لم يكن يوم السبت 25 فيفري 2012 عاديا في ساحة محمد علي أو في دار الاتحاد فالساحة كانت على غير عادتها خالية من السيارات النقابيين والحركة دؤوبة والوضع يوحي بان شيئا ما سيحصل وبالفعل، وللرد على الخروقات والاعتداءات التي تعرضت لها بعض مقراته المركزية والجهوية وحتى المحلية، برمي الفضلات ووضع القمامة او اتلاف الوثائق او الكتابة وبلغت ذروة الاعتداء اعتماد الحرق على غرار ما تعرضت له دار الاتحاد المحلي للشغل بمنزل بوزلفة من ولاية نابل. هذه الاعتداءات التي طالت اكثر من مقر ودار للاتحاد يبدو انها لم تجد آذانا صاغية من قبل الدوائر المعنية والمسؤولة وكأن الامر عاديّ بالنسبة إليها لكنها لم تمر على النقابيين مر الكرام فبعد اجتماع المكتب التنفيذي واقتسام الجامعات والنقابات العامة اجتمعت الهيئة الادارية الوطنية بصفة استثنائية واستنكرت هذه الاعتداءات ودعت الى مسيرة حاشدة تنطلق من ساحة النضال ساحة محمد علي بالعاصمة، هذه الساحة التي حاول البعض تدنيسها بالقمامة والفضلات وهي الساحة التي احتضنت مكونات المجتمع المدني والسياسيين والطلبة وغيرهم من الذين اكتووا بنار قمع النظام البائد. النقابيون تحركوا في اتجاه الدفاع عن منظمتهم العتيدة وضعوا مكان القمامة ورودا وزهورا ملأت كافة ارجاء هذه الساحة الرمز، ساحة محمد علي التي انطلقت منها علت حناجر المقموعين زمن حكم الدكتاتور بن علي وارتفع منها هتاف النقابيين المضربين منادين: جلاد الشعب في القصور، ابناء الشعب في السجون،... والطرابلسية يا سرّاق... ويا نظام يا جبان الاتحاد لا يهان الخ... ساحة محمد علي بالعاصمة تميزت يوم السبت 25 فيفري 2012. بنشاط خاص وشهدت حركية غير معهودة فقد توافد عليها عديد الامناء العامين للاحزاب السياسية ورؤساء جمعيات ومنظمات المجتمع المدني وشخصيات وطنية فقد جاء السيد الباجي قائد السبسي الوزير الاول السابق والتقى الامين العام للاتحاد الاخ حسين العباسي وعبر عن مساندته وتضامنه مع الاتحاد ضد الاعتداءات التي يتعرض لها هذا الى جانب الاخوين الطيب البكوش وعبد السلام جراد الامين العامين السابقين للاتحاد وعدد من اعضاء المكتب التنفيذي السابق ورؤساء عدد كبير من الاحزاب السياسية كالسيدة ميّة الجريبي وشكري بلعيد ومحمد الكيلاني وحمة الهمامي وعصام الشابي واحمد ابراهيم واحلام بلحاج وآمنة منيف ومناضلي رابطة حقوق الانسان ونقابة الصحافيين التونسيين وباقي مكونات المجتمع المدني وابناء الزعماء النقابيين امثال نورالدين حشاد وثامر عاشور وغيرهم والقائمة تطول ومعذرة ان سهونا عن ذكر بعض الاسماء لقد جاؤوا الى دار الاتحاد للتعبير عن رفضهم الاعتداء على اعرق منظمة نقابية عمالية الاتحاد العام التونسي للشغل وتدنيس ساحة نضاله ومقراته وهي اساليب خلنا انها ولت بلا رجعة لكن يبدو ان بعض النفوس مازالت مريضة ولم تتخلص بعد من احقادها ومما علق بها من ادران... بعد ان غصت ساحة محمد علي بالنقابيين والعمال وبمناضلي بعض الاحزاب السياسية ومكونات المجتمع المدني القى الاخ حسين العباسي الامين العام للاتحاد كلمة حيا فيها مناضلي الاتحاد وكل من وقف وساند المنظمة الشغيلة ضد الجرم الآثم الذي ارتكب في حقها قائلا لقد هبوا في جنح الظلام كالخفافيش محملين بقماماتهم القذرة ليلقوا بها امام مقراتنا في اكثر من جهة ومنها ساحة محمد علي الشهيرة التي كانت على مر السنين ملاذا لنشطاء الحرية والديمقراطية تطلق في فضائها الكلمة الحرة والمسيرات المعبرة عن الاستحقاقات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ذات البعد الوطني او العربي او الاممي. الأخ العباسي اكد ان ما قاموا به لن يربك مسيرتنا ولن يلهينا عن استحقاقات شعبنا وعن اهداف ثورته المجيدة واضاف لقد توهموا أنّه بالسطو على مكاتب الاتحاد واستباحة ضريح الزعيم حشاد رمز الكفاح الوطني والنقابي وحرق بعض الوثائق سوف ينالون من نصاعة الذاكرة النقابية او يقللون من جذوة اتحادنا المتقدة من جهة أخرى ابرز الاخ حسين العباسي ان الاتحاد مثل دوما اليد الممدودة الي دعاة الحرية وصمّام الأمان ضد أصولية السوق وتنفذّ الفساد والتسلط السياسي والاستقلال الاجتماعي كما اكد ان الاتحاد يبقى النصير الرئيسي لنشطاء الحرية والديمقراطية والحاضن لمختلف الاطياف السياسية والتعبيرات المدنية والفكرية دون تمييز. الاخ العباسي بين في كلمته ان استقلالية الاتحاد ليست للبيع ولا للابتزاز واضاف اننا لسنا طلاب سلطة ولا رغبة منا في السلطة واننا معنيون باعتبارنا منظمة وطنية بكلّ ما له علاقة بحياتنا أجراءً ومواطنين وبكل ما يرتبط باستحقاقات شعبنا حاضرا ومستقبلا. الاخ العباسي اعتبر من قبيل ابتزاز المشاعر لتأليب الرأي العام من خلال ما يروج من تفضيل الزيادات على حل مشكلة البطالة فلا مجال للمزايدة على الاتحاد بشأن الحق في الشغل فهو الذي رفع وفي هذا المكان تحديدًا شعار التشغيل استحقاق بالعصابة السراق... من جهة اخرى دعا الاخ حسين العباسي الى مقاومة وجود خلايا الانصات باعتبارها نوعا جديدا للشعب المهنية وضربا من ضروب الالتفاف على الحق النقابي داخل مواقع العمل داعيا الى سحب هذا المشروع عدد 7 والا سيحتكم الاتحاد الى منظمة العمل الدولية. الاخ العباسي تطرق في كلمته تلك الى مؤتمر اصداقاء سوريا بتونس واصفا اياه بالمؤامرة الصهيونية من شأنها الاساءة الى ثورتنا والى شهدائنا الآباروشعبنا الابي... بعد كلمة الاخ الامين العام انطلقت المسيرة الحاشدة يتقدمها الاخ الامين العام للاتحاد واعضاء المكتب التنفيذي واصدقاء الاتحاد وسارت باتجاه شارع بورقيبة مرورا بنهج محمد علي رافعة شعارات معبرة عن الالتفاف حول الاتحاد والتصدي لكل محاولات تدجينه وتركيعه والاعتداء عليه وضرب استقلالية ووحدة ابنائه... لقد ضمت المسيرة الآلاف من النقابيين والعمال واصدقاء الاتحاد من مجتمع مدني واحزاب وشخصيات وطنية وكانت في مستوى وحجم منظمة وطنية عريقة وعتيدة هي الاتحاد العام التونسي للشغل. المسيرة كانت ناجحة من حيث التنظيم وعدد المشاركين وقد غطت فعالياتها وسائل الاعلامة الوطنية والاجنبية واكدت مرة اخرى ان الاتحاد العام التونسي للشغل منظمة عتيدة وقوية ترفض التحرش بها وقادرة على صد اي اعتداء عليها من اي جهة كانت خاصة أنّها تتعامل مع الجميع بنفس المسافة وترفض ان تكون من اي حزب كان كما ترفض ان تكون ضد اي حزب من الاحزاب. المسيرة شهدت أحداثا مؤلمة عند انتهائها مما جعل المكتب التنفيذي يصدر بيانا في الغرض.