بعد تعطل المفاوضات بين الجامعة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي والتكنولوجيا مما أدى إلى إضراب 5 أفريل 2007 وتنظيم تحركات احتجاجية خلال الدورة الأولى والدورة الثانية للامتحانات منها حمل الشارة الحمراء وإمضاء عرائض تطالب بتفاوض جدّي، قامت الجامعة العامة بنشاطات حثيثة خلال الفترة الأخيرة استعدادا للردّ على المشروع الوزاري لمراجعة القانون الإطاري للتعليم العالي، ولمواجهة تقديم العودة الجامعية إضافة إلى مسائل أخرى تتعلق بتقاعد ونُقلة الجامعيين وبتعديات مسؤولي بعض المؤسسات الجامعية على الحق النقابي ونورد فيما يلي أهم الأدبيات الصادرة عن الجامعة العامة خلال الأسبوع الأخير. استباقا منها للأحداث واستعدادا لإعداد تصور نقابي للقانون الإطاري للتعليم العالي والبحث العلمي ع70دد لسنة 1989 الذي تعتزم الوزارة مراجعته ونظرا إلى أن هذا القانون يعتبر العمود الفقري للمنظومة القانونية للتعليم العالي والبحث العلمي وإلى تأثيراته المتأكدة على مجمل النصوص المتعلقة بالقطاع وخاصة منها القوانين الأساسية، فلقد ارتأت الجامعة العامة ضرورة إعداد ورقة عمل وتفكير وفعل تمكّن نقابتنا من لعب دورها وهي واعية بملابسات الموضوع. ولمّا كانت الوزارة قد أعلمت الجامعة العامة أنها تنوي عرض مشروعها على الحكومة ثمّ على المجلس الإقتصادي والاجتماعي في الأسابيع القريبة قبل عرضه على مجلس النوّاب، ونظرا لتأكد المسألة، فقد تشكلت للغرض ثلاث لجان نسّق أشغال كل منها أحد الزملاء من النقابيين الحقوقيين، حتى تُسلَّح الاقتراحات والتصورات النقابية بأرضية قانونية صلبة . وقد اهتمت اللجنة الأولى بالأهداف والمبادئ العامة للقانون الإطاري والثانية بالتنظيم الإداري والمالي لمؤسسات التعليم العالي والبحث والثالثة بمسألة الجودة والتقييم والإشهاد وهو موضوع مستحدث تعتزم سلطة الإشراف إدماجه في تنقيح القانون الإطاري. ولقد اشتغلت هذه اللجان بنسق مكثف خلال الأسابيع الفارطة وعُقد اجتماع مشترك للجان الثلاث حرّرت على إثره وثيقة تلخيصية لمحاضر جلسات اللجان. وتمسكا منها بالنهج التشاوري والتشاركي، دعت الجامعة العامة إلى ندوات في الأقطاب الجامعية الثلاثة لإطلاع الزملاء على فحوى ورقة العمل ولإثرائها باقتراحاتهم. ولقد انعقدت هذه الندوات في الإتحادات الجهوية بتونس وسوسة وصفاقس أيام 2 و6 و9 جوان 2007 على التوالي، حيث لاقت إقبالا وتحمّسًا من طرف الجامعيين بمختلف أسلاكهم، وكانت النقاشات في مستوى عال من الوعي والمسؤولية تعبيرا عن تمسك الجامعيين بمكاسب الجامعة التونسية وعن عزمهم على معالجة كل الشوائب التي ما انفكت تعرقل مسيرتها خلال السنوات الأخيرة وتَحُدُ من أدائها وإشعاعها. ومن أهم التنقيحات التي يطالب الجامعيون بإدراجها هي الحد من الإنفراد بالرأي و من تمركز القرارات واحتكارها من طرف وزير التعليم العالي الذي يحتفظ لنفسه حتى بالتراخيص المتعلقة بالساعات الإضافية، واعتماد مبدأ انتخاب كل عمداء ومديري المؤسسات الجامعية ورؤساء الجامعات كما يقع ذلك في كل البلدان المتقدمة بل حتى في تلك التي تفوتها بلادنا تقدما وتنمية. كما يطالب الجامعيون بإعطاء صلوحيات تقريرية إلى المجالس العلمية ومجالس الجامعات وانتخاب كل أعضاء مختلف الهيئات الوطنية. ويطالبون أيضا بالحدّ من بروقراطية التسيير الإداري والمالي وإحلال المراقبة اللاحقة مكان المراقبة الأولية والتنصيص على ضرورة احترام الحريات الأكاديمية والحقّ النقابي وعلى تقييم أداء مختلف المتدخلين في الشأن الجامعي وعدم اقتصار ذلك على المدرسين، إضافة إلى عديد المقترحات الأخرى من أهمها إحداث مجلس أعلى للتعليم العالي والبحث العلمي ذو تركيبة تمثيلية وصلوحيات واسعة تشمل خاصة إقرار الإصلاحات الجامعية. وتنكب الجامعة العامة حاليًا على إثراء الوثيقة الأوّلية بالمقترحات التي تقدم بها عديد الزملاء في الندوات الجهوية وستدعو اللجان إلى اجتماع عام يتم على إثره صياغة التصور الذي سيُقَدَّم إلى الوزارة للتفاوض في شأنه. وتسعى الجامعة العامة إلى كسب مساندة كل الأطراف الفاعلة في مختلف مستويات التدخل والقرار ذات الصلة، قصد ضمان التأثير الإيجابي على الصياغة النهائية لنصّ القانون والنصوص الترتيبية التي ستتفرّع عنه.