كان من الطبيعي ان تشهد الاراضي الفلسطينيةالمحتلة تطورات دامية ومؤسفة، طالما ان هنالك انحرافا عن مسار الثورة والتخلي عن أبسط الحقوق المشروعة لشعب له تاريخ في التضحية والشهادة. فلم يكن اتفاق مكّة سوى هدنة مؤقتة ومقننة اختفت فيه حركة فتح تحت مفردات مسلسل التنازلات لعدو تاريخي لا للشعب الفلسطيني فقط وانما للشعب العربي بأكمله. لقد جاءت تلك التطورات في الوقت الذي يعاني فيه الشعب العربي الفلسطيني من استمرار اغتصاب ارضه فضلا عن الحصار المفروض عليه والطوق الامني والمالي الذي يمارسه العدو عليه وعلى حكومة الوحدة الوطنية التي تقودها حماس، اضافة الي الحصار الذي فرضته الولاياتالمتحدة ودول أوروبية على حركة حماس الامر الذي تفاقمت معه مأساة الشعب الفلسطيني. فلماذا تصاعد الاقتتال؟ ولماذا لجأت حركة حماس الى حسم الوضع في قطاع غزة؟ فمن جهة نظر حماس تعود الاسباب الى: لجوء حماس الى حسم الامور على الارض بأنه كان خيارا اضطراريا للتعامل مع حالة حاولت ان تفرض نفسها على الجميع مستقوية بالخارج. رفض حركة حماس حالة الازدواجية الامنية التي فرضها الرئيس «عباس» بوضع صلاحيات الامن تحت تصرفه وسحبها من وزير الداخلية التابع لحماس. اتهام شخصيات من فتح وفي الاجهزة الامنية الفلسطينية بالارتباط مع «اسرائيل» وأولها «محمد دحلان» الذي عيّنه الرئيس عباس مستشارا للأمن القومي. استقالة هاني القواسمي وزير الداخلية الذي كشف عن الانقسام العميق بين حركتي فتح وحماس حول المسألة الامنية. توجه الرئاسة الفسطينية في اتجاه مخالف للبرنامج الذي تم التوصل اليه نتيجة الحوار بين الفصائل الفلسطينية. امام هذا الوضع المأساوي في فلسطين فُتحت ابواب التدخل الخارجي، بنشر قوات دولية في قطاع غزة وهذا ما سيزيد الازمة تعقيدا، لان المقصود بالقوات الدولية هو حماية «أمن اسرائيل» والحفاظ على هذا الكيان باعتباره الخندق المتقدم للأمريكان والغرب الذي من خلاله تدخل وتتسلل مشاريع الاستسلام والهيمنة لتنفيذ أجندة غريبة عن المنطقة، هدفها تغيير واقع واستبداله بواقع اخر لا يستجيب لأمن واستقرار المنطقة ذاتها. فالحل وان كان هذا حلما ليس في التدخل الاجنبي بل في استمرارية الحوار بين الفلسطينيين أنفسهم بين الفصائل الفلسطينية التي تعود اليها مهمة حماية المصالح العليا للشعب الفلسطيني وأولها الحفاظ (دون تنازل) عن ثوابت الثورة وضمان استمرارية المقاومة المسلحة. نقول ان هذا «الحوار» اصبح حلما لأسباب عدة أوّلها وأهمها وأخطرها ان رموزا فلسطينية في مواقع القيادة تحولت الى أدوات تنفيذ تستخدمها «اسرائيل» في تنفيذ خططها العسكرية والامنية والسياسية. فاذا كان الحوار قد اصبح «حقا أريد به باطل» واذا كان الاقتتال الفلسطيني الفلسطيني «باطلا أريد به حق» فما الحل اذًا؟؟؟