تعمل الإذاعات الجمعياتية منذ تأسيسها بعد ... تعمل الإذاعات الجمعياتية منذ تأسيسها بعد سقوط النظام السابق في تونس، على المساهمة في تطوير منظومة الصحافة المحلية. من أجل سدّ الفجوة الحاصلة منذ عقود بين المواطنين والمسؤوليين الرسميين. ويتذكر مؤسس إذاعة الجريد فم سلام مليك أن جميع هذه الإذاعات كان مجرد أفكار، أصر أصحابها على ترجمتها لواقع إيجابي نجح في حلّ عدة مشاكل محلية معقدة في الجهات. ويعتبر حصول 10 من هذه الإذاعات على رخص بث رسمية من قبل الهيئة العليا المستقلة للإعلام السمعي والبصري، من أبرز نتائج نجاحها في التحول الذي حققته بعد الانتقال من الهواية إلى الاحترافية. ولم يفاجأ هذا القرار أصحاب الإذاعات الذين كانوا واثقين أن جمعياتهم ستكون ضمن قائمة الفائزين بهذا الامتياز. نظرا لتطور أدائها وبلوغها مستوى المؤسسات الإعلامية المحترفة بسبب حسن اختيار المواد الصحفية والإصرار على احترام أخلاقيات مهنة الصحافة". ولا ينكر مؤسسي الإذاعات الجمعياتية أن تكوينهم العلمي لم يكن في مجال الصحافة وعلوم الأخبار. وفي هذا الصدد يقول سلام مليك " لم أدرس بمعهد الصحافة وتكويني كان في مجال برمجة الكمبيوتر. لكن أصبحت صحفيا محترف ومدير إذاعة ناجحة على جميع المستويات. إذاعتنا أصبحت المنبر الإعلامي الذي ينقل هموم المواطنين إلى المسؤولين المحليين من أجل إيجاد حلول لها". ويروي أنه انطلق في العمل بهذه الإذاعة معتمدا فقط على حاسوب وهاتف جوال لتأمين تسجيل الصوت والتقاط بعض الصور، وتحويلها إلى أخبار محلية رغم رداءة النوعية. لكن مساهمات بعض المنظمات الدولية المهتمة بتطوير منظومة الإعلام المحلي في تونس ساهمت في تطوير عمله بعد تسلم معدات متطورة نسبيا". وهو ما يبرز أن نجاح تجربة الإعلام المجتمعي في تونس بعد الثورة، لا يندرج أبدا ضمن الحلم المستحيل. حيث أن القانون التونسي لا يمنع ممارسة هذا النوع من الإعلام، وخاصة أن تأسيسها يتطلب الكثير من الإرادة والقليل من التجهيزات. فقد أنشأت الإذاعات المذكورة صلب جمعيات عملت على التدرج من أجل بلوغ مرحلة النجاح بعد تطورها من صفحات فايس بوك إلى مدونة ثم مواقع الكترونية قبل المرحلة النهائية للبث على موجة فم. ويعتبر سلام مليك من أبرز المدونين الذين احترفوا العمل الصحفي رغم تكوينهم العملي المختلف تماما عن هذا المجال. مما شجع عدد من زملائه المدونين على نسخ التجربة وبعث اذاعات جمعياتية في بعض المدن التونسية. قبل تأسيسهم الإتحاد التونسي للإعلام الجمعياتي، الذي أصبح شريكا أساسيا للمنظمات الدولية والهيئات الأممية بعد عقود شراكة تنص على انتاج برامج إذاعية لتكريس الديمقراطية وحقوق الإنسان والمساهمة في القضاء على المركزية في مختلف المجالات. وتتميز الإذاعات الجمعياتية في تونس بإطار تنظيمي صدر في شكل دليل يشجع الشباب على مواصلة هذه التجربة. فقد ورد في هذا الدليل مقاربة النوع الاجتماعي من خلال تمثيل المرأة في تقاسم المهام وتشريكها في اتخاذ القرارات صلب العمل الإداري إلى جانب وجودها بالمحتوى الإعلامي. وفي ذات السياق يقول سلام مليك الذي يشغل كذلك خطة رئيس الإتحاد التونسي للإعلام الجمعياتي UTMA "نحن ملتزمون بتجنب بث اشهارات مميزة على أساس الجنس أو مهينة لصورة المرأة، وإنما الالتزام باستعمال خطاب مساواة بين الرجل والمرأة وعدم التمييز خلال التغطية الصحفية. وستدرك "إذاعاتنا عبارة على مدونات سلوك تتضمن الخطوط العامة للإعلان العالمي لحقوق الإنسان. إلى جانب المحتوى الصحفي الذي يخضع لشروط احترام أخلاقيات المهنة. مما يفرض على برمجتنا إدراج فقرات خاصة بإدماج ذو الإعاقة في المجتمع وتخصيص برامج خاصة بعدة قضايا على غرار التعذيب وحقوق الطفل وغيرها من المواضيع الحقوقية". ويتصدر عدد من هذه الإذاعات المراتب الأولى لنسب الاستماع في مناطقها بحسب نتائج تقارير الشركات المختصة في سبر الآراء، على غرار راديو الرقاب ونفزاوة والجريد في الجنوب الغربي. ولم تأت هذه النتائج الإيجابية إلا من خلال سعيها إلى تطبيق المعايير الأكاديمية للصحافة المحلية المعمول بها في العالم، ووصول مرحلة "صحافة القرب" من خلال الاهتمام بالمواضيع الخاصة بأهالي مناطق بثها وتناول المواضيع الوطنية والدولية من زاويا خاصة بهذه الجهات. ويعتبر الاختصاص في عدد من الإذاعات الجمعياتية من أبرز الميزات الغائبة عن المشهد الإعلامي في تونس. حيث حرص بعضها على التخصص في مجالات معنية دون غيرها على غرار الفلاحة وذو الإعاقة. وهي مراحل قيد التجربة قادرة على إثراء منظومة الإعلام والمساهمة في تطوير النسيج الاقتصادي والمنوال التنموي في البلاد. ويحرص الإتحاد التونسي للإعلام الجمعياتي على حث الهيئة المنظم للإعلام السمعي في تونس على منح رخص جديدة لمجموعة من الإذاعات الأخرى، مازالت تبث على شبكة الأنترنت ويسعى مؤسسيها إلى الالتحاق بركب نجاح زملائهم.