ايرادات السدود ارتفعت ب 200 مليون متر مكعب بالمقارنة مع العام الماضي    واشنطن قد تدخل الحرب وطهران تتوعد    50 مقاتلة تشن غارات بطهران وصواريخ "فتّاح" تستهدف إسرائيل للمرة الأولى    أنس جابر تواجه اليوم جاسمين باوليني في ثمن نهائي بطولة برلين للتنس    بيب غوارديولا.. عائلتي تحب تونس    حرب الابادة متواصلة.. 93 شهيدا بغارات صهيونية على نقاط توزيع المساعدات في غزة    نسبة امتلاء السدود بلغت حاليا 55 بالمائة    إيران تفكك شبكات جوسسة وتنفذ اعتقالات وتضبط ورشة سرية    فلاحتنا... وزير الفلاحة في المؤتمر الإقليمي «صحة واحدة مستقبل واحد».. الأمراض الحيوانية تتسبب في 60 ٪ من الأمراض المعدية للبشر    لردع مهربي السيارات ...اليوم تجهيز 11 معبرا حدوديا بآلات متطورة    صدور أمر بالرائد الرسمي يقضي بمنع المناولة في القطاع العام وبحل شركة الاتصالية للخدمات    مجموعة التعاون البرلماني مع بلدان افريقيا تعقد جلسة عمل مع ممثلي وزارة الخارجية    تدشين أقسام طبية جديدة بمستشفى شارل نيكول باستثمارات تفوق 18 مليون دينار    إختيار 24 عينة فائزة في الدورة الثامنة لجائزة أحسن زيت زيتون تونسي بكر ممتاز    ملتقى تونس الدولي للبارا العاب القوى (اليوم الثاني) تونس تحرز خمس ميداليات جديدة من بينها ذهبيتان    مع تراجع المستوى التعليمي وضعف التقييم...آن الأوان لإجبارية «السيزيام»؟    تدشين قسم طب الولدان بمستشفى شارل نيكول بمواصفات متطورة    ضاحية مونمارتر تحتضن معرض فني مشترك بين فنانة تونسية وفنانة مالية    "عليسة تحتفي بالموسيقى " يومي 20 و 21 جوان بمدينة الحمامات    صفاقس: تنظيم يوم الأبواب المفتوحة بمركز التكوين والتدريب المهني بسيدي منصور للتعريف بالمركز والإختصاصات التي يوفرها    الدورة الأولى لتظاهرة "لقاءات توزر: الرواية والمسرح" يومي 27 و28    عاجل/ بلاغ هام حول التجارة عبر الانترنات    حياتي في الصحافة من الهواية الى الاحتراف    اصدارات جديدة لليافعين والاطفال بقلم محمود حرشاني    باجة: اعادة اكثار واحياء قرابة 5 الاف صنف من الحبوب بنجاح    شنيا الماكلة اللي تنفع أو تضرّ أهم أعضاء بدنك؟    الملعب التونسي يعزز صفوفه بالحارس نور الدين الفرحاتي    تحذير طبي: خطر الاستحمام بالماء الساخن قد يصل إلى الإغماء والموت!    منوبة: فتح الجزء الثاني من الطريق الحزامية " اكس 20 " بولاية منوبة    المنتخب التونسي يشارك في بطولة افريقيا للرقبي السباعي بالموريس يومي 21 و 22 جوان الجاري    قفصة : حلول الرحلة الثانية لحجيج الولاية بمطار قفصة قصر الدولي وعلى متنها 256 حاجا وحاجة    المائدة التونسية في رأس السنة الهجرية: أطباق البركة والخير    الحرس الثوري الإيراني يصدر بيانا حول ضرب مقر "الموساد"    بُشرى للفلاحين: انطلاق تزويد المناطق السقوية بمنوبة بمياه الري الصيفية    تعرفش علاش الدلاع مهم بعد ''Sport''؟    ماهر الكنزاري : " أشعر بالفخر بما قدموه اللاعبون"    الدورة 12 من الملتقى الوطني للأدب التجريبي يومي 21 و 22 جوان بالنفيضة    عاجل/ آخر مستجدات أخبار قافلة الصمود لفك الحصار على غزة..    ترامب يهاجم ماكرون بعنف: ''لا يعرف سبب عودتي... ويُطلق تكهنات لا أساس لها''    قائد عسكري إيراني: شرعنا باستخدام أسلحة جديدة ومتطورة    عاجل/ رئيس الدولة يفجرها: "لا أحد فوق المساءلة والقانون..ولا مجال للتردّد في إبعاد هؤلاء.."    6 سنوات سجنا لنائب سابق من أجل الإثراء غير المشروع    الطقس اليوم: حرارة مرتفعة..وأمطار مرتقبة بهذه الجهات..    موعد إعلان نتائج البكالوريا 2025 تونس: كل ما تحتاج معرفته بسهولة    مطار طبرقة عين دراهم الدولي يستأنف نشاطه الجوي..    أبرز ما جاء في لقاء رئيس الدولة بوزيري الشؤون الاجتماعية والاتصال..    عدد ساعات من النوم خطر على قلبك..دراسة تفجرها وتحذر..    رونالدو يهدي ترامب قميصا يحمل 'رسالة خاصة'عن الحرب    كيف سيكون طقس اليوم الثلاثاء ؟    كاس العالم للاندية : فلامنغو البرازيلي يجسم افضليته ويتفوق على الترجي بثنائية نظيفة    الكوتش وليد زليلة يكتب .. طفلي لا يهدأ... هل هو مفرط الحركة أم عبقري صغير؟    يهم اختصاصات اللغات والرياضيات والكيمياء والفيزياء والفنون التشكيلية والتربية الموسيقية..لجنة من سلطنة عُمان في تونس لانتداب مُدرّسين    المندوبية الجهوية للتربية بمنوبةالمجلة الالكترونية «رواق»... تحتفي بالمتوّجين في الملتقيات الجهوية    عاجل : عطلة رأس السنة الهجرية 2025 رسميًا للتونسيين (الموعد والتفاصيل)    القيروان: 2619 مترشحا ومترشحة يشرعون في اجتياز مناظرة "السيزيام" ب 15 مركزا    قافلة الصمود فعل رمزي أربك الاحتلال وكشف هشاشة الأنظمة    ملف الأسبوع .. أحبُّ الناس إلى الله أنفعُهم للناس    طواف الوداع: وداعٌ مهيب للحجيج في ختام مناسك الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وحديث عن الكراسي
أفكار متقاطعة: ... يكتبها ناجي الخشناوي
نشر في الشعب يوم 17 - 07 - 2010

هذه البطاقة كنت قد نشرتها في الدورة السابقة لمهرجان قرطاج الدولي السنة الماضية، وإعادة نشرها مرة ثانية هذه السنة ليس بسبب خمول أصابني أو كسل، وإنما بسبب تكرر نفس الممارسات التي أشرت لها في متن هذا المقال، وهي ممارسات لا أظن أنها ستنتفي ويقلع عنها من ياتونها، لأنها ببساطة ليست ممارسات طارئة وإنما هي ذهنية كاملة.
للكرسي حكمته الأزلية وسحره الأبدي، فأما حكمته فهي تقتضي أن من يصله أولا يستأثر به ولا تهم الوسيلة التي أوصلته، وأما سحره فيتمثل في أسر من يجلس عليه ويمنحه صفة الالتصاق النهائية فوق جلده الأثير وسيقانه البرنزية...
وقلة قليلة من الكراسي التي لا نلهث وراءها للفوز بامتيازاتها، لعل أقربها إلى أذهاننا ومخيلتنا الجمعية، كراسي الصف الأول بالمدارس والمعاهد والجامعات، فهذا الصنف من الكراسي لا يتطلب قوة مال ولا قوة عضلات ولا حتى قوة دهاء ومكر، بقدر ما تتطلب قوة علم وحب للمعرفة، وهي قوة نادرة وباتت غير متوفرة اليوم بشكل كبير...
وللجلوس على كرسي ما والاستئثار به طقوس معلومة وسياسة كاملة في فن الجلوس لا اعرف كيف سها الجاحظ عن ذكرها في رسائله...
المهم، ما يعنيني في هذه المساحة، من أصناف الكراسي وأنواعها ما وصفته بكرسي قرطاج، واعني تحديدا تلك الكراسي المصففة في نصف الدائرة المخصصة لما يناهز ثلاث مائة شخص يشاركون كل ليلة الآلاف المؤلفة من جماهير مهرجان قرطاج، أولئك الذين تكاد تلتصق مؤخراتهم كل ليلة، بالحجر الأملس للمسرح الأثري الروماني الذي تنتظم على ركحه منذ 45 سنة حفلات مهرجان قرطاج الدولي، ومنهم نحن الصحفيون المجبورون كل ليلة، في إطار عملنا، على مواكبة سهرات المهرجان وحفلاته...
أصحاب وصاحبات كراسي مهرجان قرطاج، لا تعنيني صفاتهم ولا مراتبهم الوظيفية أو الاجتماعية ولا ثرواتهم، بقدر ما تعنيني تلك الممارسات التي لا تليق بهيبة الكرسي الذي يجلسون عليه ولا بحكمته أو سحره...
أصحاب الكراسي يتعمدون دخول المسرح متأخرين، ففي كل حفل أحضره ألاحظ حلولهم بالمكان عند اعتلاء الفرقة الموسيقية خشبة المسرح أو تماما بعد موسيقى استقبال النجم وفي أحيان كثيرة بعد استقبال الجماهير الغفيرة لهذا الأخير وتقديمه لشيء من أعماله...
حينها يتناسلون بين الكراسي البيضاء، ينتشرون ببدلاتهم الأنيقة وفساتينهن الناعمة يوشحون المكان بعطورهم الثمينة غير عابئين لا بالمغنى ولا المُغنّي ولا حتى المغنّى لهم، مع أنهم في الغالب يملكون سيارات تودعهم بأمان في الوقت المناسب بالمسرح ولا يمنعهم عن احترام الفنان وفنه تأخر وسائل النقل العمومي ولا اكتظاظها ولا رائحة العرق المعتق داخلها.
ثم أراهم كل ليلة يرفعون الكراسي فوق رؤوس الجالسين وكما لو أنهم على رقعة شطرنج يوزعونها مستسمحين الموجودين أو غير مستسمحين... وفي أحيان كثيرة أراقب أياديهم ترتفع غضبا على أعوان التنظيم محتجين على التوزيع الغير العادل للكراسي متحججين بتذاكرهم حاجبين عنا رؤية المطرب، شاغلين إياه بحركاتهم المستعلية.
هم نفسهم الذين يأتون متأخرين كأنما يختبرون نجوميتهم الاجتماعية، يغادرون المسرح قبل انتهاء السهرة. يحبذّون الخروج في الظلام، فنراهم ينسحبون واحدا خلف الواحد أمام أنظارنا وأنظار المطربين والعازفين فلا يفلحون إلا في إحباط المبدع الساهر لأجلهم وإقلاق الجمهور العريض...
هذه بالفعل ظاهرة اجتماعية جديرة بالدراسة من طرف علماء الاجتماع وعلماء النفس وأهل الاختصاص، وهي تتكرر أيضا بالمسارح البلدية مثلا وفي قاعات السينما بشكل متواتر ومستفز خاصة للمبدع الذي يشعر، لا محالة، بنوع من الإهانة أو الاحتقار من خلال تلك الممارسات التي يأتيها أصحاب الكراسي.
بالأخير لا يمكنني إلا أن أقول بان الغاية تبرر الوسيلة وبأن أصحاب الكراسي ليسوا هم دائما أصحاب الكراسي...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.