اختار فضاء «تومانة» للتنشيط الثقافي والسياحي بميدون ومواصلة للعمل الأول المنجز في شهر ديسمبر الماضي تحت عنوان «التحضير لمرحلة التقاعد» أن يتطرق في ندوته العلمية يوم السبت 24 مارس2007 لموضوع «التقاعد بين القطيعة» وفعاليات التواصل والاثبات» واستدعى للغرض ثلة من الأساتذة الجامعيين لتقديم الاضافة النوعية وإثراء الحوار مثلما أوكده السيد حسين الطبجي (مدير متحف قلالة) والرئيس المنشط للتظاهرة. وتركزت محاور الإهتمام على خمس نقاط، كانت مكثفة وعميقة في محتواها، لعب معطى الزمن دورا مهما، بحكم أن الندوة إقتصرت على حصة صباحية تخللتها إستراحة قصيرة ، وهي على التوالي : «المتقاعد في البنية الاجتماعية الاقتصادية التقليدية المكانة والدور والسلطة» بمداخلة الدكتور محمد نجيب بوطالب (مدير المعهد العالي للعلوم الانسانية ابن شرف) و «المتقاعد في البنية الاجتماعية الاقتصادية الحديثة : المكانة والدور والسلطة» بمداخلة السيدة سوسن الحاج قاسم (أستاذة علم إجتماع المتقاعدين) و «سمات شخصية المتقاعد في ظل التحولات:مقاربة نفسية إجتماعية» بمداخلة السيد عادل الوشاني (أستاذ علم الاجتماع الثقافي والسياحي) و «آليات إدماج المتقاعد في المحيط الاجتماعي» بمداخلة السيد عبد القادر الجليدي (أستاذ علم الاجتماع ومؤسسات الخدمة الاجتماعية) و «المتقاعد والترفيه» بمداخلة السيد عادل بلكحلة (أستاذ علم النفس الاجتماعي) وأخيرا «المتقاعد وتعزيز الثقة بالذات» بمداخلة السيد سامي بوراوي (أستاذ علم النفس بالمعهد العالي للتنشيط الشبابي والثقافي ببئر الباي). وقد ظهرت هذه المساهمات للحاضرين متكاملة في مواضيعها ومنهجيتها، زاخرة بالمعطيات والتحليلات مبوبة بشكل سلس يسهل هضمها ومتابعتها بيُسر، اتفقت ابوابها على طرح الأسئلة التي تهمّ وضع المتقاعدين عموما وفي تونس والوطن العربي الاسلامي ذي البيئة الاجتماعية خصوصا. كما لاحظنا أن المداخلات لم تغص كثيرا في الارقام والاحصائيات والسلاليم البيانية، وركز على النواحي الاجتماعية والنفسية والذاتية والاقتصادية لمفهوم كلمة «متقاعد» إرتباطا بواقعه الموضوعي ككائن انتهى دوره كفاعل في عملية الإنتاج العامة وتوقفت إلتزاماته المهنية في محيطه، وطموحه المشروع في اثبات واستمرارية ذات الشخصية تجاه نفسه أولا باعتبار أن العمل الاجتماعي كان يمثل ولربما الركيزة الاساسية المحددة لها، ومواصلة العطاء والبذل والاجتهاد وملء الفراغ الجديد من حوله ، بأشكال أخرى من العمل، للحفاظ على ديمومة المكانة الاجتماعية والتخلص من التقوقع على النفس والسلبية المقيتة، في مجتمع يريد استغلال كل الطاقات حتى المحالة منها قانونا أو طوعا أو قسرا على «المعاش» . ويعتبر طرح هذا الموضوع في حد ذاته ذا بعد استشرافي، إذ لا توجد ومثلما أوكده الأساتذة دراسات علمية حول الفئة العمرية للمتقاعدين ولا اهتمام بها، نظرا للخصوصية الشبابية لمجتمعنا ومجتمعات بلدان المغرب العربي وغيره من الأقطار العربية.