هذا عمده بالتضحيات والدماء ولعل مجزرة اضراب صفاقس في 5 اوت 1947 التي استشهد فيها 29 عاملا واغتيال أمينه العام في 5 ديسمبر 1952 من العلامات البارزة في التضحيات الكثيرة في تاريخه النضالي من اجل التحرر من الاستغلال ومن اجل حرية الوطن وعزته.
أما الاخ محمد كريم فقد اعتبر ان تأسيس الاتحاد يعتبر حدثا عظيما خاصة وانه خاض كفاحا مريرا من اجل التخلص أولا من الهيمنة النقابية الاجنبية والهيمنة السياسية الاجنبية اللتين كانتا جاثمتين على صدور التونسيين جميعا.
وأوضح الاخ محمد كريم انه لا يمكن الحديث عن الاوضاع السياسية السائدة انذاك دون الاشارة الى الدور البارز الذي لعبه الاتحاد، كما أوضح انه التحق بالاتحاد لأول مرة في 20 مارس 1946 من خلال الاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس.
واضاف ان تأسيس الاتحاد اعطى منعرجا حاسما للأوضاع السياسية في البلاد وتاريخها وانه لا يمكن تفسير تأسيس الاتحاد بالاوضاع الاجتماعية والاقتصادية التي كانت سائدة انذاك فحسب بل انه من الضرورة بمكان التوقف عند الاوضاع السياسية والتي كانت سمتها البارزة سيطرة فرنسية عامة على كل مقاليد السلطة. وأضاف ان الجهل كان سائدا في عموم البلاد حيث لا توجد الا المدارس الابتدائية وبعض المعاهد الثانوية، اما التعليم العالي فانه يزاول خارج البلاد وأساسا في فرنسا.
حركة شمولية
وقال الاخ محمد كريم ان تأسيس الاتحاد لم يكن تأسيس حركة نقابية بل حركة شمولية لم تقتصر على الدفاع عن الحقوق المادية والمعنوية للشغالين بل انها اهتمت بالدفاع عن كافة الفئات الشعبية بدليل انه ضم جامعة للبطالين، رأسها المناضل عبد العزيز المستوري، وجامعة قدماء المحاربين ومن ابرز مسؤوليها المناضل مفتاح السميري.
فقد كان وعي المؤسسين متقدما في ذلك العصر وكان عملهم يتعدى الدفاع عن الشغالين ليشمل كافة الطبقات الاجتماعية.
ومن هؤلاء أذكر المرحوم عبد العزيز بواروي الذي كان كاتبا عاما نقابة الصحة في صفاقس قبل تأسيس الاتحاد، تلك النقابة التي كانت منتمية الى »سي/ج/تي« الفرنسية ثم اصبح كاتبا عاما لنقابة الصحة المستقلة ثم كاتبا عاما للنقابة نفسها وأمين مال الاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس بعد تأسيس الاتحاد العام واستمر في مهامه هذه الى ان انتقل الى العاصمة بحكم انتخابه عضوا في المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل.
واشار الاخ محمد كريم بالمناسبة الى نقابيين اخرين اعتبرهم من جنود الخفاء، شاركوا في تأسيس الاتحاد والكثير منهم لا يقع ذكرهم ومنهم علي بوصبّاح، الحبيب قوبعة، محمد الحلواني واغلبهم من العاملين في بلدية صفاقس وكانوا تحلقوا حول الحبيب عاشور الذي كان هو نفسه عاملا في البلدية برتبة ناظر اشغال.
اما فرحات حشاد فقد كان بدأ العمل في شركة »سطاس« بسوسة ثم بعد ذلك انتقل الى صفاقس للعمل في الاشغال العامة.
وفي سوسة انتمى الى »سي/جي/تي«، اما في صفاقس فقد انسلخ من الاتحاد الاقليمي او الجهوي للنقابات الفرنسية وشرع في تأسيس النقابات المستقلة.
ويذكر ان القطيعة بين النقابيين التونسيين والنقابات الفرنسية انما تعود الى المؤتمرالذي انعقد في قصر الجمعيات الفرنسية انذاك (ابن رشيق حاليا) والذي هيمنت فيه الحركة الشيوعية على الحركة النقابية في تونس.
عدة معارك في نفس الوقت
واضاف الاخ محمد كريم ان نقابة »سي/جي/تي« قد أرهقتنا الى أبعد حدّ وفرضت علينا خوض عدة معارك في نفس الوقت، مع الادارة والاعراف والنقابات المنافسة. وقال ان مؤسسي الاتحاد وعلى رأسهم فرحات اقتنعوا انه لا مجال لتحسين اوضاع التونسيين الا بتحرير البلاد من الهيمنة الاستعمارية الاجنبية.
كما تحدث الاخ محمد كريم عن التعددية النقابية التي كانت سائدة انذاك وشرح مطولا كيف ان الاتحاد العام استطاع ان يفرض نفسه في الساحة وان يفوز بقصب السبق رغم التسهيلات العديدة التي كانت توجه لمنافسيه وشرح من جهة أخرى كيف ان المؤسسين سمّوا الاتحاد، عاما تونسيا للشغل وليس للشغالين التونسيين، وذلك باعتباره مفتوحا لكل الشغالين أيا كانت جنسياتهم دون استثناء، ولعل ذلك هو ما جعل الانخراط فيه يتزايد بسرعة رغم حداثة تكوينه.
واشار الاخ محمد كريم الى العمل الحثيث الذي كان قام به فرحات حشاد وبقية المؤسسين في اتجاه جامعة المتوظفين قصد ضمها الى الاتحاد علما وانها تكونت قبله كما تحدث عن علاقة الاتحاد بالشيخ محمد فاضل بن عاشور وعن الجهد الذي بذله حشاد لضم نخبة المثقفين التونسيين الى صفوف الاتحاد، وكان اغلبهم في ذلك الوقت من خريجي الجامعة الزيتونية، كما تحدث عن الظروف التي أدت خلال المؤتمر الاول الى الغاء منصب الرئيس والاكتفاء بمنصب الكاتب العام رغم حصول محاولة للابقاء عليه وانشاء منصبين لكاتبين عامين الاول عمالي وهو فرحات حشاد والثاني موظف وهو الصحبي فرحات، لكن، يقول المحاضر القاعدة رفضت المقترح وألغت منصب الرئيس.
وختم الاخ محمد كريم مداخلته بالتأكيد على ان ما ينعم به التونسيون اليوم انما يعود الفضل فيه الى الاتحاد العام التونسي للشغل لانه كان في مقدمة القوى التي ناضلت من اجل استقلال تونس.
اثر ذلك فُسح المجال للحاضرين لابداء ما رأوه من ملاحظات فكان ان تدخل الاخوة عمارة العباسي ونور الدين البحري وسالم الحداد ومحمد علي البوغديري وحسن الودرني ومحمد البوخاري ومستوري القمودي وتوفيق الذهبي واحمد المنفّخ ومحمد بلحاج وعدنان العامري ومحسن بن بلقاسم والحبيب بن عبد الجليل ونجيب السبتي وتركية بن خذر أول ملاحظة تعلقت بالاستقلالية حيث ان النقابيين التونسيين الذين انسخلوا من »سي/ جي/ تي« اثناء مؤتمر 18 مارس 1944 فعلوا ذلك باستقلالية تامة وانهم أسسوا الاتحاد العام التونسي للشغل باستقلالية تامة عن كل الاحزاب، وعليه فان الاتحاد ولد بارادة مستقلة وظلت الاستقلالية هي الهاجس الاول للقادة النقابيين.
الملاحظة الثانية خصت التسمية، فهو الاتحاد العام التونسي للشغل وليس اتحاد الشغالين او اتحاد العمال وذلك نظرا لاتفاق نقابات الجنوب والشمال مع جامعة الموظفين على العمل بصفة مشتركة وباعتبار شعار العاملين بالفكر والساعد.
كما وقعت الاشادة الى الجهود الكبيرة التي بذلها حشاد لتأسيس نقابات في المناجم والتي وفرت دعما كبيرا للاتحاد عند تأسيسه.
وتعلقت الاستفسارات ايضا بدور نقابات الشمال في التأسيس وبموقف الصحف من المسألة وبالمحافظة على الاستقلالية إزاء كل الاحزاب والتنظيمات وبالعلاقة بين الحزب الدستوري القديم والجديد مع الحركة النقابية ومع البايات وكذلك الابعاد الفكرية عند مؤسسي الاتحاد وقبولهم بالآخر وممارستهم الديمقراطية الراقية. كما وقع التعرض الى دور العمال المغاربيين في دعم الاتحاد والاشارة الى انتفاضة عمال الشمال والتي وقع اهمالها.
كما اثير الحديث حول دور الشيخ الفاضل بن عاشور وعن دور مسعود علي سعد وسبب تغييبه وعن دور بلقاسم القناوي اثناء تأسيس الاتحاد، وعن دور نقابات الضيعات الفلاحية وتغييب نضالات عدة جهات وعلاقة الزيتونيين بتأسيس الاتحاد. كما وقعت الاشارة الى دور المرأة النقابية وكذلك الى دور موظفي الاتحاد في الحركة النقابية.
نقابيون مستقلون
وفي تعقيبه، قال الاخ محمد كريم بالخصوص ان الاتحاد انبعث بارادة من نقابيين وطنيين ولكن الكثير منهم ليسوا دستوريين ومنهم فرحات حشاد وذلك خلافا للحبيب عاشور الذي كان دستوريا نشيطا وشارك في عديد المظاهرات مثله مثل عبد العزيز بوراوي. اما البقية فلا. كما ان التفكير في تكوين النقابات لم يكن رد فعل على فشل ما في النقابات الفرنسية، وانما ثورة على الهيمنة الاجنبية التي كانت سائدة في كل المجالات. واذا كانت النقابات المستقلة في الجنوب قد نشأت باستقلالية تامة عن جميع الاحزاب، فان النقابات المستقلة بالشمال نشأت بدعم من الحزب الدستوري بدليل عضوية كل مسيريها في الحزب ومنهم النوري البودالي وبشير بلاّغة والناصر بن جعفر وعبد الواحد دخيل.
وبخصوص حشاد والباي، قال الاخ محمد كريم ان العلاقة بينهما كانت عملية وان حشاد كان يستعمل لغتين مع الباي الاولى على انفراد وتنطوي على تهديد، أما الثانية فهي بروتوكولية وتمارس امام عموم الناس وخاصة اثناء اجتماعات مجلس الاربعين.
وختم بالاشادة بالاتحاد وبثراء تاريخه والدعوة الى مزيد درسه.
اما الاستاذ عميرة علية الصغير فقد تعرض في اجاباته الى العلاقات القائمة بين النقابيين والدستوريين فقال انهم تكاملوا وأوضح ان الفاضل بن عاشور لام حشاد على تعامله مع الامين باي باعتباره منبوذا بعد توليه السلطة بعد المنصف باي، كما لامه على تسلمه أموالا لفائدة المتضررين من حوادث 5 اوت 1947، كما أوضح المحاضر عدة مسائل منها علاقة الاتحاد بالقضية الفلسطينية وغيرها من المسائل.
وفي اختتامه لأشغال الجلسة أوضح الاخ المولدي الجندوبي ان العبرة هي بالنتيجة اي بتأسيس الاتحاد وعلى هذا الاساس دعا كل الحاضرين الى توفير ما يمتلكونه من وثائق ووضعها على ذمة الاتحاد للدراسة والتدقيق.
الاستقلالية ثم الاستقلالية
الجلسة الثانية ترأسها الاخ حسين العباسي وتم خلالها الاستماع الى محاضرة قيّمة قدمها الاستاذ الدكتور علي المحجوبي، انطلق فيها بطرح قضية تقديم السياسي على الاجتماعي في دراسة تاريخ الاتحاد العام التونسي للشغل وتاريخ الحركة النقابية عامة. وفي هذا الاطار اشار المتدخل الى ان الجانب الاجتماعي لنضالات فرحات حشاد كان مغمورا رغم انه دام فترة طويلة من 1936 الى 1952. فحشاد انخرط في الاتحاد الاقليمي التابع ل »س.ج.ت« وتأثر ببعض المبادئ مثل الدفاع عن الحقوق المادية، والاستقلالية النقابية كما وردت في ميثاق Amiens في 1906، وهي الاستقلالية عن الاعراف وعن الاحزاب السياسية. ولم ينسلخ حشاد من الاتحاد الاقليمي التابع ل »س.ج.ت« الا من بعد صعود الشيوعيين الى قيادة هذه المنظمة النقابية.
ومنذ تأسيس الاتحاد العام التونسي للشغل في 20 جانفي 1946 وحتى بداية الخمسينات كانت الاضرابات ذات طابع اجتماعي اساسا مثل اضراب اوت 1947 بصفاقس.
ويفسّر اهتمام حشاد بالجوانب الاجتماعية منذ دخول العمل النقابي بأسباب ترتبط بجذوره الاجتماعية، ولكن اساسا بالظروف الموضوعية، فعند انخراطه في الاتحاد الاقليمي كانت البلاد تواجه تداعيات أزمة الثلاثينات التي أدت الى مزيد تفقير العمال والطبقات الشعبية عامة. كما كانت فترة 1944 1948 مرحلة أزمة خانقة واستفحال ظاهرة البطالة. وبداية من 1949 بدأت تتغير قناعات فرحات حشاد، واعتبر ان الاستعمار عامل اساسي لتدهور وضع الطبقات الشغلية. وفي 1951 تبلور هذا الموقف اكثر واعتبر ان تخليص الطبقة الشغيلة يمرّ حتما عبر تحرير البلاد من الاستعمار. هذه القناعة دفعت الاتحاد العام التونسي للشغل الى التحالف مع الحزب الحر الدستوري الجديد وتبني مبدأ الوحدة القومية. ويُفسر هذا التحول بتراجع الازمة الاقتصادية في بداية الخمسينات، ونموّ الوعي الوطني بالاضافة الى تأثير جامعة الموظفين التي تأسست منذ 1936.
وقد خضع الى حد كبير جهاز الاتحاد الى الموظفين الذين كان وعيهم الوطني متقدما نسبيا على الشغالين، وكانوا ينشطون الى جانب نشاطهم داخل الاتحاد العام التونسي للشغل، في احزاب سياسية أهمها الحزب الدستوري الجديد. ومن ناحية ثانية يفسر التأثير الكبير للموظفين في قرار الهيئة الادارية الوطنية القاضي بالانخراط في »السيزل«، وهو قرار صوت لفائدته مؤتمر الاتحاد في مارس 1951، ومن بين اسبابها وجود تأثيرات لتوجه الحزب الدستوري الجديد نحو المراهنة على المعسكر الغربي الليبرالي.
اذا، ومنذ المؤتمر الرابع في 1951 تأكد بوضوح الدور الوطني للمنظمة الشغيلة، ومنذ جانفي 1951 خلف فرحات حشاد بورقيبة في قيادة الحركة الوطنية كما لعب الاتحاد دورا هاما في حركة المقاومة المسلحة. هذا الدور يفسّر اغتيال حشاد في 05/12/1952 بتواطؤ من المقيم العام المتصلب »دي هوت كلوك«. De Haute Cloque.
في مؤتمر الاتحاد لسنة 1951 برز كذلك الزعيم احمد بن صالح بدفاعه على فكرة تأسيس منظمة نقابية مغاربية، وعلى مبدأ الحياد الايجابي وعدم الانخراط في »السيزل«. لكن بعد مؤتمر 1951 اصبح بن صالح ممثل الاتحاد في السيزل وذلك بطلب من فرحات حشاد.
انتقل بن صالح الى »بروكسال« في نهاية 1951، وشهد تحولا هاما في تكوينه الفكري، حيث تابع دروس الجامعة الحرة ولا سيما في مجال »سوسيولوجيا التنمية« La Socioligie de Développement. كما تابع دروس المدرسة العمالية وخصوصا ما تعلق منها بالمبادئ الاقتصادية وتقنيات التفاوض مع الاعراف. كما تعرف بن صالح على تيارات نقابية متعددة وتأثر بها، هذا التيار برز من خلال تكون نزعتين لدى بن صالح، تتمثل الاولى في التأثر بالتجربة الانڤليزية والسويدية حول الارتباط بين التنظيم النقابي والحزب العمالي، أما النزعة الثانية فتتمثل في العلاقة بين النمو الاقتصادي والرقي الاجتماعي.
وعاد أحمد بن صالح في مؤتمر 1954 بهذه الافكار الجديدة، وانتخب على رأس الاتحاد العام التونسي للشغل ب 54٪ من الاصوات. وفي نفس السنة انطلقت المفاوضات بين الحركة الوطنية وفرنسا. وتفطّن بن صالح الى اهمية ان يكون للبلاد مشروع اقتصادي واجتماعي تواجه به مرحلة الاستقلال فكوّن لجنة لإعداد تقرير اقتصادي واجتماعي.
أفكار عمالية
وقد عُرض هذا التقرير في نوفمبر 1955 على مؤتمر الحزب الدستوري الجديد ووافق عليه، كما صادق عليه مؤتمر الاتحاد في سبتمبر 1956.
وقد تم انجاز هذا التقرير الذي يقوم على أفكار عمالية وتعاضدية في ظرف سياسي تميز بالتحالف بين الاتحاد والدستور الجديد، وتشكلُ جبهة قومية فازت بانتخابات مارس 1956، وأدى هذا التحالف الى تمثيل الاتحاد في الحكومة بمجموعة من الوزراء.
لكن رئيس الحكومة الحبيب بورقيبة الذي خرج قويا من الصراع اليوسفي البورقيبي رفض التقرير الاقتصادي والاجتماعي عندما قدمه له بن صالح ومزقه معتبرا مضمونه شيوعيا ولن يسمح لبن صالح بتطبيقه.
وفي نفس السنة استغل بورقيبة تباعد المصالح بين العمال والموظفين ليدفع باتجاه تأسيس الاتحاد التونسي للشغل (UTT).
وفي ديسمبر 1956 وعندما كان بن صالح في المغرب اجتمعت الهيئة الادارية وأعيد توحيد الاتحاد وتولّى أحمد التليلي قيادته، في حين بقي بن صالح في البرلمان، ثم وزارة الصحة في 1957، ووزارة التخطيط في 1961 لأنه الوحيد الذي كان يملك برنامجا اقتصاديا واجتماعيا. وقد عمل بن صالح في اطار مهامه الحكومية على تحديث الاقتصاد التونسي وتحقيق استقلاله، واستخدم الاراضي المسترجعة من الاستعمار كنواة لبناء تعاضديات، كما طور البنية الاساسية والتعليم والسياحة، وذلك في اطار ما عُرف بالآفاق العشرية للتنمية. ورغم الجفاف حققت البلاد نمو اقتصاديا هاما بلغ 9.5٪ سنة 1969.
وختم المتدخل بالاشارة الى ان انغماس الاتحاد العام التونسي للشغل في العمل السياسي اثر في استقلاليته، ودعا الى اعادة الاعتبار للموروث الاجتماعي والتعاقدي للاتحاد.
وقد شارك في النقاش كل من الاخوة رضا التليلي وسالم الحداد ومحمد علي البوغديري والحبيب عبد الجليل وسعيد الحداد والحبيب الشاوش ومحمد السعيدي وآخرون أثاروا جملة من الملاحظات تولى المحاضر الاجابة عنها بكل وضوح.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.