«معلم ... يعطي دروسا خصوصية... رقم هاتفه ... أسعار مدروسة... في متناول الجميع ... النجاح مضمون...». «أستاذ ... يعطي دروسا خصوصية... في شتى المواد... بارعٌ في ابتزاز الآخرين...». إعلانان ... نقرأهما ونراهما في كل موقع ... على الجدران ... على الأرصفة... داخل محطات الحافلات ... داخل المدارس والمعاهد ... في المطاعم ... في الدكاكين ... أضف إليها يرحمك الله نوع آخر من أنواع ابتزاز ومصّ دماء الشعب الذي لم يبق له إلا بعض لترات من الدم يعيش بها على وجه هذه الدار الفانية ... أعود لأقول : نوع آخر يتمثل في اختبار تقييمي تعجيزي من ورائه غاية دنيئة، لئيمة ... يعطيه المدرس في أول العام الدراسي ... وبما أنه تعجيزي هذا الأختبار وصاحبه ذو نفس أمّارة بكل أنواع السوء والابتزاز... تظهر نتائج التقتيم كما خطط لها صحبنا تظهر أكثر من متدنية ... وتصل تلك النتيجة الى الوليّ فيصعق ويخرج عن طوره ... ويأتي ليسأل فيجد صحبنا بالمرصاد وقد حاك شباكه كما العنكبوت حاكها بإتقان شديد ... ومع سابقية الإضمار والترصّد ... أن لا خوف على فلذة كبد الوليّ الملتاع ... فصحبنا اختصاصه العلاج وتضميد الجراح ... والسعر مدروس ... والنجاح مضمون... بعد كل ما سلف بسطه، أنا لا ألقي لوما ولا أحمل مسؤولية لهؤلاء ... وإنما كل اللوم على المسؤول الذي لم نسمع يوما أنه ألقى القبض على هؤلاء وحاكمهم محاكمة علنية بتهمة «الابتزاز» رغم أن الجاني معروف ويزيد في قمة تبجحه أن يكتب عنوانه كاملا ورقم هاتفه ... ويظلّ الحبل على الغارب ... ويتواصل تجاوز القانون وتتواصل المأساة ... أنا أيضا قد وقعت في مثل هذه الحبال ... ودفعت دفعا رغم نعتي واستبسالي في الممانعة ... لكني في الاخير رضخت وأذعنت ولبيت ودفعت وما سألت ولما سألت أعلمني كل مدرس بأن فلذة كبدي عبقري زمانه طالما هو يدفع ... وجاءت النتيجة الفاجعة ... فقد ارتقى ابني بالاسعاف وبسبب انخراطي في هذه المأساة أنني لم أجد من يحمي أبني وأمثاله من هذه الآفة... ويجيبك البعض ممن تواطئوا ولا أدري لماذا تواطئوا ... من أجبرك ؟ ومن ضربك على يديك لتستجيب ؟ ... فأجيب إنها الحيل والدرس الذي لا ينهيه المدرس في القسم ... والاغراء ... والتنفيل في العدد ... وإعطاء الاختبار مع اصلاحه و... وسكوت المسؤول القادر على التصدي لمثل هذه المأساة... لمثل مصاصي الدماء هؤلاء ... فالدروس الخصوصية لم يكن معمولا بها على عهدنا ... وكان المدرس يؤدي دوره بإتقان مشهود وكانت النتائج باهرة ... فما الذي تغير؟ بالله أجيبوني ودلوني...