التقى مراسلنا بالمتلوي خلال بداية الاحتفال بشهر التراث بدار الثقافة بالمكان بالاستاذ الباحث التونسي بوخاري بوصلاح وأجري معه الحوار التالي: ماهي مهامك في التوثيق والارشيف؟ إنّ مهامي في الأرشيف زيادة على الإطّلاع على الوثائق وتثمين الإرث الأرشيفي للمؤسسة والعمل العلمي والثقافي الذي أقوم به، فقد شاركت بشكل نشيط في الاحتفال بمئوية شركة الفسفاط سنة 1997، فللأرشيف دور كبير في إنجاز المعارض المركزيّة منها في المتلوّي والفرعيّة بالمراكز المنجميّة الأخرى كالمعرض السّنوي بمناسبة اليوم الوطني للأرشيف في 26 فيفري من كلّ سنة.. ماهو الفرق بين التاريخ والذاكرة؟ أحياء الذّاكرة هي مناسبة للأرشيف لإبراز تاريخ الجهة والتاريخ المحلّي بالمعارض والمقالات والدّراسات الأكاديمية والنّدوات والنّشر فالأرشيفي له دور محوري للتّعريف بالارشيف زيادة على العمليات التقنيّة من حفظ وترميم واطلاع وتطبيق أدوات التصرّف اليومي وعلاقات مع مؤسسة الارشيف الوطني. ماهو موضوع رسالة الماجستير التي أنجزتها؟ لقد أنجزت رسالة بحث لشهادة الماجستير في التاريخ المعاصر في كليّة الآداب والعلوم الانسانية قسم التاريخ بعد جهد دام حوالي ثمانية عشر شهرا، إنّ دروس الماجستير تكتسي أهميّة بالغة في تكوين الباحثين والعاقدين العزم على مواصلة المسار إلى مرحلة الدكتوراه. لقد اشتغلت على موضوع: عمال منجم المتلوّي 1897 1914 دراسة في أوضاعهم المهنيّة والاجتماعية وكانت هذه الدّراسة مهتمّة خاصة بأوضاع الاهليّين. ولقد تضمّنت رسالة الماجستير ثلاثة أبواب وفي الأبواب فصول متعرّضة الى الظرف الاقتصادي في الإيالة التونسية وندرة اليد العاملة في تواصل مع التقسيم الاستعماري للعمل والظروف العمالية وكذلك وضعية الصناعات الاستراتيجية والفسفاط على الخصوص كما تعرّضنا للولادة العسيرة لشركة الفسفاط ورصدنا إرهاصات الولادة والمخاض في الأوساط السياسية والماليّة الفرنسيّة الاستعماريّة. وأتينا في هذا البحث للحاجة المتزايدة لليد العاملة الأهليّة في إطار الوضع الاجتماعي بالبلاد التونسية في مفصل التحوّلات من القرن التاسع عشر الى القرن العشرين ولم يفتنا دراسة كيفيّة الانتدابات والاصول الاتنيّة الاجتماعية للعمّال واكتسابها طابعا محليا ومغاربيا وإفريقيا وطابعا أوروبيا. كذلك تدارسنا علاقات الاعراق والجاليات ببعضها والاحتكاكات والمعارك الدامية بينها. وأتينا على ظروف العمل وصعوبة المناخ البشري والطبيعي في المنجم وما ترتّب عنه من معاملات وحراك اجتماعي كالاحتجاجات والاضرابات، وقدمنا بسطة عن حوادث الشغل من حيث أسبابها وتوضيفها ونتائجها فكان محاولة لإثراء مدونة البحث التاريخي المختصّ، فعلى مستوى المقاربة كان لانتمائي لشركة فسفاط قفصة وللجهة المنجميّة إثر كبير بحيث عولج هذا الموضوع من الداخل ومن معرفة لعالم الشغل والمنجم والمحيط الاجتماعي والبشري والانساني، ولقد تسنّى لي أن أعرف وأكشف أشياء لم يتسنّى لباحث روتيني بتعامل مع الوثائق والنّصوص والأرشيف أن ينفذ لها. إنّ بحث الماجستير هذا فيه من الإضافة الشيء المعتبر و الكثير لكنّه ككل عمل إنساني ليس بالكامل الكمال المطلق لذلك فهو يستوجب مواصلته بنفس الرّوح ونفس الحماس ونفس الشّغف ونفس الفضول ونفس حبّ الإضافة العلميّة لغاية إضافة جوانب أخرى متنوّعة من تاريخنا الوطني والجهوي والمحلّي، ولعلّ كثرة البحوث المحلية والجهوية من شأنها تأثيث المشهد التاريخي وإنارة جوانب لم تكن بالمعروفة. وهو من بين الأسباب التي قادتني في تقريري هذا للبحث في تاريخ مدنية المتلوي.