أفاق الوزير باكرا يوم الأحد وشطح على أنغام التحوير الوزاري الذي قيل له انه لن يستثنيه من العزف في الجوقة القادمة . لبس ثيابه بسرعة ثم استعد للخروج لشرب قهوته المعتادة في مكانه الذي لم يتخلف عنه منذ أيام ما قبل الثورة حين كان يمارس المعارضة التي نسيها بعد أن ركب التكتك الحكومي ، علمته السلطة ان يكون وزيرا في الخدمة صباحا، مساء ويوم الأحد وهو الذي حلم بذلك طول حياته . دق جرس هاتفه الجوال وهو يحتسي بلذة قهوته بين صوت النادل وحديث الرواد . قال له مخاطبه من الجهة الأخرى لقد قامت الدنيا ولم تقعد تحت أنغام «الهارلم شايك» ...فتحرك اذن . لم يفهم الوزير الكلمة فهو لا يعرف من الموسيقى الشعبية غير الفزاني المرتاح في أحضان أسياده . تلقى أوامره من أولي أمره وأمرنا . نسي الوزير انه في يوم عطلة فحول المقهى إلى مكتب من مكاتب الوزارة وراح يكيل التهم إلى الشباب الفاسد الذي ضيع الدرس والأخلاق وتفنن في ليّ الخصر واهتزاز النهود . لم ينته الوزير من تنفيذ الأوامر حتى ارتعشت الدنيا بين شطح وتسبيح. امتلأ الركح بالراقصين والمصلين : أنصار الملائكة وأتباع الشياطين . وبينهما جيوش من المعارضة وفيالق من الحكم :المعارضة تصفق بحرارة للرافضين وتغني «حرام حرير ونغمة سوري» والحكم يشعل الوشق والداد في عيون الفسّاد . وبين هذا وتلك فرقة من المثقفين العجّز والشيوخ الطاعنين يصبون الزيت على النار ويهيئون كل الظروف المناسبة لحفل لاكريموجان لذيذة في ثورة أخطأت طريقها إلى الثقافة فقسمتنا بين محجبة وسافرة و بين لابس للحداثة ومتدثر بثوب السلف الصالح . هنيئا لتونس بمعارضتها التي تهوى الأكل بيد القاصرين والحكم الذي صير الوزراء القصر خداما لأصحاب الفتاوى البليدة والمواعظ الهابطة. هكذا تحول الهرلم شايك عندنا إلى تخميرة جماعية...وانتقل في ظل الزطلة العامة من رقصة على أنغام الديدجي إلى شطحة .