مرة أخرى يعجز منتخبنا الوطني لكرة القدم على الظهور بوجه لائق ومحترم، رغم أنّ المنافس لم يكن لا الكامرون ولا نيجيريا ولا الكوت ديفوار ولا أي منتخب آخر من الحجم الكبير بما أنّ منتخب السودان يُعتبر من المنتخبات العادية. نعم لقد كان بإمكان هذا المنتخب المغمور أن يأخذ الأسبقية في التهديف لو توفر لأحد مهاجميه الحدّ الأدنى من أبجديات لعبة كرة القدم. وكان من الطبيعي أن يظهر أغلب لاعبي منتخبنا بذلك الوجه الشّاحب نظرا لإعتماد الإطار الفنّي على رسم تكتيكي لم يكن مناسبا حسب رأيي الخاص أمام منافس بدا منذ الدقائق الأولى للمباراة يشكو عديد النقائص فكيف يسمح السيد لومار لنفسه بالإعتماد على ثلاثة لاعبين إرتكاز (المناري زعيم والشاذلي) في حين كنّا مطالبين بلعب ورقة هجومية بما أنّنا كنّا في حاجة ماسة لنقاط الفوز. الحقيقة أنّه كان على مدربنا الوطني بل المنطق كان يفترض بأن نلعب بلاعب ارتكاز واحد مع لاعبين في الرواقين وصانع ألعاب خلف المهاجمين الذين لم يشكّلا أي خطر يذكر على دفاع المنتخب السوداني (وهنا موضوع آخر ونقطة سلبية أخرى تُضاف إلى معضلة خط الوسط) فإذا كنّا نلعب بذلك الرّسم أمام منتخب من ذلك الحجم، فكيف ستكون الأمور لو لعبنا أمام منتخب يملك امكانيات أكبر من منتخب السودان؟ قد يكون اطارنا الفنّي فكّر حقّا في الإعتماد على طريقة هجومية ولكن بمثل تلك التركيبة لم يكن بالإمكان تنفيذ نوايا مدربنا الوطني. وهنا اتضح مرّة أخرى بأنّ بغياب الجزيري وسانطوس لا يمكننا أن نتباهى بما هو متوفّر لدينا من مهاجمين في الوقت الحالي (مع احترامي لبقيّة المهاجمين). وبالرجوع إلى شريط الأهداف التي سجلها كل من الجزيري وسانطوس في مباريات منتخبنا السّابقة سيكون بإمكان إطارنا الفني التوقف على أنّ أغلب هذه الأهداف جاءت نتيجة خبث كروي قل وشهدناه عند بقيّة مهاجمينا. التميّز والإتقان الثنائي الجزيري وسانطوس من كرات ميتة ان صحّ التعبير تصبح لهذه الكرات قيمة وجدوى على الميدان رغم أنّ البعض من التمريرات التي تكون في اتجاه أحدهما عادة مايكون مصيرها في غالبية الأحيان مجهولا قبل أن يجعلا منها ايجابيات قد لا تخطر حتى على بال المدرب والجماهير في نفس الوقت. فمهما اجتهد عصام جمعة فلن يكون بإمكان المدرب اعتماده كرأس حربة وقد كان من الأجدى التعويل عليه في خطّة لاعب رواق أيسر لوسط الميدان. أمّا علي الزيتوني فرغم المجهود البدني الذي يقوم به فإنّه لم يتمكن بعد من استرجاع مؤهلاته التي عرفناه بها. وقد يعود ذلك لفترة الشك التي مرّ بها مع فريقه (الترجي) بما أنّ مدربه استعمله في مركز لا يتماشى مع قدراته الفنية المحدودة وقد يكون من خلال ذلك أفقده لذّة اللعب وكذلك صِيغ التمركز الصحيح التي تتدعم بالمواضبة على اللعب في المباريات. فإذا كان مدرب الترجي السابق خيّر استعمال مهاجمه الزيتوني في مركز متوسط ميدان استنادا على قدراته البدنية التي تجعله يساهم باقتدار في الدور الدفاعي للفريق وتقريبا نفس الشيء مع المهاجم اللطيفي فإنّه لم يكن من الضروري أن يعتمد عليه لومار أساسيا. السيد لومار سقط في نفس الخطأ عند اعتماده على لاعبين ارتكاز حتى يضمن من خلالهم حسن التصرّف الدفاعي للمجموعة على حساب اللّعب الهجومي والمساندة الضرورية لمهاجمي منتخبنا لكنّ ضدّ من؟ فهل هذا التكتيك يصلح لمباراة ضدّ السودان؟ لقد كان من الطبيعي أن يوُلّد هذا التوجّه غير الصائب شيئا من الإضطراب فوق الميدان ممّا أفقد بعض اللاعبين تركيزهم وأدخلهم في متاهات كادت تكلّفنا إحداها هدفا نتيجة سوء تقدير من خالد بدرة في مناسبة أولى ثمّ من حي في مناسبة ثانية. أشياء غريبة عنّا اللقطة التي ظلّت عالقة في أذهان من حضروا هذه المباراة، هي اللخبطة التي كادت تحصل في كلّ مرّة عند حصولنا على مخالفات مباشرة في مناطق الفريق المنافس وما حدث بين المناري والعياري لا يبعث على التفاؤل، بل يُحيلنا على التفكير مليّا في عديد النقاط التي تستوجب تدخّلا عاجلا للإطار الفنّي قصد فضّها لأنّها تدلّ بما لا يدع للشك بأنّ الأمور بدأت تفلتُ من يديْ المدرب الوطني خاصة على صعيد الإنضباط والتقيّد بالتعليمات. إذن جاءت هذه النتيجة السّلبية لولا الهدف الذي سجّله المدافع السّوداني ضدّ مرماه نتيجة اختيار غير موفق من طرف المدرب الوطني أولا لطريقة لعب غير مثلى ( ) أو ( ) ثمّ لإعتماده على لاعبين في مراكز قد تبدو للمدرب في محلّها ولكن بالرجوع الى ردهات المباراة يتبيّن لنا منذ الوهلة الأولى بأنّ خياراته لم تكن موفقة نظرا لإفتقاد بعض اللاعبين للمواصفات المطلوبة. في هذا الشأن بالذات لا يحقّ للسيد لومار أن يتعذّر تحت أي غطاء نظرا للكمّ الهائل من اللاعبين الموجود تحت تصرّفه من لاعبين محليين وغيرهم من مختلف بطولات أوروبا. نحن ندرك جيّدا مدى جدوى اللعب بثلاثي ارتكاز ولكن ليس ضدّ منتخب مثل السودان!! أكيد أنّ السيد لومار وقف على بعض السلبيات التكتيكية ليظلّ مطالبا بتعديل بعض الأوتار قبل فوات الأوان لأنّ السيطرة لا تعني في جميع الحالات الفوز. ومن أنذر فقد أعذر لأنّ مردود لاعبينا مرتبط بخيارات لومار الفنية وليس لأشياء أخرى.