نظراتهن متوثبة وحركتهن كلّها تحفّز... سألناهن عن مشاغلهن فأردن الحديث دفعة واحدة، انهنّ عاملات قطاع النسيج في جهة بنزرت اللاتي لا يختلفن في بساطتهن وحسرتهن عن جلّ العاملات في هذا القطاع المهدّد.. زيارتنا الأولى قادتنا لمنطقة ماطر وبها مصنع خياطة صاحبه بلجيكي افتتح بوابه منذ ثماني سنوات انه معمل «تانيت» الذي يشغل حوال 150 عاملة لا يتجاوز عدد المرسمات منهن ال 35 عاملة.... نقابة المصنع تأسست منذ 4 سنوات، ولكن عراقيلها كثيرة، حدّثتنا العاملة والنقابية «بهيجة» عن ظروف العمل المترديّة التي تدفعهنّ للعمل المتواصل لمدة تصل الى ثمانين ساعة اسبوعيّا في حين ان القانون ينصّ على 48 ساعة، ووكيلة الشركة والمشرفة على العمل تجبر العاملات على العمل 54 ساعة اسبوعيا دون ادراج ذلك على بطاقات الأجور ودون احتسابها ساعات عمل اضافية وعندما تطالب العاملات بحقهن تجيب المشرفة «على خدمتكم الباهية» او تقول أنّها لم تربح هذا الشهر وكأنها تقول بهيجة كانت ستقتسم معنا الأرباح في حال وُجدت حتى نقتسم معها الخسارة. أما عن الضمان الإجتماعي فقد اثبت كشف الحياة المهنية الذي قامت به بعض العاملات ان هناك قفز على الثلاثيات بمعنى ان تغطيتهن السنوية تكون بمعدل 2 من 4 ثلاثيات. اما عن منحة آخر السنة فلا تسأل فهي لا تٌمنح للعاملات الا في شكل مبالغ مهنية بخسة مع عدم منحهن كشف الاعداد الممنوحة. أمّا عن ملحق الاجور بعنوان سنة 2005 فلم تتحصل العاملات ولو على جزء منه الى اليوم. مراحيض بالوقت العاملة نادية الورتاني التي تشتغل في مصنع «رمبو» ببنزرت قالت ان عمر هذا المصنع تجاوز الثلاثين سنة وقد كان المانيا ثم اشتراه مستثمر تونسي ومنذ ذلك الحين بدأت الصعوبات، فقد باتت العاملات تجبرن على الامضاء على عقود عمل باسم شركة جديدة بعد ان تقضي الواحدة منهن 4 سنوات عمل. اما المعضلة الاشد لديهن فهي حكاية غلق المراحيض في ممارسة جديدة تثير الدهشة فقد قالت محدثتنا ان المراحيض في مصنع «رمبو» تعمل بالنظام الساعوي بمعنى انها تبدأ يومها مغلقة اي تغلق من السابعة الى الثامنة صباحا ثم تفتح الحارسة ابوابها من الساعة التاسعة وحتى الساعة الحادية عشرة ثم تغلق مجددا لتفتح ثانية من الثانية ظهرا الى الرابعة، كما بدأت مغلقة تنتهي يومها مغلقة وحتى بوجود تلك الحارسة المفتولة العضلات ومع الغلق فانها تظل مفتقرة لابسط شروط الصحة فهي لا تتوفر على انابيب وضوء ولا تنظف بشكل دوري ورائحتها مزعجة والمغاسل لاتتوفر على مواد تنظيف كما ان الاخطر أن خفّاقات الشطف معطّلة. دون منحة امومة آمال النموشي التي تشتغل في مؤسسات عاطف بن سليمان بمنزل بورقيبة قالت أن جل العاملات يعانين من ظاهرة تأخر صرف رواتبهن بشكل يعجزن معه على الالتزام بشروطهن الحياتية كما انهن لا يتمتعن بزي الشغل ولم ينلن ملحق الاجور لسنة 2005 أمّا اهم مشكلة فهي الاقتطاع من اجورهن بعنوان المساهمة في الضمان الاجتماعي ثم لا يلتزم «العرف» بذلك مما يحرم الكثير من العاملات من مجانية العلاج ومنحة الامومة ومنح الاطفال. في إضراب عاملات مصنع «سناييل» المضربات عن العمل كنّ في جلسة تفاوض مع صاحب العمل والسلط المعنية ثمّ جئن الى الاتحاد الجهوي للشغل ببنزرت صحبة الاخ حسين بن شلبي المكلف بالقطع الخاص في المكتب التنفيذي الجهوي وقد سجلن في محضر جلسة إلتزام صاحبة المصنع الجديد / وكيلة بسداد بعض مستحقات العاملات (600 عاملة) وأهمها الاجر الشهري الذي غالبا ما صار يتأخر الى ما يفوق الخمسة عشر يوما اما باقي المستحقات مع هذه الوكيلة الجديدة فقد باتت حلما لانها قد استلمت المصنع دون ان تكون لديها الخبرة الكافية لتسييره ولا المال الكافي ايضا فلم تدفع للعاملات لا منحة آخر السنة ولا ملحق الاجور ولا زي الشغل ولا أي شيء. هذا البعض من معاناة عاملات قطاع النسيج بجهة بنزرت وهي معاناة لا تختلف كثيرا عن ما تلقاه نظيراتهن في باقي مناطق الجمهورية في قطاع النسيج الهش الذي يخسر العاملون والعاملات فيه يوما عن يوم موارد دخلهم...