تحصل السيد محمد كشكار أستاذ علوم الحياة والارض بمعهد برج السدرية على شهادة الدكتورا بملاحظة مشرّف جدا مع الشكر الشفوي لهيئة التقييم، وقع تقديم الاطروحة في اختصاص علوم التربية تعلمية البيولوجيا بالمعهد الاعلى للتربية والتكوين المستمر يوم الجمعة 16 فيفري 2007 امام هيئة تقييم متناصفة من جامعة كلود برنار بليون 1 وجامعة تونس. أمّا عنوان الاطروحة بالعربية فهو: الحتميات البيولوجية: تحليل التصوّرات وتغيّرها الناجم عن تعليم نظرية «تدخّل المكتسب في تكوين المخ» عند الاساتذة والتلاميذ التونسيين. وهي تشتمل على بحثين متكاملين: ففي البحث الاول حلّل الاستاذ تصوّرات 275 أستاذا حول الحتميات البيولوجية (مثلا الذكاء يورّث) وتوصل الى تحديد التصوّرات الآتية التي تمثل عائقا لتعلّم نظريّة «تدخل المكتسب في تكوين المخ» (مثلا الذكاء البشري ينتج عن التفاعل المستمرّ بين الوراثي والمكتسب) : 1) المخ يتحكّم في الأفكار والسلوكيات. هذا التصوّر غير العلمي يعوق استيعاب الفكرة المعاكسة القائلة ان الافكار والسلوكيات تؤثر في المخ وتشكل شبكات جديدة من الخلايا العصبية المخيّة. 2) ثنائية «المخ / الجسد» تعوق التفكير في إمكانية التفاعل بينهما، لا يفكّر المبصر مثل الاعمى ولا السليم مثل الاعرج. 3) الخلط بين الفروقات البيولوجية بين مخّ الرجل ومخّ المرأة وعدم المساواة بينهما في الذكاء اذا سلمنا بان مخّ الرجل اكبر وزنا وحجما من مخّ المرأة فهذا لا يعني انه الاذكى لان الذكاء لا يرتبط بالحجم بل بمدى قدرة المخّ على بناء شبكات عصبية جديدة. 4) يطرح الجدل بين الوراثي والمكتسب في السلوكيات بصيغتين مختلفتين لا ترتقيان الى الطرح العلمي: إما «الكلّ وراثي» وإما «الكلّ مكتسب» هذا الطرح يقف حاجزا في وجه الطرح العلمي الذي يقول ان الوراثي والمكتسب يتفاعلان في ما بينهما لانتاج الافكار والسلوكيات. 5) المخّ كلّ أم جزئيات متفاعلة تصوّر المخّ ككتلة متجانسة يعوق توظيف المعلومات المكتسبة حول الشبكات العصبية لتفسير الاختلافات البولوجية في المخ والاختلافات في السلوكيات والأفكار بين الاشخاص. أما في البحث الثاني فقد قام الباحث بدرس حول نظرية «تدخل المكتسب في تكوين المخ» لعيّنة تتكوّن من 72 ملتقي وطلبنا منهم ملأ استمارة قبل وبعد الدرس حللنا اجوبتهم وتوصلنا للنتائج التالية: 1) اكتساب المعارف العلمية لا يؤدي بالضرورة الى تغيير القيّم الرجعية (مثلا الرجل اذكى من المرأة). 2) تغيير المعارف من لا علمية الى علمية اسهل بكثير من تغيير المفاهيم. 3) «التدريس المرئي عن بعد» لا يختلف كثيرا في نجاعته عن التدريس المباشر شريطة توفر ظروف مماثلة (نفس الاستاذ ونفس الموضوع). 4) التكوين العلمي البيولوجي عند المتعلم يساعده على اكتساب المعارف العلمية حول نظرية «تدخل المكتسب في تكوين المخّ». 5) متغيرات الجنس والشهائد والعمر ومصادر المعرفة قد تساعد أحيانا في تغيير المفاهيم. 6) تعليم النظريات الجديدة يساعد على تغيير المفاهيم اكثر من تعليم النظريات الكلاسيكية. 7) الافكار المشحونة عاطفيا تؤثّر في المتعلم اكثر من الافكار الحياتية. وخلص الباحث في الاخير الى تقديم اقتراحات مرفوعة للجهات المسؤولة عن التعليم الثانوي في تونس: 1) نلتمس من وزارة التربية والتكوين التونسية إدراج نظرية «تدخل المكتسب في تكوين المخّ» في برنامج علوم الحياة والارض مستوى الثالثة ثانوي جميع الشعب على غرار ما فعلت وزارة التربية الفرنسية منذ عام 2001. 2) لو استجابت الوزارة لطلبنا نرجو من واضعي البرامج ومؤلفي الكتب المدرسية في علوم الحياة والارض ان يستعينوا أكثر بأمثلة من سلوكيات الانسان تشرح «مرونة المخّ» لانها اقرب عاطفيا للتلميذ من الامثلة الحيوانية. 3) لو درست هذه النظرية نرجو من الاساذة المعنيين إبراز العلاقة الجدلية بين المعارف العلمية والافكار والقيّم حتى لا ننخدع بالشعار الذي يروّج لمقولة «العلم محايد» لان بعض المقالات العلمية تخفي وراءها إيديولوجيا حتمية بيولوجية رجعية.