كما وعدناكم ها أنّ ضيفا جديدا ينزل على ركن «حتى لا ننساهم». ضيفنا هذه المرّة هو بيلي العرب كما يحلو لعشاقه أن ينادونه انّه محي الدين هبيطة اللاعب السابق للأولمبي للنقل موحة رفض في البداية هذا الحديث لأسباب فيها الذاتي والموضوعي لكن أمام اصرارنا على إجرائه استجاب مشكورا لذلك وخصّص لنا ما يلزم من وقت، لذلك فإنّنا نشكره على تواضعه وحسن أخلاقه وهذا ليس بغريب على موحة الذي لم يترك شيئا إلاّ وعرّج عليه ليكون هذا الحديث الخاص بالشعب أحلى هدية للأوفياء خاصّة من قرائنا. محي الدين هبيطة غير موجود في مشهد الرياضة التونسية هل كان ذلك اضطرارا أم هو ابتعاد اختياري منك؟! ... عليّ أن اعترف أنّني لم أجد المكان الذي ربّما يساعد على التواصل مع الذين يديرون أمور كرتنا، ربّما لسبب واحد هو أنّنا لسنا على نفس موجة التفكير، وبما أنّنا نتباعد فما الداعي للتواجد في مشهد يقلق وجودي بعضهم، كرتنا لا تعترف بمنطق التأسيس والإمتداد فكيف تريدون أن تكون الأمور ايجابية أنا واحد من جيل اللاعبين الذين قضوا أكثر من سنة في الملاعب حاولت أن أقدّم ما يفيد البلاد والعباد من خلال توجيه كرتنا التوجيه الصحيح لكنّني عجزت وحين اكتشفت أنّني عاجز مع هؤلاء الذين تأتي بهم الصدف والأقدار والمصالح خيّرت الإبتعاد وهو ابتعاد ضروري لي بما أنّ كل المقاييس التي تحكم كرتنا هي تجارية بالأساس وبما أنّ أفكاري لا تتماشى وهذا المنهج يصبح من المؤكد الركون للراحة وترك الكرة لمن يدعون أنّهم أهلها (؟!). لكنّ الابتعاد هو نوع من الهروب أليس كذلك؟! ... حين تأكدت أنّهم ذاهبون الى ما يريدون فهمت انّ الكرة التونسية ليست في حاجة إلى محي الدين هبيطة وأمثاله، هي في حاجة الى من في مصلحته أن تبقى الأحوال على ماهي عليه الآن وكرة تُدار بمثل هذا المنطق ماذا يمكن أن ننتظر منها؟ رغم أنّنا نتفق معك في بعض الجزئيات الاّ أنّ أحوال كرتنا ليست بمثل هذه السودوية التي تتحدّث بها؟ ابتعادي عن الكرة وأوجاعها هو قرار شخصي اتخذته بعد تجارب عديدة، وهو قرار صائب بالنسبة لي بما أنّه أراحني من «وجع الدماغ» ومن ممارسات عديدة أنا أرفضها، لكن في غياب منطق أو مقاييس أو معايير علمية صحيحة تحكم مشهد كرتنا يصبح من الأفضل الإبتعاد. أسباب الابتعاد وعلى ضبابيتها فهمناها أمّا هجران حتى الدورات التكوينية التي تنظمها الإدارة الفنية الوطنية فهذا ربّما تقف وراءه أسرار أخرى؟ ... بعد ابتسامة تخفي ربّما بعض الحقائق يقول: «لقد سبق لي أن شاركت في الكثير من التربصات التكوينية والإختبارات الفنية في فرنسا لمدّة سنوات وتحديدا من سنة الى سنة وتحصلت على اثرها على العديد من الشهادات التدريبية الدولية وهي التي تحمل امضاء الإدارة الفنية الفرنسية والمحاضر الدولي ميشال هيدالو ووزير الرياضة الفرنسي وهذه الديبلومات هي رصيدي الشخصي بعد تجارب سنوات من التواجد في الملاعب. فعالم الكرة عالم متطور جدّا لكن هاتوا لنا من هم الذين «يترسكلون سنويا» فأنا حين شاركت في تلك الدورات التكوينية الخارجية كان هدفي أن أكوّن نفسي بما أنّ الكرة تبقى بالنسبة لي هدفا ساميا أتعامل معها كشكل من أشكال الهواية فقط، ولو أنّني رافض لمبدإ احتراف التدريب حتى لا أبقى رهين مزاجية مسؤول يتحكم فيّ كما يريد أنا أريد من الرياضة أن تحافظ على نبلها ورسالتها الحضارية أم أن يتحول كلّ شيء الى تجارة وبزنس يحكمه منطق المال والأعمال فهذا ما أرفضه شكلا ومضمونا. أعتقد أنّ كلّ المفاهيم تغيّرت اليوم؟ ... أفضل أن تبقى شهائدي في منزلي على أن أمتهن بها عملا لا يسبّب لي إلاّ الألم والتعب النفسي خاصة، أمّا عن القوانين التي يعملون بها الآن فهي خاطئة بشكل أو بآخر، بما أنّنا نجد مدربين ممتازين لا يملكون شهائد وهذا موجود في الدول التي تفوتنا كرة على غرار ايطاليا فالمدرب ساكي هو الذي درّب أعتى الفرق والمنتخب الإيطالي وحقّق نجاحات رهيبة. أمّا عندنا نحن فإنّ كرتنا كلّها مجاملات وحسابات لذلك أخيّر أن ابتعد على أن أمرض بالسكر جرّاء الحسابات الضيقة والتي تكاد تطغى على مشهد كرتنا. وضع الأولمبي للنقل مؤلم أن لم نقل أي شيء آخر بما أنّه وجد نفسه يلعب في بطولات الصغار؟! .. وضع الأولمبي للنقل كان ممتازا وسليما من كل الآفات التي كانت تهدّد الفرق الأخرى وحين تدعمت ميزانيته نهبه البعض ونهشه البعض الآخر ثمّ في وقت واحد انتفض الجميع عنه وتركوه في أزمته الأولمبي للنقل مدرسة ما في ذلك شكّ بما أنّه كوّن أجيالا وتخرجت منه اطارات عديدة خدمت في كلّ الميادين تقريبا ولكن الذي عاشه من غصرات سببه الأول والأخير من كانوا يدعون أنّهم جاؤوا ليخدموه والنتيجة أنّه أصبح صغيرا والحال أنّه كان محبوبا من مختلف جهات البلاد، الأولمبي للنقل مدرسة عريقة اغتالوها دون أن يجدوا من يحاسبهم؟! الذي نعرفه أنّ أزمة الأولمبي للنقل هي من أسباب رواسب سنوات من غياب الوضوح في صلبه..؟! ... في فترة من الفترات نسي الكل الأولمبي للنقل بما أنّ الغاية والمصلحة المادية كانت طغت على كلّ شيء كلّ الهيئات التي مرّت عليه في العشرية الأخيرة ساهمت في تردّي وضعه وسأكتفي بذلك. بما أنّك حدّدت تفاصيل الأزمة لماذا لم تعد إليه وتتحمّل مسؤولية في صلبه؟ الطريقة التي أفكر بها مختلفة عن تلك التي يفكّر بها من يعمل ويتواجد ويخطّط في الأولمبي للنقل لذلك دفعتني عديد الحقائق للإبتعاد ان لم أقل الإستقالة من الأولمبي واعتزال الكرة التونسية، أنا أفضّل الفصل بين الهواية والإحتراف على أن تتداخل المفاهيم بينهما أنا مع كرة يمارسها الهاوي ويمارسها المحترف لكن ضمن جملة ضوابط لابدّ من تطبيقها حتى لا تعمّ الفوضى والحاصل الآن في كرتنا يغني عن كلّ تعليق. الأولمبي للنقل جزء من ذاتك هذا ما فيه شك واختلاف لكن لماذا لم تواصل التواجد في مشهده خاصة ونحن نعرف أنّ الهيئة السابقة برئاسة لطفي الشريف كانت دعتك لتولّي مسؤولية في صلبه؟ أوّلا وأخيرا الأولمبي للنقل جزءا من حياتي اذ لا يمكن ان أبتعد عنه لأنّ نبضه اليومي يكاد يسري في دمي، ابتعادي عنه ظرفي ما في ذلك شك لأنني على اتصال دائم بلاعبيه ومسؤوليه أتابع أخباره ونتائجه لكن وكما قلت التسيير أو التدريب يفترض أن نفكّر بأسلوب واحد لبلوغ هدف واحد وبما أنّ للبعض أهدافه فإنّني أرفض أن أتواجد في مشهد كل واحد يغني ليلاه بطريقته الخاصّة. من خلال ماقلته وما تؤكد عليه يتبيّن لنا أنّ مشهد الأولمبي للنقل يتشابه مع المشهد الحالي للكرة التونسية عامة؟ ليس الأولمبي لللنقل وحده وضعه المزري يشبه وضع الكرة التونسية هناك عديد المدارس الكروية سقطت أو هي بصدد التلاشي والإندثار أسأل لماذا لم يبحثوا في تفاصيل وجزئيات ذوابانها انّ المدارس الكبرى لا يمكن ان تسقط بتلك السهولة. عندنا نحن مدارس وقلاع ايلة للسقوط والكل يتفرّج وكأنّ الأمر لا يعنيه بدعوى الاحتراف وهو احتراف أعتقد جازما أنّه بمثابة الوهم. ماذا تعني بالوهم؟! .. كل مباريات بطولاتنا على اختلافها يكاد يغيب عنها الحماس والتشويق زائد أنّ الفرجة ليست موجودة أصلا فهل هذه بطولة محترفين تصرف عليها النوادي المليارات.. هل يوجد في بطولتنا لاعب متميّز قادر أن يلعب مقابلات بنفس المردود، أنا لا أعترف برؤى بعضهم للكرة على كونها مجرّد لعبة للتسلية والتلهية الكرة علم وامكانيات وفكر الكرة منظومة كاملة متكاملة أمّا عندنا نحن فإنّ كلّ شيء يسير هكذا «اللّه والنيات» فحتى التحاليل الرياضية التلفزية أخذت أشكالا غريبة عنّا بما أنّها اقتصرت على الكلام العام وتحليل الركنيات وعمليات التماس وتمّ تغييب الأداء حقيقة أشياء غريبة عنّا نكاد نتوقف أمامها ولا أدري لمصلحة من كل هذا؟! وضع الأولمبي موجع فكيف السبيل لإنقاذه ممّا هو فيه من صعوبات؟ ... يتأسف الواحد منّا للوضعية الصعبة التي يعرفها الأولمبي للنقل انّني على قناعة أنّه يعيش وضعا صعبا، الأولمبي للنقل وكخطوة أولى لابدّ على أهله أن يعيدوه جمعية اجتماعية رياضية وبعدها يمكن أن تأتي عمليات انقاذه. ألم تفكّر في رئاسته؟ ... اليوم لا يمكن أن أكون رئيسا للأولمبي للنقل فرئاسة جمعية ما ليس تكليفا بمسؤولية وكفى، الأمر يتجاوز ذلك بكثير لأنّك بالنهاية مطالب بأن تؤتي فعلا ايجابيا لخدمة المجتمع، وهذا المجتمع ان لم يحاسبك اليوم فإنّه سيحاسبك شيء آخر اسمه التاريخ بعد اليوم. تعويل بعضهم على ما تقدمه الدولة من مساعدات مادية ألا يساعد على عدم الشعور بجسامة المسؤولية؟ .. اليوم من الضروري تطبيق القوانين وخاصة ما تضمنته كراس الشروط، اليوم نحن مطالبون بعدم اختلاق مصاريف وهمية مختلفة لنترك نوادينا تتخبّط في عجز مالي يفوق أو ألف دينار فالدولة دورها واضح لكن أن نثقل كاهلها بالمصاريف فهذا حتما سيؤثر على ما نمنحه ونوفّره لرياضيي النخبة، أنا مع أن تدفع الدولة لتكوين قاعدة والقاعدة في مفهومي الخاص هي الهواية ومتى وفرنا قاعدة هاوية بشروطها ومواصفاتها الضرورية لحظتها يمكن ان نتحدث عن الإحتراف. لماذا لم تكوّنوا ودادية خاصة بقدامى لاعبي الأولمبي ؟ الفكرة طرحت في وقت سابق لكنّهم قتلوها في المهد وحين عادوا لبعثها وجدوا أنّ الأولمبي للنقل لم يتبق فيها سوى الإسم.