قضية شائكة تلك التي تشهدها مؤسسة سايا برجز الألمانية حيث بلغت الامور حد الابراق بالاضراب من طرف الهياكل النقابية وفتح مجالس تأديب من جهة الادارة لإحالة ثلاثين عاملة من أجل عدم الانضباط للنظام الداخلي والذي تحول بموجبه موضوع دورات المياه الى صنابير مشاكل وتراشق وتشاكي وتداخل وتدخلات وقضايا ومجالس، وعدول وإضرابات ومحامين وهلّم كركر...!! كل ذلك وسط تجند الخيرين والسلط الادارية لحسم المسألة والخروج بها من المنزلق الخطير الذي آلت اليه، ونقول خطير لأن الأمر يلامس القوت ويمسّ بمصير عائلات يتراوح واقعها الاجتماعي بين المتوسط وما دونه ولتطويق المسألة عن قرب وفي اطار النزاهة والموضوعية تحولنا خصيصا من العاصمة لنلتقي بعيدا عن كل تشنج الطرفين الأخ عبد الكريم الجديدي بقني عضو المكتب التنفيذي للاتحاد الجهوي للشغل بالمنستير والمتابع المباشر لهذا الملف والسيد ياقر هارتفيق مسؤول الشركة الألمانية وكانت البداية مع الأخ عبد الكريم . بداية هلاّ وضعتنا في صورة الاحداث ؟ انطلق المشكل عندما تم إشعار العمال ببلاغ من الإدارة مفاده أن نظاما داخليا جديدا وقع صياغته ويتعين الخضوع له حيث يتعين بمقتضاه أن يكون التردد على دورات المياه خاضعا لشارات ضوئية وبطاقات خاصة مقابل بطاقات الحضور تسترجعها المنتفعة بهذه «الخدمة» بعد قضاء حاجتها وهو ما اعتبر ممارسة خاطئة تسبب الاحراج الى جانب ما ذهب في ظن النقابيين من الهدف الآخر للإدارة من هذا الإجراء وهو خصم وقت دورة المياه من دورة الأجر...وهنا أتساءل لماذا لم يشرك الجانب الإداري الطرف العمالي عند وضع هذا القرار واتخاذ هذا الإجراء الذي انجرت عنه مشاكل لا آخر لها ولا أول من بينها حرمان 30 عائلة من رغيف الخبز... الآن وقعت الفأس في الرأس والعمال في بطالة مريرة ما الحل؟ ما عرفناه وتأكدنا منه أن هناك نية واضحة لضرب الحق النقابي وممثلي العمال في اللجنة الاستشارية والنقابة الاساسية الذين تم طردهم بدل التفاوض معهم . * لم تجبني وطرحت المشكل بدل الحل؟ الحل هو مراجعة هذه القرارات الأحادية الجانب والتي كانت مصدر أزمة حيث تم اسقاط وجهة نظر الطرف النقابي ومن مصلحة الجميع العمال والادارة والمؤسسة ككل من الضروري مراجعة المسألة من أساسها بالحوار البناء والمسؤول الذي يحفظ لكل طرف حقوقه. * هل من حل عاجل؟ ليس أكثر عجلة من ارجاع العاملات الى مواقعهن باعتبار حالاتهن الاجتماعية التي لا تحتمل معاناة كهذه .. فمنهن الأرملة والمطلقة، والمعيلة لكتيبة من الاطفال، ومنهن من تركت موطنها والأهل من أجل الرغيف ... الى غير ذلك من الحالات والاحوال ... وبالتالي فهؤلاء في عيوننا الى آخر قطرة عرق!! أما باقي الحلول الاجرائية والنقابية وما الى ذلك فللطرفين الوقت الكافي للتفاوض ومعالجة كل الإشكاليات. * هذا كلام جميل يدل على انتظارات أجمل فهل الطرف المقابل عنده نفس الأريحية؟ أعتقد أن لهذه المؤسسة تاريخا نظيفا مع المنظمة الشغيلة خاصة زمن السيد كلازن المدير العام الحالي حيث حققنا إنجازات كبيرة لا ينكرها إلا جاحد على غرار تخفيض فضاء لتعاطي النشاط النقابي الى جانب التزام الادارة بعدم التدخل في شؤون النقابيين إلا من طرف المسؤول الأول.. ولكن الآن تغيرت الأحوال وأنتجت أطرافا أخرى من داخل الموسسة تسعى الى ضرب هذه المكاسب الى أن وصل الأمر الى ما نحن بصدده نتيجة قطع الحوار وتعكير المناخ الذي ساد المؤسسة على امتداد سنين. * في أقوالك كثير من الموضوعية لكن سمعنا عن شدّة انفعالاتك التي ألصقت بك تهما كثيرة؟ أنا لا أسميه انفعالا بل استماته في الدفاع عن الحق النقابي وعمنْ أوكل لي هذه الآمانة بانتخابي في هذا الموقع وهو ما جاهرت به أمام الجميع داخل مقرات السلطة وداخل المنظمة وأمام المؤسسة. *الرأي الآخر اثر ذلك تحولنا الى الموسسة في الطرف الغربي لمدينة المنستير ودون سابق إعلام وهو ما لم يمنع السيد ياقر هارتينق من استقبالنا بكثير من الترحيب رغم إفصاحنا له بداية بأننا لسنا صحافة في المطلق كما أفاده أحد المواطنين ولكننا من جريدة «الشعب» وهو الأمر (أي حسن الاستقبال) الذي فاجأ الأخ بلقاسم بن احمد عضو المكتب التنفيذي المسؤول عن الإعلام ... ولم يترك لنا السيد ياقر فرصة بل طفق يحدثنا عن المؤسسة وعن المشكلة ... وفي ما يلي نقلا أمينا لأقواله حسب المترجم وهو أحد مستشاريه من ذوي الأصل التونسي والجنسية الألمانية: «بلدكم ... والبنات (ويقصد العاملات) في أحداقي وبالتالي لا تنتظروا مني غضبا وانفعالا حيث أني مناضل نقابي قبل تحمل المسؤولية الإدارية، وأعي جيدا حق العمال وأيضا وهذا مهمّ واجبهم ... وما حدث هنا منذ أسبوعين لا يستحق هذا الحجم الذي أخذه ... حيث انه من غير المعقول ان يستدعي تطبيق نظام معين لا ضرر فيه كل هذا الجدل. فأنا اطالع الرائد الرسمي بانتظام وأتابع وجهة نظر السلطة في بلدكم ودليلي على ذلك متابعتي حرفيا لما جاء في بيان السيد رئيس الجمهورية في يوم المؤسسة الاسبوع الماضي... ودعني أحوصل لك المسألة ولكم ولقرائكم سديد النظر !!! فالعملية إنطلقت عندما فكرنا في تنظيم عملية ارتياد دورات المياه الذي أصبح مضيعة للوقت ... حيث لك أن تتصور توقف 20 عاملة ضربة واحدة عن العمل بدعوى قضاء الحاجة .. فعدد بيوت الراحة عشرة بداخلهن 10 فتيات وخارجهن 10 في الانتظار ولك أن تجمع وتطرح كما تشاء وهذا كله على مدار اليوم .. مما دفعنا الى التفكير في طريقة حضارية وسليمة وهي إشعار الفتيات بشغور دورات المياه عن طريق إشارات كهربائية حيث تنتظر الفتاة شغور احدى الدورات لتذهب بدل أن تسبق ذلك وتترك شغلها وتبقى تضيع الوقت هناك في الانتظار ، وهو ما لا أرى فيه عيبا وإلا لكنا حذفنا هذه الخدمة من القطارات مثلا.. وعموما لا أرى ولم أر مانعا من إعادة النظر في المسألة خاصة أننا دعونا ممثلين للنقابة قبل تنفيذ النظام الجديد ولم يستجيبوا !! (هذا غير صحيح حسب النقابة) وعموما جميعنا بانتظار السيد المدير العام الذي سيلتقي المسؤولين الجهويين النقابيين والإداريين وبعدها لكل حادث حديث... وتبقى اشارة واحدة أود نشرها وهي ان التونسيين الاثنين المساعدين لي في إدارة الموسسة لا علاقة لهما بالقرارات التي اتخذها بل علاقتهما بالتنفيذ ... ومستعدّ لتلقي أي تظلم منهما والنظر فيه.