هو كالزوجة التي تواجه زوجها قائلة: انني لم أعد أطيق الحياة معك، وقد استحال العيش بيننا فمن الافضل ان تغادر بيت الزوجية، وان شئت أغادره أنا... ويتظاهر الزوج انه لم يفهم ولم يستمع، ولا يجهد نفسه حتى على السؤال عن السبب. بعد بضعة ايام تعود اليه قائلة: »قلت لك DEGAGE فماذا تنتظر؟ ف »يعمل مَغْنَانِي« مثلما يقال لتستعمل الزوجة سلاحا آخر فتهجر فراش الزوجية، وعندما يصر الحاحا على البقاء تقول له: وبكل شجاعة وصراحة وجرأة متى ستفهم انني لم أعد أطيق حتى النظر اليك... يا سيدي انني أخونك مع عشيق لي جددت علاقتي به فهل ترضى بذلك ام انك »ستسترجل« وترحل؟!... يضحك الزوج ويقهقه استهزاءً ويجيب: »ولو«؟! لكن لابد له ان يثبت رجولته فيلجأ الى طرق اخرى هي: الضرب والعنف والشتم والسب والكلام البذيء والنعوت المخجلة لتكون النتيجة الصمود والتشبث بنفس الموقف و الاصرار على عدم التراجع في القرار... قرار الفراق... والرحيل DEGAGE لكن... لا حياة لمن تنادي... اذن الى نفس سلاح الزوج: تبادل العنف والسب والشتم والتفوّه بالكلام البذيء والمخجل: يا ساقط... يا سافل... يا خائنة... يا... ويتأزم الوضع، وينضم أب الزوجة وشقيقها وقريبها وجارها لمناصرتها، و »ليأكل« ما طاب ولذ من »الطرايح« ولتكون النهاية الرحيل... ذاك هو حال الحاكم العربي الذي يتشبث بكرسي الحكم... هو كالزوج، والشعب هي الزوجة... كان ذلك حال صاحب الثلاثة وعشرين سنة من الحكم... حاكمنا والثاني صاحب الخمسة والثلاثين... حاكم مصر... والثالث صاحب الثلاثة والثلاثين عاما... حاكم اليمن »السعيد« والرابع صاحب الثانية والاربعين سنة حاكم ليبيا. فالأول: »هرب« والثاني: »فصع« والثالث: »خرج ولم يعد ولن يعود« والرابع: وليس الأخير: »سيهرب، وسيفصع، وسيرحل، وسيخرج ولن يعود« هذا هو حال الحاكم العربي الذي ينفره شعبه ويطرده شر طردة كالزوجة التي كرهت زوجها لتكون نهايته الرحيل... دون رجعة ذاك هو حال الحاكم العربي الذي كرهه شعبه ولم يعد مرغوبا فيه »يدخل بالعز ويخرج بالدز«. الأول... حاكمنا يعيش كالأسد في قفصه وتتضارب الانباء عن صحته... مرض... جلطة... وان كان صحيحا فليس لأن صحته متدهورة، بل هو تحسّر على كرسي الحكم والثاني رغم فخامة قصر شرم الشيخ الذي يقيم به... فها هو طريح الفراش... ويقال انه يحتضر... لا بسبب غياب الاطباء والادوية، ولكن بسبب تركه كرسي الحكم... والثالث الذي كان طيلة حكمه فاقدا للشرعية والمشروعية، وهو أقدم حاكم عربي بعد العقيد، وأقدم الحكام في العالم بعد الملكة اليزابيت (وهي لا تحكم بالفعل) ولم يغادر كرسيه بصنعاء الا بعد ان وقع الاعتداء عليه من طرف شعبه المقهور مثلما فعلت الزوجة مع زوجها. والرابع (وليس الأخير) رغم انه متأكد من المصير الذي ينتظره فها هو يواصل تقتيل شعبه دار دار... زنڤة زنڤة، وقال ان خياره هو البقاء في ليبيا حتى الموت! حبا في بلاده بل تشبثا بكرسي الحكم. القائمة طويلة وسيلتحق بركب الأربعة كل ظالم مستبد. وقد قالها المطرب الكبير محمد عبد الوهاب في احدى أغانيه: يا ظالم لك يوم.