لقد تعرفنا في العددين السابقين من «الشعب» على تدهور المقدرة الشرائية للعامل الذي يتقاضى الأجر الادنى «سميار» واليوم سنحاول تحليل تطور المقدرة الشرائية لإطار عال من إطارات وزاراتنا في تونس: إنّ وضعية هذ ا الاطار تماما كوضعية السميقار قد تراجعت حيث أنّ مقدرته الشرائية خسرت 650،369 دينار خلال 23 سنة (من 1983 الى 2006) أي ما يعادل 02.21 بالمائة ويبيّن لنا الجدول التالي الحالة سنة 1983 (يمين الجدول) والحالة سنة 2006 (يسار الجدول): نلاحظ من خلال الجدول أنّ 7 عناصر من جملة 8 شهدت انخفاضا كبيرا (بالدينار سنة 2006) في حين شهد عنصر واحد هو منحة الهندسة (Indemnité dصingénieuring) زيادة ملحوظة تبدو كأنها تعويض للخسارة الكبرى في بقية العناصر. وبعبارة أوضح ولمزيد تبسيط المسألة لقرائنا نقول: لكي يحافظ هذا الاطار العالي (مهندس أوّل رئيس قسم) على المقدرة الشرائية التي كانت لديه سنة دون تحسن كان من المفروض ان يتقاضى سنة 2006 مرتبا شهريا جمليا ب 661،1758 دينار وليس 011،1389 دينار ففي الظاهر وكما يحلو للبعض ترديده على مسامعنا ليلا نهارا تضاعف المرتب الشهري الجملي لهذا الاطار مرتين ونصف تقريبا اي من 850.619 أصبح 011،1389 دينار الا ان ذلك لا يعني شيئا على الاطلاق بل أكثر من ذلك فيه تضليل واخفاء للحقيقة التي يعلمها الجميع مختصون في الاقتصاد ومسؤولون وسياسيون ويعلمها خاصة من لم يدخل المدرسة بتاتا ولا هو على اطلاع على شؤون الاقتصاد والاختيارات الكبرى ولا يسمع الخطب والتصريحات، المواطن والعامل والاجير الذي يشاهد حالته المادية تتراجع من يوم لاخر ويعبّر عن ذلك بطريقة بسيطة جدا لكنّها بليغة «البارح كنت نصوّر أقلّ ونعيش خير!!». الحقيقة وهذا هو بيت القصيد انّ المقدرة الشرائية تقاس بالدينار القارّ وليس بكمية الدينار. حقيقة مرّة يريد الكثير تجاهلها وغضّ الطرف عنها لهذا نؤكد مرة اخرى انّ هذا الاطار العالي (مهندس اول رئيس قسم) قد خسر 650.369 دينار من مقدرته الشرائية التي كان يتمتع بها سنة 1983. وهكذا فإن وضعيته ووضعية السميقار تتطلب حلولا عاجلة وقويّة واذا كان السميقار مضطرا للرضوخ للامر الواقع المفروض عليه فإنّ المهندس الاوّل قد يغادر في كل لحظة وزارته والشركات الوطنية نحو القطاع الخاص او نحو الخارج، نحو فرنسا او كندا او غيرهما. إنّها خسارة لادارتنا الوطنية ولبلادنا بعد سنين من التكوين لا تقدر بثمن اما اذا وجد المهندس الاول حالته في تحسن مستمر بالمعنى الصحيح (أي بمعنى المقدرة الشرائية) ويحظى بالاحترام المادي والمعنوي فلن يغادر وزارته ولن يغادر بلاده.