لايخفي على أحد أنّ الفقر والبطالة والإهمال والاستقرار بالثروة الهائلة الحاكمة والسلطة هي الأسباب التي الرئيسية التي خرج لأجلها الشعب التونسي ضدّ «دولة» بن علي. ولا يخفي على أحد الآمال علّقت على الحكومة الجديدة لحلّ مشاكل الاجتماعية خاصة مع الوعود المعسولة التي قدّمتها كلّ الأحزاب المترشحة للحكم غير أنّه بدا من الواضح أنّ الوعود كانت مجرّد وعود لا غير وأنّ الصندوق كان الهدف وأنّ الفوز بالانتخابات كانت الغاية. فخلال السبعة أشهر المنصرمة لم تتخّذ الحكومة التي انتخبها المجلس التأسيسي أي خطوات تذكر سوى الدعوة إلى الهجرة الجماعية إلى ليبيا وكأنّ هذه الأرض ضاقت بأهلها فضلا عن قمع كلّ تظاهرة احتجاجية تذكر الحكومة بالشعار المرفوع أثناء الثورة «التشغيل استحقاق يا عصابة السرّاق». وبغض النظر عن الجوانب السياسية للموضوع سواء بعجز الحكومة فعليا عن ايجاد حلول أو بعدم توفّر الإرادة أو حتى بتخاذل القطاع الخاص حسب بعض المسؤولين فإنّ الفشل من الناحية الاقتصادية في التعاطي مع المشاكل البطالة يبدو واضحا وجليا. والحقيقة أنّ عجز الحكومة لا يبدو مقنعًا ولا قلّة الاستثمار تكون حجّة ولا غياب الاستقرار وتعكّر الجوّ العام يشكّل مدخلا إلى تفسير البطالة وغياب الحلول. فالأصل هو في التصورات الاجتماعية إذ يبدو أنّ هذه الحكومة تعتمد اعتمادًا كلّيا على اقتصاد السوق وتريد لهذه الآلية العجيبة والفاشلة أن تحلّ الأزمات الاقتصادية والاجتماعية. إذ يكفي في هذا الصدد الانتباه إلى قانون الميزانية التكميلية سنة 2012 لنلاحظ أنّ العامل وحده من سيحمل مصاريف البرنامج الاقتصادي والاصلاح الجبائي فهذه الحكومة اختارت التخلّي عن الخيار الاجتماعي وانسحاب الدولة الكلّي من الاقتصاد وترك السوق لقوانينه. وهو خيار فاشل منذ البداية. انّ المرحلة الحالية في تونس تقتضي تدخل الدولة وتعديل السوق ودفع الاستثمارات العموميّة لما يخلق فرصا للعمل ويمتصّ النصيب الأكبر من العاطلين عن العمل بما يدفع الاستهلاك والطلب وهو ما سيجلب الاستثمارات (تجدر الاشارة إلى أنّ العمليّة ليست ميكانيكيّة وتستوجب الكثير من التفصيلات). إنّ التعويل على الاستثمارات سواءً الداخلية أو الأجنبية للتطوّع لإنقاذ البلاد وانتظار تنفيذ وعود رجال الأعمال من الأصدقاء والأشقاء لا يمثّل برنامجًا حكوميا جادًّا لحكومة تريد إنقاذ البلاد بعد ثورة. وهي اختيارات قديمة أملاها سابقا صندوق النقد الدولي وفشلت. لذلك وازاء هذه الاختيارات الليبرالية فإنّه ليس من الغريب حقّا أن تتخبّط تونس في أزماتٍ وأن تعجز عن توفير عيش كريم وعمل لائق لأبنائها. ولمزيد تسليط الضوء على مشكل البطالة التقت «الشعب» بعدد من المعطلين عن العمل الذين ينشطون صلب اتحاد الشهائد المعطلين عن العمل والذين نظّموا يوم 7 أفريل مسيرة احتجاجيّة قمعت بشدّة ولم تترك لها وزارة الداخلية الفرصة لبلوغ شارع الحبيب بورقيبة وكانت الحوارات التالية: