نزلت بتوزر يوم الثلاثاء 24 أفريل كميات كبيرة من الأمطار فاقت بكثير المعدّل العادي لنصيب المدينة من مياه السماء. ولئن استبشر الأهالي في بادئ الأمر بهذا الغيث النافع، فإن ارتياحهم هذا تحوّل بعد ساعات الى شعور بالقلق ليصبح مع حلول الظلام خوفا سكن قلوب متساكني حي «حفر الطين» بتوزر الذي حاصرته المياه من كل جانب وحوّلته الى بحيرة اختلطت فيها مياه الأمطار بمياه المجاري المستعملة. مستوى المياه وصل في منازل ومتاجر ومقاهي هذا الحي الى حدود المترين فتأثر كل ما كان بداخلها من أثاث وبضائع يصعب على أصحابها تعويضها في القريب العاجل. السلطة وعديد المصالح الجهوية كانت حاضرة منذ البداية فتدخلت، أولا لانقاذ المحاصرين في بيوتهم بواسطة تراكس تعطلت هي الأخرى من فرط الأوحال والمياه وقامت ثانيا بإيواء المنكوبين في فضاءات عمومية وأمّنت لهم ما يحتاجون إليه من طعام وأغطية. ومع حلول صباح اليوم الموالي بدأ الجميع يعاني هول الكارثة التي حلت بهذه المنطقة، وانطلقت عملية امتصاص ميؤوسة لمياه البحيرة بواسطة مضخات فلاحية. حينها فقط أيقن المواطن والمسؤول على حدّ السواء بأن صعوبات كثيرة تنتظر عملية الاغاثة وأن أسئلة عديدة تحتاج الى أجوبة فورية. المشاكل المنتظرة كانت تتمثل أولا في توفير مضخات عملاقة لافراغ البحيرة وفك الحصار عن الأهالي وقد تم ذلك مساء يوم الاربعاء بوصول مضختين من تونس العاصمة. وأما الصعوبة الثانية فكانت تتمثل في البحث عن فضاء يستوعب هذا الطوفان من المياه الملوّثة القادرة على التحوّل في كل لحظة الى خطر حقيقي يهدّد البلاد والعباد. والحل كان توجيه هذه المياه الى ما يسمى عندنا ب «الخندق الكبير» ومنه مباشرة الى شط الجريد قبلة السواح والزائرين. لماذا تكررت هذه المأساة؟ فالاولى كانت سنة 1990 ، وكيف وأين وقع توظيف الاعتماد الهام الذي أمر به السيد رئيس الدولة بعد زيارته لتوزر في أوت 1990 ؟ فرئيس الدولة أذن بعد معاينته لآثار فيضانات تلك السنة بتهيئة الحي واقتلاع المشكلة من جذورها حفاظا على سلامة المواطنين وممتلكاتهم. هل من تعويض ينتظر المتضررين الذين فقدوا كل شيء؟ تلك كانت أهم الأسئلة التي طرحها المواطنون نوردها كما هي أملا في تفادي مثل هذه المآسي مستقبلا.