بعد غياب محير واحتجاب مطوّل نسبيا لفت انتباه المهتمين بالشارع الثقافي والمجال الابداعي دبت الحياة ثانية وعادت الروح تسري في شرايين وكواليس فضاء مجالس بدار الثقافة بمنزل عبد الرحمان الذي استضاف هذه المرة الكاتب والروائي عبد الواحد ابراهم في موعد شائق ومصافحة رائقة ومؤانسة شائق حميمية عائلية نشطها كالعادة بامتياز الاستاذ محمود الماجري وحضرها عدد كبير من رواد الثقافة والادب وعشاق الكلمة الرقيقة والتعبير الصادق من داخل وحتى من خارج ولاية بنزرت على غرار صديقنا البشير المشرقي المندوب الجهوي للثقافة والمحافظة على التراث والجيلاني بلحاج يحي والشاعر والمنتج الاذاعي سمير بن علي والكاتب والمؤرخ أحمد الحمروني القادم من ربوع ولاية باجة وتحديدا من مدينة تستور. هذا اللقاء الادبي والثقافي كان فرصة بل مفاجأة سارة اكتشف خلالها الحاضرون المسيرة الفكرية والابداعية لضيف مدينة منزل عبد الرحمان الذي برهن واكد مرة اخرى في حواراته وفي ثنايا كتاباته وحتى عناوينها احيانا (بحر هادئ سماء زرقاء تغريبة احمد الحجري مربعات من بلاستيك حب الزمن المجنون ظلال الارض وغيرها...) حبه الكبير وتعلقه الشديد والتصاقه اللامتناهي بكل أزقة وزوايا وخبايا واحياء واسوار مدينة بنزرت التي احبها بل اصبح متهما بحبها على حد تعبير محمود الماجري منشط هذه الامسية الرائقة. ولعل ما زاد في طرافة هذا اللقاء الادبي والفكري الذي برع في هندسته صديقنا هشام مراد مدير دار الثقافة هو الاستعانة بأحدث الوسائل التقنية والمؤثرات البصرية والصوتية لتقديم شهادات مصوّرة ومسجلة للعديد ممن عاشروا عن كثب هذا الكاتب والروائي على امتداد مسيرته الابداعية وحتى بعض تفاصيل حياته الخاصة. وفي هذا السياق شاهدنا واستمعنا عبر الشاشة العملاقة الى شهادة قيمة للاستاذ صالح الدريدي الذي يعتبر الخلّ الودود والصديق الصدوق ورفيق درب «سي عبد الواحد». وبنفس الاسلوب تحدث الروائي محمد آيت ميهوب وكذلك البعض من التلاميذ والطلبة والادباء الشبان حول القيمة الفكرية الثابتة والمكانة الابداعية المتميزة للمحتفى به. وقد اشار الجميع الى نماذج الاديب عبد الواحد براهم في المراوحة العذبة بين الكتابة الروائية والقصة والصحافة مع المرحوم محمد المرزوقي في جريدة النهضة وايضا خوضه لتجربة النشر وسعيه الدؤوب الى التعريف بإصداراته خارج حدود الوطن لاسيما في المانيا مع «دار الجدل» للنشر والتوزيع. وفي رده على الامثلة أمطر ضيف منزل عبد الرحمان الحاضرين بالتواضع المشحون بالصدق ورفعة الاخلاق والاحساس المفرط والتأثر الواضح (كاد يجهش بالبكاء بعد الاستماع الى شهادة صديقه صالح الدريدي) حيث تحدث عن «ظلم ذوي القربى» وعن «الرجال وقت الشدائد». وفي كلمة اعتبر الحاضرون ان الاديب والروائي عبد الواحد ابراهم مفخرة فكرية وابداعية لولاية بنزرت وايضا ضمن مكونات المشهد الثقافي ببلادنا. من ناحيته نوّه المؤرخ والكاتب احمد الحمروني بقدرة عبد الواحد ابراهم في كتاباته على تجاوز النص التاريخي بأسلوب شائق ومستحدث. الاستاذ محمود الماجري اشار الى ان الروائي عبد الواحد براهم قد كتب بكل حب عن بنزرت وهو متهم بحبها مضيفا ان ضيف مجالس صبر وصابر وكثيرا ما كان يتأمل ويلتفت خلفه برضا ودون تشنج او غضب. أما كاتب هذه السطور فقد اعتبر ان الاديب عبد الواحد براهم كاتب بدرجة مبدع وروائي برتبة فنان وصحفي مع سبق الاصرار لكن مع تأجيل التنفيذ.