في مثل هذا اليوم غرة ماي كان الزعيم النقابي الراحل شهيد الثورة الوطنية فرحات حشاد، في مقدمة سيول هذه الجماهير الغفيرة المتدفقة من كل حدب وصوب في مسيرة تاريخية عظمى، تضم الآلاف المؤلفة من مختلف شرائح المجتمع المدني التونسي انذاك تغص بها الشوارع وتضيق بها الانهج، في حماس، لم ير التاريخ مثيلا لها مخترقة كل جدار، حاملة الاعلام التونسية واللافتات النقابية ومختلف الشعارات الدستورية، رمزا وتعبيرا عن مدى قوة هذا الشعب المتكتل كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا، في وجه الاستعمار الغاشم البغيض وذلك بفضل ما غرسه فيه حشاد ونماه من الروح الوطنية والتي اصبحت تفيض حبا وتعلقا بالوطن أولا وقبل كل شيء، لقد بنى حشاد من هذه الجماهير الغفيرة، قوة عملاقة لن تقهر ولن تهزم مهما كانت قوة الاستعمار وجبروته، ومن اكبر الحوافز وأشدها لهيبا على الاستعمار وقتئذ، قد كانت طلائع هذه الجماهير تظهر للعيان امام الرأي العام العالمي، في تعبئة عامة وشاملة كأمواج البحر في مشهد رائع من النظام والتنسيق والطاعة والامتثال، مطالبة بجلاء الاستعمار ورحيله عن ارض الوطن نهائيا والى الابد. وماذا كان يحدث في مثل هذا اليوم بالذات استنفارا للقوات الفرنسية المتواجدة بتونس انذاك، والمدججة بمختلف الاسلحة الخفيفة منها والثقيلة تحسبا لما عسى ان يطرأ من ردود فعل هذه الجماهير الغفيرة التي خرجت للانضمام والمشاركة في هذه المسيرات التاريخية التي كان يقودها الراحل بطل الثورة الوطنية الشهيد الخالد فرحات حشاد انذاك، اذن لنتذكر وحتى لا ننسى في مثل احياء هذه الذكريات من غرة ماي، ما بذله حشاد وتركه فينا لن يذهب سدى وستبقى روح حشاد الطاهرة النقية ترفرف في سماء تونس الخضراء، خير دليل واصدق شاهد للاجيال القادمة، وان حشاد لن يموت وستبقى ذكراه عالقة في القلوب والعقول والضمائر، ماضيا وحاضرا ومستقبلا.