من لا يذكر كيف انهال الدواعش قبل سنوات على آثار الموصل وغيرها من المدن العراقية، فلا يزال المشهد والفيديوهات التي صورت في حينه تحز في قلوب العراقيين أجمع، إلا أن "كنز" المعلومات الذي وقع في قبضة الامن العراقي بحسب ما أعلن جهاز المخابرات العراقي الأسبوع الماضي كشف الكثير من الأسرار عن التنظيم الإرهابي الذي روّع الملايين. وفي حوار مع "المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات"، قبل أيام، كشف أحد أهم قادة داعش في العراق، طه عبد الرحيم عبد الله بكر الغساني المكنى ب "عبد الناصر قرداش"، عما يعتبر الثقل الاقتصادي للتنظيم الإرهابي، وعائدات ربحه ومصدر تمويله. فقد أفاد القيادي الداعشي في معرض حديثه، أن التنظيم حاول نقل الآثار التي نهبها من مناطق سيطرته إلى أوروبا لبيعها، إلا أنه فشل بعد 4 محاولات كبيرة، خاصة آثار سوريا، فهي مسجلة ضمن التراث العالمي ومعروفة، فلم يجد حلا إلا الذهاب إلى خيار تدميرها ومعاقبة من يتاجر بها. ويفتح كلام قرداش جروحا تعود لعام 2015، حين ظهر مقطع فيديو انتشر على الإنترنت، يحمل اسم تنظيم داعش، ويوضح قيام مقاتليه في شمال العراق بتحطيم مجموعة من التماثيل والمنحوتات النفيسة، التي تعود للحقبة الآشورية قبل آلاف السنين.
وفي الفيديو الذي بثه ما عرف آنذلك ب"المكتب الإعلامي لولاية نينوى"، تدمير الدواعش لقطع أثرية يعود بعضها إلى الحضارة الآشورية، التي سادت في العراق في القرن السابع قبل الميلاد. ورمى حينها عناصر التنظيم قواعد القطع على الأرض لتحطيمها، وأخرى استخدم الإرهابيون مطارق لتفتيتها.
عن الآثار بعد الفيديو الذي هز العالم لشناعته، أفاد موظف سابق في متحف الموصل، أن التماثيل التي دمرت، هي تلك الموجودة في المتحف الشهير في المدينة الواقعة شمال العراق التي احتلها التنظيم قبل سنوات.
فيما قال خبراء حينها، إن الآثار المدمرة تشمل قطعا أصلية، وأخرى أعيد بناؤها من قطع مبعثرة، إضافة إلى نسخ عن قطع أصلية موجودة في متاحف أخرى.
وتشمل القطع آثارا من الحقبتين الآشورية والبارثية، ويعود بعضها إلى فترة ما قبل ميلاد المسيح.
يذكر أن الآشوريين هم إحدى أقدم الطوائف المسيحية في الشرق الأوسط، وكانوا من الأقليات الدينية الأقدم التي اتخذت من شمال العراق موطنا أساسيا لها.