ستبقى الايام الفاصلة بين 14 و 16 عالقة في اذهان ووجدان كل من عايشوا اشغال المؤتمر 21 للاتحاد العام التونسي للشغل ومعهم كل النقابيين والشغالين، فمنذ يوم 13 12 2006 بدأ النواب والضيوف والاداريون في التوافد على النزل ومع وصولهم بدأت النقاشات هادئة حينا حادة احيانا حتى خيّل لبعض المتابعين الذين لم يخبروا التعدد النقابي داخل الاتحاد ان اجواء المؤتمر ستكون ساخنة جدا وان النقابيين مهددين بفقدان وحدتهم التي طالما كانت نقطة قوتهم في اشد الازمات. ومع انطلاق اشغال المؤتمر تواصل الجدال والنقاش حول مختلف اللوائح والقرارات بنفس الحماس وببعض الحدة احيانا وكان التصويت الديمقراطي هو الحل الأوحد والأنسب وتميز رئيس المؤتمر بالقدرة الفائقة على تهدئة البعض برصانة وادارة النقاشات بصدر رحب. أما خارج قاعة المؤتمر فقد توالت النشريات والبيانات الداعمة لترشح هذا او ذاك دون تجريح ودون تدخل المنظمين مما أعطى للمؤتمر أجواء ديمقراطية نتمنى ودون غرور ان تنسج على منوالها بقية الجمعيات والاحزاب تنظيميا بأن اللجنة المكلفة بفرز النيابات والاشراف على عمليات الاقتراع وفرز الاصوات واعلان النتائج والمنتخبة من النواب بعد اقتراح من الهيئة الادارية عملت في اليوم الاخير لمدة 18 ساعة دون انقطاع ودون الخروج من قاعة المؤتمر ولم يتمكن اعضاؤها من الراحة الا بعد الاعلان عن النتائج. عدد المترشحين لعضوية المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل كان في حدود 40 بعد ان سحب عدد منهم ترشحاتهم قبل الاقتراع لذلك تعددت القوائم التي كانت سرعان ما تنقص او تزيد لتغير التحالفات والحسابات الانتخابية واحتدت الحملات وحاول الجميع التأثير على الناخبين غير ان الصراع كان صحيا ومبنيا على برامج ورؤى نقابية والتي كانت دوما مصدر اثراء للاتحاد. بعد اعلان النتائج تعانق الجميع وكأنهم تعاهدوا ان يكونوا كما كانوا دوما جميعا في خدمة الشغالين فالاتحاد واحد بقيادته وكوادره ومنخرطيه. لم نسمع كلمة واحدة ولو خفية تشكك في مصداقية النتائج المعلنة فالشفافية كانت مطلقة وغير الناجحين لم يعتبروا ان فشلهم هزيمة بل هو مجرد محطة نضالية على درب حشاد العظيم. المنتصر الأوحد بعد هذا المؤتمر التاريخي هو الوحدة النقابية لذلك لن يخشى اتحادنا من التعددية النقابية لانه قادر على استيعابها داخله دون اقصاء ولا تمييز وليتصارع الجميع من اجل مصالح عموم الشغالين والوطن. فمبروك لكل من فاز بثقة نواب الشغالين ومبروك لكل النقابيين وعموم الشغالين بنجاح مؤتمرهم ولتفخر كل تونس بهذه المنظمة الديمقراطية. عاش اتحادنا ديمقراطيا مستقلا ومناضلا. محمد الهادي العفيف كاتب عام مساعد للنقابة