نواب مجلس الجهات والأقاليم يطالبون بتعزيز استقلالية المجالس المنتخبة ودعم الهياكل الأمنية    رئيسة الغرفة الوطنية لمنتجي الزياتين: الأسعار الحالية لا تغطي كلفة الإنتاج والفلاحون في انتظار تنفيذ القرارات الرئاسية    العراق ينتخب.. ماذا سيحدث من يوم الاقتراع لإعلان النتائج؟    المحامية دليلة مصدّق تؤكّد أن صحة شقيقها جوهر بن مبارك في خطر رغم زيارة الطبيب له    وزير الداخلية: استراتيجية استباقية لضرب شبكات تهريب المخدرات وتعزيز الأمن السيبرني    الشرع: دمشق أصبحت حليفا جيوسياسيا لواشنطن ووجهة بارزة لاستثماراتها في قطاع الغاز    ترامب: أنا على وفاق مع الرئيس السوري وسنفعل كل ما بوسعنا لجعل سوريا ناجحة    تونس/الصين: بحث سبل تعزيز التعاون السياحي    افتتاح الوحدة الثالثة في تونس للشركة العالمية في صناعة الأدوية " حكمة" بقيمة استثمارية تقدر ب 50 مليون دينار    هذا النجم المصري يعلن انفصاله رسمياً عن زوجته... التفاصيل    ظاهرة طبية مقلقة: عندما تسبّب الأدوية الألم بدلاً من تخفيفه... كيف ذلك؟    مونديال تحت 17 عاما: المنتخب التونسي يترشح إلى الدور السادس عشر    عاجل/ أبرز ماجاء في أول لقاء بين وزير الخارجية والسفير الامريكي الجديد    المهرجان العالمي للخبز ..فتح باب الترشّح لمسابقة «أفضل خباز في تونس 2025»    جندوبة: تتويج المدرسة الابتدائية ريغة بالجائزة الوطنية للعمل المتميّز في المقاربة التربوية    الدكتور صالح باجية (نفطة) .. باحث ومفكر حمل مشعل الفكر والمعرفة    أخبار الحكومة    بعد دفع الكفالة من قبل الحكومة الليبية .. هانيبال القذافي حر    ميناء رادس: 20 سنة سجنا لمهرب المخدرات وشريكه    قابس: تنظيم أيام صناعة المحتوى الرقمي من 14 الى 16 نوفمبر    ميزانية 2026: تطور بنحو 10 بالمائة في ميزانية وزارة البيئة    صدور العدد الجديد لنشرية "فتاوي تونسية" عن ديوان الإفتاء    بنزرت: إنتشال 5 جثث لفضتها الأمواج في عدد من شواطئ بنزرت الجنوبية    المتلوي: وفاة ستيني بعد إصابته بطلق ناري من سلاحه    تحذير شديد من خطورة النوم بالسماعات    مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي: كافية الراجحي تتحصل على جائزة البحث العلمي وعملان تونسيان ضمن المُسابقات الرسمية    الرابطة الثانية: التعادل السلبي يحسم لقاء سبورتينغ بن عروس وسكك الحديد الصفاقسي    فرنانة: إصابة تلميذين بخدوش وكدمات بعد انهيار جزئي لسقف قاعة تدريس    يوسف بلايلي يُعلن إصابته ويودّع الجماهير برسالة مؤثرة    عاجل/ وزير التجارة: صابة قياسيّة في زيت الزيتون والتمور والقوارص    عاجل: هذا ما جاء في تقرير أمير لوصيف في مواجهة الدربي    بعد 20 يوما من سجنه: هذا ما تقرّر في حق ساركوزي..#خبر_عاجل    تقلبات جديدة ..كيف سيكون الطقس طيلة هذا الأسبوع؟..    تحوير جزئي لمسلك خطي الحافلة رقم 104 و 30    هذه الدولة تبدأ استقبال رسوم حج 2026...وتؤكد على عدم الزيادة    سليانة: تقدم موسم البذر بنسبة 30 بالمائة في ما يتعلق بالحبوب و79 بالمائة في الأعلاف    ميزانية التربية 2026: مدارس جديدة، حافلات نقل، وترميم ...شوفوا التفاصيل    الترجي الرياضي: نهاية موسم "يوسف بلايلي"    عاجل: هبوط اضطراري لتسع طائرات بهذا المطار    الأهلي بطل للسوبر المصري للمرة ال16 في تاريخه    كميات الأمطار المسجّلة خلال ال24 ساعة الماضية    عاجل: هذه الدول العربية تحت تأثير الكتلة الحارة    بطولة فرنسا: باريس سان جرمان يتغلب على ليون وينفرد بالصدارة    عاجل/ طائرات حربية تشن غارات على خان يونس ورفح وغزة..    عاجل: الزّبدة مفقودة في تونس...الأسباب    تونس: 60% من نوايا الاستثمار ماشية للجهات الداخلية    عاجل: غلق 3 مطاعم بالقيروان...والسبب صادم    علاش فضل شاكر غايب في مهرجانات تونس الصيفية؟    عاجل: عودة الأمطار تدريجياً نحو تونس والجزائر بعد هذا التاريخ    دواء كثيرون يستخدمونه لتحسين النوم.. فهل يرتبط تناوله لفترات طويلة بزيادة خطر فشل القلب؟    أفضل 10 طرق طبيعية لتجاوز خمول فصل الخريف    شنيا الحاجات الي لازمك تعملهم بعد ال 40    عاجل/ فاجعة تهز هذه المعتمدية..    محمد صبحي يتعرض لوعكة صحية مفاجئة ويُنقل للمستشفى    رواج لافت للمسلسلات المنتجة بالذكاء الاصطناعي في الصين    الشرع أول رئيس سوري يزور البيت الأبيض    رحيل رائد ''الإعجاز العلمي'' في القرآن الشيخ زغلول النجار    أولا وأخيرا .. قصة الهدهد والبقر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل تجد المرأة العاملة الوقت للقراءة؟
سؤال الأسبوع: ساعات اليوم مكتظّة ووقت الفراغ لأعمال البيت
نشر في الشعب يوم 12 - 01 - 2008

ماذا تنتظرين من السنة الجديدة سيّدتي؟
أنتظر أن أتمكّن من إيجاد الوقت لمطالعة رواية! أعترف... لم أكن أتوقّع هذه الإجابة.. كنت أنتظر إجابة من قبيل: الصحّة لي ولعائلتي أو أن يعمّ السلام العالم أو أن يتضاعف راتبي...
أو أي شيء سوى أن تجيبني هذه السيدة الهادئة التي تعمل موظفة من الدرجة المتوسطة في إحدى بلديات العاصمة. أنّها ترغب في إيجاد الوقت الكافي لمطالعة كتاب، سأعترف أيضا أنّ إجابتها أسعدتني كما فاجأتني وأنّها أيضا فجّرت في داخلي كيسا من الأسئلة: هل حقّا تغيب الروابط بين نساء بلادي والمطالعة، هل إنّ قواعد التربية عندنا تجعل من القراءة شأنا رجاليا بحتا، هل إنّ نظامنا المدرسي مركّز وعميق جدّا يجعل خرّيجات الجامعة مثلا يشعرن بالاكتفاء المعرفي، هل تبدّلت وسائل الترفيه هل واكبت النساء هذه النقلة الترفيهيّة للاستفادة من منجزات التكنولوجيا في المجال...؟ أسئلة وأسئلة قذفتها إجابة هذه السيدة في دواخلي وعادت هي لتجيب عن رنّات هاتف الإدارة المتواصل.
تنظيم الوقت
هل نحن ضحايا نسق حياتنا أم نحن صنّاعه... لماذا لا تجد هذه المرأة العاملة الوقت لمطالعة كتاب من الأكيد أنّها تتحرّق لقراءته... الأكيد أنّ هذه السيدة التي عبّرت عن هذه الرغبة في المطالعة تتصوّر أنّها قد نظّمت ساعات يومها بشكل محكم فهي تستيقظ في الخامسة والنصف وتبدأ بطهي غداء ستتخلّى عن اتمامه لتوقظ أبناءها وزوجها في السادسة والنصف ثمّ تعدّ إفطارهم وتستعد معهم للخروج في الساعة السابعة، لتصل مكتبها بعد أن توصل الأبناء إلى معاهدهم... عند الغداء لن تتمكّن من العودة إلى البيت لأنّ الوقت لا يكفي، ستعود ابنتها المراهقة من المعهد وتكمل طهي الأكل وتأكل مع اخوتها، هي وزوجها يلتقيان في أحد المطاعم الشعبية ليتشاركا في طبق بسيط ثمّ تقصد السوق لشراء حاجيات البيت وتعود لعملها الذي تغادره في الخامسة و 45 دقيقة تماما لأنّ رئيسها في العمل يُحبّذ الانضباط. وتعود إلى البيت لتخلع لباس العمل وتشرع في ترتيب الفوضى التي أحدثها مرور أطفالها عند الظهر وتطبخ العشاء ثمّ تغسل الأواني ثمّ تساعد ابنها الصغير على اتمام مراجعته قبل أن تنام لتعيد في الغد نفس المشوار.
هي بالتأكيد تعتقد أنّها تنظّم ساعات يومها بشكل جيّد، ففي نهاية الأسبوع ستتمكّن من انجاز العالق من شؤون البيت (كغسل الملابس ونفض الزرابي وتنظيف الشبابيك وكي الملابس...) وربّما وجدت بعض الوقت لزيارة الحلاّقة أو الاهتمام بشؤونها الجمالية الخاصّة...
هذه حال نسبة مهمّة من النساء العاملات التي يمكن أن نظيف إليها تعبا مضاعفا عند عاملات المصانع مثلا..
متى ستجد هذه المرأة المنظّمة جدّا وقتا للمطالعة؟ إنّ النسق العام لأيّامنا مزدحم وهو الذي يجني علينا فنكون أسراه بدون خلاص، فالمرأة التي تعمل لا تجد المستلزمات الضرورية لعملها خارج البيت: فلا وجود لمؤسّسات موّهّلة حقّا لرعاية الأطفال ولا لوسائل نقل خاصّة تختزل الوقت ولا لوسائل نقل عمومية تسمح بالاقدام على استعمالها... ولا المرأة نفسها اقتنعت بضرورة الاستعانة بخادمة ولا الخادمات متوفّرات كما لم تقتنع معظم العائلات أنّ عمل المرأة يستوجب التضحية «بالعولة وعلوش العيد وعصيدة رأس العام...» فالمرأة العاملة عندنا تحيا عملها خارج البيت لا بعقلية النظام الرأسمالي بل بسلوك النظام الأبوي الاقطاعي... لتجد نفسها تعمل عملين في وقت كامل: خارج المنزل وداخله بأجر واحد.
وسائل النقل
في بعض البلدان الأخرى لا تستمر أيّام العمل في الأسبوع ستّة أيّام بل هي خمسة فقط، ولا تكون ساعات العمل 40 ساعة بل أقل... ويكون الأجر كافيا ليسمح بأن تقتطع منه أجرة الخادمة وثمن الترفيه، والمناخ العام يقدّس العمل ولكنّه أيضا يهتم برفاه الفرد... فعطلة نهاية الأسبوع ضرورية والعطلة السنوية لا تُقضى في اعادة طلاء المنزل واعداد العولة بل في الترفيه الحقيقي لاستعادة الأنفاس... وداخل مؤسّسات العمل في بلدان أخرى هناك فضاءات لاسترداد الأنفاس خلال أيّام العمل. وعند الخروج من العمل وركوب العاملة للمترو يمكنها أن تُخرج الكتاب من حقيبتها وتطالع لأنها لن تعاني من ذاك الازدحام المحرج، وعندما تعود إلى البيت ستتشارك مع زوجها في اعداد ما يأكلون ثمّ يجلسون سويا أمام التلفاز أو للمطالعة قبل النوم فلن يرفض الرجل المساهمة في اعداد ما يأكل فقط لأنّه رجل وسيكون من اليسير لهم أن ينفتحوا على العوالم الافتراضية المعولمة لأنّ البنية التحتية في بلدانهم أحسن حالا ولأنّ أجورهم توازي تعبهم وسيكون في مقدورهم أن يذهبوا للمسرح أو للسينما أو لعرض موسيقي مرّة كل 15 يوما مثلا.
الكتاب
أثناء معرض الكتاب الفارط قابلت مديرا لدار نشر عربية مشهورة يزور تونس أوّل مرّة وقد سألني، لماذا لا تطالع النساء التونسيات الروايات... واستشهد لي بأنّ معارض الكتب في الخليج لها جمهور كبير من النساء الذي يقبل خاصّة على قراءة الرواية العربية والمترجمة بشكل لافت... فأجبته بأنّ نساء الخليج من المترفات اللواتي يجدن الوقت للمطالعة ونساؤنا كادحات ولكنّه قال إنّ جمهور المطالعات هناك فيه الكثير من الفقيرات ولكنّها ثقافة بدأت تترسّخ نتيجة الحراك الثقافي والاعلامي الموجود ورغبة المرأة الخليجية في تجاوز الصورة النمطية التي روّجت لها كجارية لا تقرأ ولا تساهم في الحياة.. انتهى حديثي مع مدير دار النشر وسألت نفسي هل حقّا تغيب لدينا ثقافة المطالعة أم نحن فعلا ضحايا نسق حياتنا المزدحم الذي خرجت فيه النساء للعمل دون أن يتهيّأ المجتمع لذلك لا على مستوى عقلية الرجل أو العائلة الكبرى أو الشارع أو الفضاء العام ولا المؤسّسات المتجاورة مع عمل المرأة... فالرجل فقط لأنّه رجل يرفض المساهمة في عمل البيت والعائلة الكبرى البطريركية تحتّم على المرأة أن تقتطع من وقتها الخاص لعيادة المرضى وزيارات المجاملة والمساعدة في المناسبات والتهاني والتعازي وهي قيم رائعة ولكنّها لا يمكن أن تستمر بنفس الوتيرة في ظل الانخراط في منظومة حيوية تساهم خلالها المرأة بالعمل خارج البيت فمؤسسة الزواج اليوم تستفيد من ظاهر انخراطها في الحداثة وترفض مغادرة التقاليد بشدّة وهي وضعية تقع أعباؤها على كاهل المرأة وحدها...
فالرجل مثلا يرفض أن يعمل داخل البيت ولكنّه يرفض أيضا أن تُغسل ملابسه في الغسّالة الخارجية بالفلوس وهو لا يساهم في عملية الطهي ويرفض أكل المطاعم... وهو لا يقوم بشيء من شؤون أسرته الداخلية ويرغب في أن تكون زوجته من شديدة الاهتمام بجمالها وهو لا يغادر جريدته في حين تساعد زوجته أطفالها في اعداد الدروس ثمّ ينعتها بالتخلّف عن مواكبة الأحداث. ولكن هل يطالع الرجل في تونس وهو لا يعاني من نفس أعباء المرأة؟
شهادات
إلهام إدارية في شركة مهمّة للخشب أخبرتني أنّ آخر كتاب قرأته كان أثناء حملها بابنها منذ سنتين. فهي لا تجد الوقت وإذا وجدته فهي تطالع مجلة نسائية وغالبا ما يكون ذلك على حساب وقت العمل. لأنّ سكنها بعيد عن مكان عملها والطريق مزدحم وهي تعود تعبة بالكاد تحمل ابنها من عند أهلها ثمّ تعود إلى بيتها لتطبخ وتنام.
فاتن ربّة بيت قالت أنّ المطالعة لا تخطر على بالها لأنّ روتانا سينما تشغل وقت فراغها.
هندة إطار تنشيط ثقافي في احدى الوزارات قالت أنّها فعلا لا تجد الوقت للمطالعة يوميا ولكنّها في بعض الحالات النادرة التي تكون فيها رائقة المزاج قد تقرأ بعض الصفحات من مجلة أو رواية تستمر مطالعتها أشهرا وربّما سنوات.
زميلة صحفية قالت بحماس أنّها تطالع كثيرا وعندما حاولنا أن نحصي معا الكتب التي قرأتها خلال هذه السنة بعيدا عن وظيفتها لم نجد أكثر من كتابين.
نحن إذن تستغرقنا الحياة وتبعدنا شيئا فشيئا عن أشياء جميلة باتت هي الأخرى تبتعد عنّا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.