إن الإدلاء بشهادة حول اي موضوع كان دقيق وخطير وعظيم وفيه مسؤولية كبرى أمام اللّه تعالى وأمام التاريخ الذي لا يرحم ولا يجامل احدا. وانطلاقا من هذا اود ان اساهم ببعض الخواطر تعقيبا على تدخلات وشهادة الاخ احمد بن نصير المسمى بالتليسي في مؤسسة التميمي وما أثارته من جدل. عرفت هذا الاخ سنة 1981 عندما حصل تغيير على رأس الوزارة الاولى اثر مرض المرحوم الهادي نويرة، حيث جاء مزالي سنة 1980 واراد ادخال تحويرات على هياكل الحزب الاشتراكي الدستوري فتم تعيين السيد المنجي الكعلي مديرا للحزب وهذا الاخير قام بتغييرات شاملة مست جل المسؤوليات وفي تلك الفترة (من 1981 الى 1984) برزت عناصر جديدة عرفت منها عام 1981 الاخ أحمد بن نصير اصيل التلالسة معتمدية الجمّ ولاية المهدية. لقد نشط في تلك الفترة وخاصة عندما كان عضو بلجنة التنسيق بالمهدية ورئيس شعبة بالمدينة الجديدة بولاية بن عروس ولم اعرفه سابقا ولم اسمع به قبل سنة 1981 رغم أنّني انخرطت في الحزب منذ عام 1954 . وقد تصفحت عديد الوثائق والمقالات والشهائد التاريخية واطلعت على عديد الكتب، وقمت صحبة رجال الحزب الكبار وأعضاء من الديوان السياسي، وحضرت اجتماعات حزبية كبيرة بولاية المهدية واشرفت على اجتماعات حزبية ولم اسمع بدور الاخ احمد بن نصير اطلاقا في ولاية المهدية. رمضان والبشير بن سليمان صحيح ان الاخ التليسي اصيل بلدة التلالسة كان مقاوما ومناضلا، حمل السلاح في وجه المستعمر الفرنسي وقاوم الاحتلال وشارك في الثورة الوطنية. وقد كانت له بصمات في جهة التلالسة والجمّ وجهة جبنيانة وصفاقس وكنّا شبانا صغارا في الشبيبة الدستورية نتابع نشاط هذا المقاوم الشهم الشجاع بحكم قرب التلالسة جغرافيا لجهتنا. والمناضل احمد التليسي الشهيد رحمه اللّه توفي ولعل الاخ احمد بن نصير تأثر بنشاطه ونضاله وحماسه وتعلق تعلقا شديدا بابن الجهة أحمد التليسي مما جعله يحب اسمه وربما ينتحله ويتبنى تضحياته ونضاله وذلك ربما لانه تجمعنا قرابة دموية. هذا من جهة ومن جهة اخرى فاني استغرب شديد الاستغراب عندما اسمع واقرأ بان الاخ احمد بن نصير عفوا احمد التليسي كان الحارس الشخصي للزعيم بورقيبة رحمه الله في الفترة المتراوحة بين عام 1955 الى 1957. بينما في تلك الفترة كان كبار المقاومين مثل المحجوب بن علي وحسن العيادي وحسن بن عبد العزيز ومحمد النيفر وغيرهم، هم المكلفين بحراسة الزعيم الراحل بورقيبة. ولعلّ صغر سنّ احمد بن نصير المولود عام 1934 حسبما صرح به لا يسمح له بان يكون الحارس الشخصي للزعيم بورقيبة وكنت اتمنى لو تمت هذه الشهادة منذ 9 اعوام في حياة حسن بن عبد العزيز والمحجوب بن علي رحمهما اللّه حتى يقع تصحيح مسار التاريخ. اما فيما يخص رواية التعذيب فاترك الامر لله وحده فهو الاعلم بالاسرار والنوايا والخفايا والمطلع على مجريات الاحداث ويعلم من هو الظالم والبادئ بالظلم. اما النقطة الاخيرة التي اريد التطرق اليها فقد جاء في شهادة الأخ المذكور ردا على سؤال الدكتور عبد الجليل التميمي صاحب المؤسسة ان خطة اغتيال المناضل الكبير احمد بن صالح النقابي والامنين العام للاتحاد الشغل سابقا كانت من طرف المقاوم حسن العيادي وبتخطيط من بورقيبة. طبعا هذه الشهادة الخطيرة مرفوضة رفضا قاطعا وان الاخ احمد بن صالح صاحب الاخلاق العالية تحدث طويلا في منبر الذاكرة الوطنية ولم يدل بهذه الواقعة وكان دوما وفيا للزعيم المجاهد الأكبر الحبيب بورقيبة، يقدره، ويكبر كفاحه المرير، وجهاده الطويل. فكيف لأحمد بن نصير أن يتكهن ويتصور هذه الرواية ويؤكد اطوارها؟ ففي ذلك إساءة للزعيم والتاريخ وللمناضلين الاحرار والزعماء: الطيب المهيري رحمه اللّه والمناضل الزعيم المنجي سليم، وإدعاءا لأقوال لا تمت للواقع بصلة.