على امتداد نهار السبت الماضي عاشت مدينة صيادة من ولاية المنستير على وقع فعاليات ندوة قيمة تحت عنوان «صيادة تفتح بياناتها» أثثها جمع من الاساتذة الاجلاء ونشطاء المجتمع المدني بمداخلات قيمة تجاوزوا فيها الاطار المكاني الذي حدّده عنوان التظاهرة ليؤسسوا لمدخل اصلاحي وطني وفق ترتيبات وآليات معينة بعيدة عن الشحن السياسي والاحتقان الاجتماعي. الافتتاح كان من نصيب السيد احمد مهني رئيس الجمعية للتعريف بها لدى الحضور مبيّنا أنها تأسست بمبادرة من لفيف من النقابيين والحقوقين وهي احدى نتاجات الثورة بعيدا عن اي حساسيات سياسية او فكرية لتقف على مسافة واحدة من الجميع. وقد غلب على نشاطاتها تنظيم المحاضرات لِلَمْ شتات الافكار البناءة والكفاءات النيرة التي شتتها الظروف وفككتها تسلطات السنين الخوالي. ومن بين هذه المحاضرات »تعددية الشخصية الفكرية «لابن رشد» و «ثقافة الاختلاف في المشهد الوطني العام» وغيرها من الندوات والمسامرات والملتقيات واخرها ندوة الحال «صيادة تفتح بياناتها» وهي اول تجربة تعمد لها بلدية (أو كما تدعى اليوم نيابة خصوصية) على المستوى الوطني بهدف التأسيس لثقافة الحوكمة المفتوحة بمشاركة بل بمساهمة جمع من الاساتذة الأجلاء والسيدة مبروكة مبارك النائبة في المجلس التأسيسي عن أمريكا اللاتينية والدكتور سهيل العلويني المترشح عن دولة الامارات العربية المتحدة والذي ساهم بمداخلة قيمة وضح فيها مفهوم الديمقراطية التشاركية وخلص فيها الى اقتراح بعث هيئة أو لجنة مستقلة للشفافية وهو السياق الذي لم تحد عنه النائبة مبروكة مبارك عندما دعت الى تعميم تجربة صيادة التي تؤسس لفتح جسور المعلومة واطلاق سبيلها ورفع يد السلطات عنها الا ما مس منها مصالح الوطن العليا (الأمن والدفاع) وكذلك الاعراض. أما السيدة مفيدة وسلاتي استاذة علم اجتماع وباحثة وعضو مجلس الامناء للشبكة العربية للمساءلة وهي شبكة بادر بها البنك الدولي لارساء مبادئ الحوكمة الرشيدة والعمل على حق النفاذ للمعلومة وقبلها رفع الوعي في مسألة المساءلة الاجتماعية وضمان حرية التجمع وشفافية الموازنات... وهي العناصر التي بسطتها ودون تحجيم السيدة الوسلاتي على غرار الاستاذ مراد مهني الذي حملت مداخلته عنوان «العوائق السوسيوثقافية المعطلة للحوكمة» الذي اثار الكثير من الحيرة في صفوف الجموع الحاضرة عندما أكد أن خصائص الحوكمة كمفهوم ضبطها البنك الدولي الذي كان والى وقت قريب يزكي ويدعم الأنظمة الاستبدادية! وهي معاناة ينضاف اليها هيمنة ثقافة ما قبل المدنية التي من مؤشراتها التحالفات القبلية والولاءات الى المجتمعات المحلية مما يعطل بناء مجتمع مدني حقيقي وبالتالي تعطيل منهاج الحوكمة... كياسة سياسية الى جانب دسامة تدخلات المحاضرين والمحاضرات عرفت الندوة مساهمات قيمة لكثير من الحضور الذين تجاوبوا واختلفوا واستوضحوا لا بل أكثر من ذلك ساهموا بالاثراء ببعض الافكار الظريف منها والمهم على غرار تلك الدعوة الى الاستغناء عن المجلس التأسيسي الذي يبتلع المليارات من قوت الشعب والاستعاضة بالانترنات! كما دعا مناقش آخر الى اعتماد شفافية مالية تقطع مع المال المشبوه المتقاطر علينا وتجفيف منابعه المعلومة...