بقلوب مؤمنة بقضاء اللّه وقدره رحل الرمز والمناضل النقابي محمد بن محمود بوزيان يوم الاحد 05 جويلية 2009 الذي أحد الزعماء ورفيق فرحات حشاد ومن مؤسسي الاتحاد الجهوي للشغل ببنزرت. ولد الفقيد يوم 12 ماي 1917 ببنزرت وتلقى أول دروسه بمدرسة «ستيفان بيشون» (المعهد الثانوي فرحات حشاد حاليا) إلى جانب الفرنسيين والايطاليين واليهود واصبح مدرّسا بمدرسة المعارف القرآنية ببنزرت وقد دفعته حماسة الشباب ونضجه المعرفي الى الدخول دون إذن في «أم المعارف» حينها التقى الرمز النقابي الوطني فرحات حشاد سنة 1946 بإحدى نوادي بنزرت بباب الخوخة، ثم انطلق الرجل في بعث النقابات وكان أولها نقابة (كتّاب المحاكم) التي أسسها في دار المراقب ثم نقابة البرط فنقابة أرسون، وكوّن في 13 أكتوبر 1946 الإتحاد الجهوي للشغل ببنزرت وبعد سنة فقط من هذا التاريخ اصبح سي محمد بوزيان كاتبا عاما للإتحاد الجهوي للشغل ببنزرت وعمل صحبة رفاقه على توسيع دائرة الفعل النقابي فأسسوا العديد من النقابات والاتحادات المحلية ولم يكن من اليسير تكوين تشكيلات نقابية بهذا الكم والتنوع في ظل ما يخيم على البلاد من استعمار واستغلال وهيمنة رأس المال لولا التضحيات التي قام بها هذا الرجل، وإيمانا منه بالتداول على المسؤولية وفسح المجال امام الطاقات النقابية خرج سي محمد بوزيان في ماي 1949 من مسؤولية الكتابة العامة ليتحمّلها الأخ حبيب طليبة ولم يغادر هيئة الاتحاد الجهوي للشغل ببنزرت إلا سنة 1973 أي مع دخوله مرحلة التقاعد. اعتقل المناضل محمد بوزيان في 29 جانفي 1952 (بعد احداث دامية شهدت تدخل قوات الاحتلال وخلفت عديد الاصابات والجرحى في صفوف النقابيين) صحبة البعض من رفاقه امثال أحمد الطريفي، الصادق الذوادي، عثمان العلوش، الحبيب بوشوشة، عبد الرزاق الممي والصادق السويسي وتم نفيهم الى محتشد بن قردان لمدة أشهر وبعد الافراج عنه تمت نقلته تعسفيا للتدريس من بنزرت الى جمّال. ولم يكن المرحوم نقابيا فحسب بل تحمل العديد من المسؤوليات مثل الكتابة العامة للهيئة المشرفة على إقليمبنزرت للكشافة التونسية سنة 1948 ورئيس المكتب الجهوي للمنظمة التونسية للتربية والاسرة بولاية بنزرت من سنة 1946 الى سنة 1979. لقد كان الفقيد أيضا الانسان المثالي والاب الأبي الذي تعب كثيرا في نضاله النقابي والاجتماعي ونجح هنا وهناك وأنجب توفيق «محام» ومنصف «عدل منفذ» وصلاح «مدير بإحدى الشركات» وحياة «معلمة» وهادية وعلياء وسامية. رحل المناضل دون وداع ولكن روحه الطاهرة مازالت ترفرف في صدور النقابيين وما يقوّيهم ويصبّرهم إلا إيمانهم بأن الموت حق. رحمك اللّه أيها المناضل رحمة واسعة وألهم أبنائك البنين والبنات مزيدا من الصبر على فراقك.