خلال السنوات الاخيرة وبخاصة منذ مؤتمر جربة التاريخي سجل المتتبعون للشأن النقابي تحولا مهما في حياة اعرق منظمة وطنية نقابية عمالية الا وهي الاتحاد العام التونسي للشغل ووقف الجميع على رغبة ملحة في التصحيح والتغيير، تصحيح ما كان معوجا وتغيير ما علق بالعقليات وكبلتها السنوات وجعلها ترضى بما يقدم اليها دون نقاش او ابداء رأي... الكل وقف ومنذ البداية على ميلاد خطاب نقابي جديد يحاول القطع مع هنات الماضي من انفراد بالرأي ومصادرة اراء الاخرين والتفكير عوضا عنهم واتخاذ القرار بدلا منهم. الكل أحس بأن جرعة من الديمقراطية والشفافية ادخلت على عمل المنظمة الشغيلة والكل اصبح يشعر بأنه شريك فاعل بل صاحب القرار، من حقه ان يناقش ومن حقه ان يقبل كما من حقه ان يوقض ان يصرخ إن لزم الامر اشياء كثيرة تغيرت في المنظمة الى حد ان البعض اعتبرها فوضى وتسيب واشياء اخرى لكنها الديمقراطية التي اصبحت خيار ثابتا في عمل الاتحاد العام التونسي للشغل والشفافية فعلت فعلها ومادمنا في منظمة متفتحة ومتطورة ومتحركة، ترفض الجمود والانطواء على النفس، وتنفرد بتركيبة تميزها عن باقي المنظمات القطرية بما في ذلك منظمات البلدان المتقدمة، فلابد بالقبول ولابد من ثمن... النقابيون هم اصحاب الشأن والرأي في منظمتهم العتيدة الاتحاد العام التونسي للشغل، قراراتهم نابعة من هياكلهم النقابية دون سواها وكلمتهم هي الكلمة التي يجب ان تسمع دون ولاية ولا تدخل مهما كان مصدره ومهما علا شأنه وهذا التمشي تكرس حلال المدة النيابية النقابية الفارطة التي سبقت المؤتمر 21 للاتحاد والادلة شاهدة على ذلك ولا فائدة من الرجوع اليها لان المواقف معلومة لدى القاصي والداني ويعرفها الجميع... الحديث عن المؤتمر 21 للاتحاد تناولته الصحف مبكرا وتحدث عنه البعض بين متمسك راغب في التقديم وبين محافظ على الموعد القانوني، الجدل حصل ولكن صلب الهياكل النقابية وفي الاطر القانونية ونعني هناك ثالث سلطة قرار بعد المؤتمر والمجلس الوطني ونعني الهيئة الادارية الوطنية وبالفعل انعقدت اول هيئة ادارية وناقشت التاريخ وكان النقاش حرا ومسؤولا وديمقراطيا ترجم عن نضج ووعي ودراية بأمهات المسائل المطروحة وتمسك البعض ب 2007 في ما رأى البعض الاخر ضرورة تقديم هذا الموعد حتى يتسنى التفرغ للملفات الكبرى وحسن معالجتها. وللحسم تم اتباع اسلوب الديمقراطية في التعاطي مع هذه المسألة وكان الرأي لفائدة تقديم موعد انعقاد المؤتمر خاصة وان ذلك لا يضر في شيء بمصلحة الاتحاد. بعد حل هذه المسألة تم الاتفاق على التاريخ الذي حدد لأيام 14 و 15 و 16 ديسمبر 2006 كما تم الاتفاق على مكان المؤتمر وهو مدينة المنستير بعد ذلك ودائما كل المسائل المتعلقة بالمؤتمر تمت مناقشتها صلب الهيئة الادارية الوطنية، ثم الاتفاق على لوائح المؤتمر وعددها اربع وهي اللائحة العامة واللائحة الداخلية واللائحة المهنية ولائحة الوطن العربي والوضع الدولي كما تم الاتفاق على اعضاء لجان هذه اللوائح والتي تركبت من اعضاء المكتب التنفيذي الوطني ومن ممثلي القطاعات والجهات وتم اعداد مشاريع اللوائح وانعقدت للغرض مجالس وهيئات ادارية جهوية شارك فيها عدد واسع من الاطارات النقابية وتم الاتفاق على التشريك الواسع للنقابيين سواء كانوا نوابا في المؤتمر او من غير النواب وتوجت هذه المشاركة بعرض مشاريع اللوائح على انظار هيئة ادارية وطنية استثنائية نظرت في مضامينها واحالتها بدورها على انظار المؤتمر الذي يبقى سيد نفسه... وحرصا على حسن التنظيم واحكام تسيير اشغال المؤتمر وتوفير كل ظروف نجاحه بما يتماشى وحجم الاتحاد واشعاعه في الداخل والخارج، انعقدت هيئة ادارية وطنية استثنائية بتاريخ 7 ديسمبر 2006 وهي اخر هيئة ادارية قبل انعقاد المؤتمر خصصت لجملة من التراتيب والاجراءات من بينها رئيس المؤتمر ونوابه ومقرريه وكذلك لجان فحص النيابات والفرز وفي هذا الاطار اقترحت الهيئة الادارية ان يكون رئيس المؤتمر الاخ مسعود ناجي، اما نائبيه فهما ابراهيم القاسمي الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بالكاف وحسناوي السميري الكاتب العام لجامعة النفط والمواد الكيمياوية، اما بالنسبة للمقرريين فقد تم الاتفاق على الاخوين الحبيب غنّام الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بنابل والدريدي الحداد الكاتب العام لنقابة اعوان وزارة الدفاع الوطني... وإيمانا بضرورة توفير كل الظروف الملائمة لانجاح مختلف فعاليات المؤتمر 21 للاتحاد المقرر انعقاده ايام 14 و 15 و 16 ديسمبر 2006 بمدينة المنستير وحرصا على الاعداد الجيد لمثل هذه المحطة الهامة والتي سيحضرها ضيوف كرام يمثلون عدة منظمات نقابية دولية واقليمية وقطرية بالاضافة الى مسؤولين كبار في منظمات دولية وعربية، خصص الاتحاد عدة هيئات ادارية وطنية استثنائية للنظر في مختلف جوانب مؤتمره العام الواحد والعشرين. اخر هيئة ادارية وطنية استثنائية خاصة بالمؤتمر احتضن اشغالها نزل اميلكار يوم الخميس 7 ديسمبر 2006 ولكن سويعات محدودات فقط حيث تبنت الهيئة الادارية مقترحات الامين العام للاتحاد الاخ عبد السلام جراد بخصوص رئاسة المؤتمر التي أختير لها الاخ مسعود ناجي نائبين له وهما الاخوان ابراهيم القاسمي الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بالكاف وحسناوي السميري الكاتب العام لجامعة النفط والمواد الكيمياوية مع مقررين وهما الاخوان الحبيب غنام الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بنابل والحداد الدريدي الكاتب العام للنقابة العامة لأعوان وزارة الدفاع. من جهة اخرى تم الاتفاق كذلك على الاحتفاظ بأعضاء لجان اللوائح الاربع مع تطعيمهم بعدد من المؤتمرين. كما تم الاتفاق على اعضاء لجنة الفرز مناصفة بين الجهات والقطاعات حيث نجد تونس وصفاقس ومدنين وباجة والقيروان وبنزرت وبن عروس وسوسة وقفصة وقابس والنقل والتعليم الثانوي والاساسي والجريات والفلاحة والصناديق الاجتماعية والبنوك والتجهيز والبريد والصحة والارشاد والمرأة العاملة. وحفاظا على الشفافية في التعامل مع مختلف فعاليات المؤتمر تقرر عدم استعمال الهاتف الجوال داخل قاعة التصويت والفرز على كل الذين سيباشرون عملية الفرز وكذلك الشأن بالنسبة للصحافيين الذين سيتمكنون من متابعة كل الاشغال مباشرة. اما بالنسبة للمداخلات فقد تم الاتفاق على اعتماد خمس دقائق لكل متدخل على ان يكون باب النقاش مفتوحا لكل النواب دون استثناء او تحديد العدد. الاخ عبد السلام جراد اكد ان الديمقراطية والشفافية ستكونان ميزة المؤتمر، كما اكد ان الوفاء للمنظمة الشغيلة ستنتصر كما ستنتصر الديمقراطية والتضامن والوفاق بين كل النقابيين وحرية التصرف في شؤونها بعيدا عن كل وصاية او تدخل في عملها وفي قراراتها التي تبقى من انظار النقابيين دون سواهم... هذا وقد اعلن الاخ الامين العام للاتحاد انه لن تكون له قائمة لا بالنسبة للجنة المراقبة المالية ولا للجنة النظام الوطنية فاسحا المجال امام تعميق الشفافية وتكريس الديمقراطية صلب المنظمة الشغيلة وخاصة في مثل هذه المحطات الهامة في تاريخها المليء بالنضال والمكاسب والانجازات... الأخوة الصادقة والشعور بالمسؤولية تجاه الاتحاد ومستقبله احساس سجلناه في الهيئة الادارية الوطنية الاستثنائية الى جانب الاعتزاز بالانتماء للاتحاد وما حققه من مكاسب وانجازات وللديناميكية التي شهدها العمل النقابي طيلة المدة النيابية الفارطة. فتحية الى كافة المؤتمرين وضيوف مؤتمرهم الواحد والعشرين والى كافة النقابيين في تونس اينما وجدوا وتحية الى عمال تونس بالفكر والساعد بهذه المناسبة التي سيسجلها التاريخ الحافل والمضيء لأعرق منظمة عتيدة عمالية عرفتها تونس. مختلف فعاليات المؤتمر بما في ذلك اعادة الهيكلة وتنقيح بعض الفصول من القانون الاساسي وصندوق التضامن النقابي وغيرها من المسائل الاخرى نوقشت في هيئات ادارية وطنية وقبل ذلك نظر فيها المكتب التنفيذي الوطني برئاسة الاخ عبد السلام جراد الامين العام للاتحاد الذي ابدى من رحابة الصدر وحسن التسيير ما جعله ينجح في ادارة اشغال اجتماعات الهيئات الادارية الوطنية التي كانت مناسبة للنقاش الحر والمسؤول وابداء الرأي وتقديم المقترحات دون ضغوط من اي جهة ولا قطع ولا افتكاك الكلمة التي لم يحرم منها أحد. ان المؤتمر 21 للاتحاد يعتبر محطة اخرى من محطات المنظمة الشغيلة التي سيسجلها التاريخ لانه مؤتمر الصمود والنضال والتقدم وايضا مؤتمر الديمقراطية والشفافية والكلمة الفصل فيه ستكون للصندوق واحترام اختيارات المؤتمر وارادتهم، ويبقى الاتحاد العام التونسي للشغل منظمة وطنية عمالية امانة في اعناق ابنائها النقابيين والشغالين وهرما شامخا بفضل التفاف ابنائه حوله وتمسكهم به واحدا موحدا حرا ديمقراطيا ومناضلا ومستقلا...