نشرت اللجنة الثقافية بجربة حومة السوق بالتعاون مع البلدية كتاب «النزعة الانسانية في مؤلفات ابن المقفع» تأليف الدكتور محمد فريد غازي، تعريب: رشيد الغزّي، مراجعة وتقديم وتحيين: محمود طرشونة كما قام هذا الأخير بتصميم الغلاف، الطبعة الأولى (فيفري 2005). وتعميمًا للفائدة نقدّم للقرّاء محتوى هذا المرجع في الأدب وأهم ما فيه ... يقع المؤلف في 766 صفحة من الحجم المتوسط، مُقسمٌ الى ستة أبواب مع الإهداء والتقديم والمقدّمة والملاحق والمصادر والمراجع. يقول الدكتور محمود طرشونة «وأخيرا ترى النور أطروحة محمد فريد غازي عن أدب ابن المقفع الانساني النزعة. وهي أوهل دكتورا دولة يتحصّل عليها تونسي. وهذا وحده كافٍ للاهتمام بها والسعي الى نشرها»، ثمّ يُضيف بعد ذلك «فالأطروحة الأساسية اذن كانت بعنوان «عبد الله بن المقفع كاتب ذو نزعة انسانية من القرن الثاني الهجري / الثامن الميلادي» (رأينا أن نختصره في عنوان هذا الكتاب فجعلناه..»، وقد أشرف عليها الأستاذ رجيس بلاشار R. Blachère) وناقشها «محمد بن غازي» (وهذا اسمه الرّسمي) سنة 1957 بباريس. منهجية العمل اعتمد غازي في أطروحته على منهجيّة عمل المستشرقين ويعلّل الأستاذ محمود طرشونة ذلك بقوله «لم يكن أمامه غير منهج المستشرقين. فمقالات الشكلانيين الروس لم تترجم بعد الى الفرنسيّة ولا الى الألمانية التي يبدو أنّ محمد فريد غازي كان يتقنها وكُتب تودوروف (Todorov) وجرار جنات (G. Genette) ورولان بارط (R. Barthes) لم تظهر بعد، فطبّق أحدث ما بلغه من المناهج سنة 1950 عندما بدأ في تأليفها. وعن سبب اختياره لابن المقفع يقول فريد غازي في المقدّمة «فهو الرجل الأول والوحيد.. الذي استطاع أن يدافع عن كرامة الانسان في مدينته تجاه سلطة سياسية ظالمة غاشمة، فكان موقفه شبيهًا بموقف غاندي الاّ أنّه كان موقفا مأساويّا، واذا ما نظرنا الى ابن المقفع هذه النظرة، واذا ما أحطنا بشخصيته في كامل انسانيتها وأصالتها كاتبا كبيرا ذا نزعة انسانيّة ومفكّرا ومنظرا سياسيّا يكون جديرا بأن يُحظى بأعلى المراتب في الذاكرة العربيّة وأن يحتل مكانة مرموقة بين عظماء المفكرين على الصعيد العالمي». أبواب الأطروحة تناول الباب الأول الذي عنوانه: حياة ابن المقفع وعصره، في الفصل الأول منه: طفولة ابن المقفع في عهد بني أمية، وفي الفصل الثاني: حياة ابن المقفع في عهد الدولة العباسية. أما الباب الثاني والذي جاء تحت عنوان: ابن المقفع كاتب دواوين فقد تحدّث الباحث عن ثقافة ابن المقفع في الفصل الأول، وعلاقته بطبقة الكتاب في الفصل الثاني، وابن المقفع منظرا سياسيّا ومصلحًا اجتماعيا في الفصل الثالث. وأبرز الباب الثالث ابن المقفع كأديب ومفكّر في الفصل الأول ثمّ حلّل في الفصل الثاني تفكير ابن المقفع الديني، وبحث في الفصل الثالث مقتل ابن المقفع. أمّا الباب الرابع تحت عنوان: آثار ابن المقفع، فقد ضبط الآثار في الفصل الأول وحلّلها في الفصل الثاني وسلّط الأضواء على أهميتها في الفصل الثالث وفي الفصل الرابع تحدّث عن ابن المقفع كمُرب. وفي الباب الخامس تناول بالدرس كتاب «كليلة ودمنة» في آداب الشرق والغرب» وكشف في الفصل الأول من هذا الباب عن مصادر الكتاب الهندية ثمّ الرواية البهلوية في الفصل الثاني، وكليلة ودمنة في الآداب العربية وغير العربية في الفصل الثالث، وعرّج على الكتاب في الأدب العربي شعرا ومحاكاة في الفصل الرابع، وصدى كليلة ودمنة في الأدب الفرنسي في الفصل الخامس. ويتكوّن الباب السادس والأخير وعنوانه «الموضوعات والأنماط في «كليلة ودمنة» من 3 فصول، الأوّل: تحليل مضمون الكتاب والثاني: فن الحكاية عند ابن المقفع والثالث: «كليلة ودمنة» ومدارس النمنمات العربية الاسلامية. الخاتمة العامة يقول فريد غازي عن ابن المقفع، قبل أن يُحيل القارئ على المراجع التي عاد إليها: «اذا أمعنا النظر في شخصيته يغرينا ويبهرنا بذكائه.. كان دبلوماسيّا كبيرا، ومنظرا سياسيّا واضح الرؤية جاء مع الأسف قبل وقته بكثير لقد ناضل من أجل القضاء على العادات الإدارية الفاسدة والتكالب على ملذات الدنيا وعلى الفوضى وسيطرة الفقهاء المتزايدة على دواليب الدولة الأساسية وضمائر الناس». المصادر تنوّعت المصادر الى ثلاثة أصناف قام الدكتور طرشونة بتحيينها وهي المراجع العربية القديمة والمراجع العربية الحديثة والمراجع في لغات أجنبية. ونذكر كتاب الأبشيهي (توفي 8501446م) «المستطرف من كل فن مستظرف» في النوع الأول وكتاب شوقي ضيف «الفن ومذاهبه في النثر العربي» في النوع الثاني. كما أضاف المؤلف المجلات والصحف الصادرة فترة الخمسينيات. وفي الغلاف الأخير تعريف قصير بالكاتب، وفقرة من تقديم الأطروحة لمحمود طرشونة. ان نشر هذه الأطروحة وتبنيها من قبل المؤسستين المذكورتين آنفا جاء لينفض الغبار عن باحث، أصبح اسمه لملتقى سنوي للنقد الأدبي، كنّا تحدّثنا عن دورته السابقة، كما انّ هذا العمل لا يخلو من القيمة العلمية ذات الفائدة القصوى خاصة أنّ نصوص ابن المقفع مازالت تدرّس لحدّ الآن ويقبل على حكايات كليلة ودمنة جميع المتتبعين