بحضورعدد كبير من المشاركات والمشاركين و أعضاء هيئة إدارية جهوية واتحادات محلية وفروع جامعية ونقابات أساسية، التأمت بالتنسيق بين قسم التكوين النقابي والتثقيف العمالي والاتحاد الجهوي للشغل بباجة يومي 29-30 نوفمبر 2006 بنزل الروابي بنفزة الندوة التكوينية حول الأشكال اللانمطية للعمل أشرف على افتتاح أشغالها الأخ عبيد البريكي الأمين العام المساعد المسؤول عن التكوين والتثقيف وحضر إلى جانبه كل من الإخوة محمد سعد الأمين العام المساعد المسؤول عن الإدارة والمالية ومحمد بن يحيى الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بباجة والأخ علي النفزي الكاتب العام للاتحاد المحلي للشغل بنفزة فرحّب هذين الأخيرين بالأخوين الأمينين العامين المساعدين وبالمشاركين وبضيوف الندوة محاضرا ومؤطرين، كما تم التنويه بالحركية التي ما فتئ يشهدها الاتحاد منذ مؤتمر جربة والتي تتوّج هذه الأيام بالاستعدادات الحثيثة لإحاطة مؤتمره الواحد والعشرين بكل عوامل النجاح من أجل أن تظل المنظمة قوية منيعة، قادرة بذلك على تحقيق التوازن حتى يكون للشغالين حظ في ثمار التنمية وتتحقق لكافة أفراد الشعب الخدمات العمومية الضرورية وفي مقدمتها الركائز الأساسية للعدالة الاجتماعية الاستشفاء والتعليم والتشغيل.أما الأخ محمد سعد فقد أبرز في كلمته النتائج المعكوسة للاختيارات الاقتصادية الراهنة والتي بشّر أصحابها بالتشغيل وإعطاء دفع للاستثمار المحلي والأجنبي، وإذا بالتشغيل الهش يغزو جلّ مواطن الإنتاج مما جعل الاتحاد يعاني من تداعيات اختيارات غير مسؤول عنها، مبديا في كلمته استغرابه من تبنّي اختيارات واردة من وراء البحار، داعيا إلى خيارات اقتصادية تنبع من شراكة وطنية قوامها منظور وطني سيادي يتم بناؤها داخل حدودنا ووفق مصالح شعبنا، معتبرا تغيير هذا الواقع رهين وحدة النقابيين واستقلاليتهم ونضاليتهم واستعدادهم لحماية الاتفاقات التي كرّست مكاسب راكمها الشغالون منذ ولادة الفكر النقابي الوطني، مؤكدا على تعزيز هذا التوجه بتدعيم تمثيلية الاتحاد في كل الجهات والمؤسسات بحكم أن علوية القانون تستوجب إحداث موازين قوى لحمايته من كل ما يشهده من انتهاكات .أما الأخ عبيد البريكي فعبّر عن اعتزازه بمشاركة مناضلي جهة باجة أشغال هذه المرحلة من تاريخ المنظمة مما استدعى إرساء منظومة تكوينية تأخذ في الاعتبار حاجيات المسؤول النقابي في كافة مستويات المسؤولية النقابية إلى فهم طبيعة المرحلة بتعقيداتها المختلفة اقتصاديا وسياسيا وثقافيا، وإلى فهم طبيعة هذا الصراع القائم من جبهتين، ترمي إحداهما إلى تكريس الإملاءات وضرب المكتسبات وسلعنة الخدمات الاجتماعية وتأبيد الاستغلال وترمي الأخرى إلى تأكيد حق الطبقة العاملة في الوجود وأخذ نصيبها من ثمار التنمية واحترام الحقوق الأساسية للعمال واستقلال القرار النقابي، مؤكدا في كلمته على ضرورة التركيز على الهياكل النقابية القاعدية في العملية التكوينية باعتبارها المعنية أساسا بالإحاطة بالعمال والدفاع عن المطالب وتدعيم الانتساب وتأطير التحرّكات العمالية وإنجاح برامج وأنشطة الاتحاد، مشيرا إلى تنزّل محاور هذه الندوة في عمق الخيار الاقتصادي العالمي الرامي إلى ضرب كل عوامل الاستقرار الشغلي والعمل على جعل الانتداب بالعقد لمدة معنية قاعدة لكل العلاقات الشغلية، متوقّفا أيضا عند وضع عمال شركات الإحياء الفلاحي في ظل غياب غياب عقد مشترك قطاعي وفي ظل التفويت في الأراضي الفلاحية الدولية إلى خواص لا علاقة لهم بالميدان فحوّلوها إلى منتجعات عائلية مما جعلها تحيد عن المهام الموكولة إليها مما يتطلب من نقابات الفلاحة الوقوف الحازم ضد كل التراجعات ومواصلة النضال من أجل تحقيق الحماية التشريعية لهذه الفئة المحرومة من خيرات ظلت تسقيها بعرقها مؤكدا في كلمته ضرورة مواجهة كارثة العولمة بتضامن محلي ووطني ودولي، متوقفا في نهاية تدخله عند معاناة شعبنا في فلسطين والعراق، معتبرا في هذا الصدد بأن القضاء على بؤر التوتّر في العالم العربي يستدعي حتما إنهاء الاحتلال وعودة اللاجئين وقيام دولة وطنية مستقلة.هذا وقد اختتمت الجلسة الافتتاحية بإسناد شهادات التخرج للأخت والإخوة الآتية أسماؤهم الذين واكبوا الحلقات الجهوية لبرنامج محمد علي الحامي للتكوين النقابي وهم : سعاد الخلولي مراد الطلحاوي منصف الطرخاني مراد الورهاني حسن المحمدي الطيب البلاقي فوزي الدخلي توفيق الدخلي نورالدين الماجري محمد نجيب الحسني عبد الجليل العمدوني، هذا البرنامج الذي أمكن إنجازه بفضل حرص المكتب التنفيذي للاتحاد الجهوي عموما وبالخصوص عبر تأطير الأخوين رابح المغراوي ومراد الطلحاوي.فعاليات الندوة : ابتدأت فعاليات الندوة بمداخلة لأستاذ الاقتصاد بجامعة الوسط السيد حسين الديماسي حول التحولات الاقتصادية المحلية والدولية وتأثيراتها على العلاقات الشغلية، استعرض خلالها السيرورة التاريخية للعلاقات الشغلية منذ نهاية الحرب العالمية الأولى إلى اليوم حيث سادت منتصف الأربعينات إلى منتصف السبعينات الثلاثينية المجيدة القائمة على التقسيم الفني للعمل المعبر عنه ب « التايلو فوردية» والتي تم بمقتضاها تحسن وضعية كل من العمال والأعراف حيث اتسمت سوق الشغل خلال هذه الفترة بندرة اليد العاملة وبروز القطب الاشتراكي قوة فاعلة على الساحة الدولية والاعتراف بالنقابات جراء ما اكتسبته من شرعية بمناسبة التعبئة لمقاومة النازية، وعموما اتّسمت هذه الفترة بالاقتناع بالعلاقة الجدلية بين تحسين الطاقة الشرائية للعمال وتحسين مستوى الاستهلاك الشرط الضروري لاستمرار الإنتاج.وقد أبرز المحاضر بأن هذه الفترة بلغت مداها في منتصف السبعينات حيث أدّت المطلبية المشطة إلى إدماج الزيادات في الأجور في أسعار الخدمات الاستهلاكية مما نجم عنه تضخّم مالي فادح وهجرة الاستثمارات إلى دول الجنوب بحثا عن كلفة أقل.إلا أنه أمام انهيار المعسكر الاشتراكي وظهور التكنولوجيات المتقدمة والربوتية المسيرة بالترقيم والأنظمة المعاضدة بالحاسوب وغزو الإعلامية لميادين شاسعة من الأنشطة كالإدارات والبنوك وشركات التأمين تراجعت أهمية الحاجة إلى العمال فاقدي الكفاءة مقابل الحاجة إلى الكفاءات المختصة في الاستنباط والصيانة والترويج، الأمر الذي مهّد في نظر المحاضر إلى ظهور شركات عملاقة اعتبرت الأسواق الحرة الداخلية للبلدان المصنّعة «أمريكا وأوروبا واليابان» ضيّقة مقارنة بطاقات الإنتاج التي تمتلكها،ى وبذلك أصبحت عولمة الاقتصاد أكبر هدف لهذه البلدان ومن ورائها منتدى دافوس وأدواته المؤسسات المالية الدولية والمنظمة العالمية للتجارة، وسعيها جميعا إلى ضرب العلاقات الشغلية التقليدية وأساسا العمل القار، فجاءت أنماط العمل عن بعد، والتشغيل لوقت جزئي، والتشغيل بالمناولة، وكلها أنماط تكرّس الانتداب بعقد العمل محدود المدة بدعوى تحقيق المنافسة بالضغط على الكلفة عبر مرونة التشغيل، وهو من منظور نقابي مصطلح يخفي وراءه هشاشة التشغيل وكافة الأنماط الوحشية والهمجية التي قد لا تهدد المصير الاقتصادي للعالم فحسب، وإنما هي تهديد للديمقراطية بعد أن أصبح العالم قائما على قطب واحد مهيمن، لذلك يتعين على النقابات في نظر المحاضر- توخي النضال ثلاثي الاتجاه ضد هذا التوجه وذلك على صعيد المؤسسة وعلى الصعيد الوطني وخاصة على الصعيد العالمي حيث يتعين مجابهة عولمة الاقتصاد بعولمة النضال النقابي.هذا وقد شفعت المداخلة بنقاش تساءل خلاله المشاركون عن إمكانية انفراج كابوس العولمة والتخلص من هيمنة القطب الواحد. فأجاب المحاضر بأن التناقضات بين كافة أطراف الصراع تاريخيا كانت تحلّ بحرب تحسم هذا الصراع، معتبرا بأن الصراع القائم حاليا لا يمكن حسمه بحرب بحكم التطور الهائل لوسائل التدمير، وتكمن الحلول الممكنة في النضال متعدد الأوجه، ولعل أهم مؤشراته تنامي قوى المجتمع المدني وتوصّلها إثر نضالات مريرة إلى مجابهة المنتديات العالمية لليبرالية الجديدة وإلى تشكيل المنتدى العالمي الطامح إلى إرساء بديل عالمي إنساني للتنمية اقتناعا منه بأن عالما آخر ممكن.هذا وقد كان من فعاليات الندوة التئام ثلاث ورشات مساء اليوم الأول حول الانتساب والمفاوضة الجماعية والأشكال الهشة للتشغيل نشطها الإخوة أحمد المهوك ونبيل الهواشي وحسن الودرني وقرر لها الإخوة مراد الطلحاوي ومنصف الطرخاني وسامي اليحمدي.أما صبيحة اليوم الثاني فقد التأمت ثلاث ورشات عالجت المسائل التالية: إحاطة الممثل النقابي بالشغالين داخل المؤسسة نشطها الأخ النوري بالتومي وقرر لها الأخ المنصف العويشري. الأشكال الهشة للتشغيل نشطها الأخ نوار المعلمي وقرر لها الأخ مراد الطلحاوي. العمل غير المنظم والحقوق الأساسية للعمال نشطها الأخ محمد المسلمي وقرر لها الأخ سامي اليحمدي.الاختتام :تمت جلسة الاختتام: بإشراف الأخ محمد الهادي الأخزروي منسق قسم التكوين النقابي والأخ محمد بن يحيى الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بباجة وحضر إلى جانبهما الأخوان علي النفزي الكاتب العام للاتحاد المحلي للشغل بنفزة والحبيب السعدي عضو الاتحاد الجهوي المسؤول عن التكوين، فتم شكر المشاركين على مساهمتهم في إنجاح فعاليات الندوة وشكر الأستاذ المحاضر والإخوة المنشطين وفريق قسم التكوين النقابي على حسن تأطيرهم للندوة وإدارة النزل وعملته للجهد المبذول في سبيل ذلك، الأمر الذي جعل الندوة تدرك أهدافها على أحسن وجه.