تتالت الاعتداءات خلال الاسابيع القليلة على الحريات الفردية بالجامعة التونسية، قبيل وبعيد انتخابات 23 اكتوبر التي شكلت عموما درسا في الديمقراطية لقنه الشعب التونسي لكلّ من كان يحقر من أهلية التونسيين في ارساء الديمقراطية وحقوق الانسان، وذلك بالرغم من بعض الخروقات والانتهاكات التي سيقول فيها القضاء كلمته. ان المستهدف الاساسي من هذه الاعتداءات هي حرياتنا، وتحديدا اكثر حرية زميلاتنا. ففي جامعة الشريعة وأصول الدين وقبيل الانتخابات، اقبلت مجموعات من الطلبة على مضايقة بعض الاستاذات لا لشيء الا لانهن غير محجّبات، وعلى مقاطعة دروسهن الى ان يقبلن بارتداء الحجاب اما في المدرسة العليا للتجارة بمنوبة فقد قامت مجموعة صغيرة من الطلبة يوم الجمعة 28 اكتوبر 2011 بمضايقة احدى زميلاتنا تحت دعوى ان لباسها غير محتشم وذلك بالهتاف والتصفير والصراخ الى ان دخلت قاعة التدريس ثم اعادت هذه المجموعة الكرّة عند خروج الاستاذة المعنية من القاعة بعد ان انهت الدرس وهو ما تسبّب في عرقلة السير الطبيعي للدروس بهذه المؤسسة وما حدا بطلبة زميلتنا الى الدّفاع عن حرمة استاذتهم وبالاساتذة الذين كانوا متواجدين في مقرّ العمل انذاك الى حماية زميلتهم والقيام بوقفة احتجاجية فورية في ساحة المدرسة بحضور مدير المؤسسة، حاولوا في إطارها اقناع الطلبة بالدفاع عن مؤسستهم وعن سير الدروس بها وبالذود عن حريات كل فرد بها سواء كان من الاساتذة او من الطلبة والعملة والموظفين هذا وقد تعرّضت استاذة اخرى من نفس المؤسسة الى اعتداء اكثر عنفا تمثل في مهاجتها وهي بسيارتها امام باب المؤسسة من قبل مجموعة من الطلبة تنتمي لنفس المدرسة قامت بركل سيارتها من الخلف كما قام احدهم بادخال يديه من نافذة الباب الامامي وتوجيه لكمات لها. يوم الاثنين 31 اكتوبر 2011 الماضي وتحت اشراف النقابة الاساسية وبحضور الكاتب العام للجامعة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي وقع تنظيم اجتماع بالمؤسسة حضره الاساتذة الباحثون والعديد من النقابيين اضافة لممثلي نقابة السلك المشترك وممثلي نقابة الموظفين والسيد رئيس الجامعة والعديد من مديري المؤسسات الجامعية، عبّر فيه الجميع عن تضامنهم مع الاستاذتين ومع عموم الاساتذة كماوقع خلاله الاعلان عن تعليق الدروس لساعة ونصف احتجاجا على ما حصل في الاثناء ونحن في قاعة الاجتماع وقع الاعتداء على طالبة عرفت بمساندتها للاستاذة الاولى التي وقع الاعتداء عليها وهي بداخل المؤسسة، من قبل احدى زميلاتها... وفي هذا الاطار ندعو الى عقد اجتماعات بكافة المؤسسات الجامعية لطرح هذه القضية والتعبير عن مواقف الاساتذة الجامعيين من هذه الظاهرة ولتدارس الاشكال النضالية الملائمة التي تستوجبها مثل هذه الانتهاكات والاعتداءات السافرة على زميلاتنا خصوصا وعلى الجامعيين عموما وخوضها مباشرة ابتداء من يوم الثلاثاء 1 نوفمبر 2011. نحن مدعوّون الى التعامل مع هذه الوضعية الجديدة والى التصدي الى كافة اشكال الاعتداء على الحريات الفردية والعامة والاستفزاز الحقير والمجاني المستهدفة على وجه الخصوص لحرمة زميلاتنا الجسدية والمعنوية (باعتماد السبّ والشتم والتشهير الغوغائي وغير المشروع والتهديد باستعمال العنف)، والرامية الى تشكيل قوّة ضغط معنوية وترويع الرأي العام الجامعي (وغير الجامعي) من اجل فرض الامر الواقع وتشكيل نمط جديد للحياة العامة يعتبرونه يتماشى وتصوراتهم للاسلام في حين انه لا يتماشى الا مع التأويلات والتجارب الاكثر تشدّدا ومغالاة... اننا نطالب سلطة الاشراف بالتصدي لهذه الظواهر المرضية وبحماية الجامعيات والجامعيين كما اننا ندعو الى تطبيق القانون واحالة كل من ثبت تورّطه في مثل هذه الممارسات على مجلس التأديب بل وعلى القضاء ان تطلب الامر ذلك هذا واننا نعبر عن استعدادنا للدخول في حوار داخل كل مؤسسة جامعية مع الطلبة وممثليهم في المجالس العلمية وفي الاتحاد العام لطلبة توسن لمحاصرة هذه الظواهر وعزلها ولاعلاء راية الحريات داخل الفضاء الجامعي ولصياغة ميثاق شرف للتعايش في الفضاء الجامعي كما اننا ندعو مختلف مكوّنات المجتمع المدني الى تحمّل مسؤولياتها كاملة امام هذه الظواهر القديمة الجديدة وكذلك مختلف الاحزاب والحركات السياسية التي كلها دون استثناء اشبعتنا حديثا عن التزامها بالديمقراطية وحقوق الانسان لكي تقول كلمتها وتدين هذه المخاطر التي تهدّد الديمقراطية والحريات لا فقط بالجامعة التونسية بل وبعموم البلاد. لن نقف مكتوفي الايدي ولن نصمت ابدا امام هذا الخطر الذي يستهدف حرياتنا الفردية والعامة والذي قد يهدّد الحريات الاكاديمية مستقبلا.