3 اسابيع مضت على التحوير الوزاري محل الجدل ولا يزال الشدّ والجذب متواصلا بين مؤسات الدولة متمثلة في الرئاسات الثلاث، رئاسة الجمهورية امام رئاسة الحكومة ورئاسة البرلمان حيث اعلن رئيس مجلس نواب الشعب راشد الغنوشي الاصفاف الى جانب هشام المشيشي. موقف لا يخفيه الغنوشي بل يعتبر أنّه من الطبيعي أن تكون العلاقة قوية بين رئيس الحكومة والأغلبية الداعمة له، لتحظى الحكومة بالاستقرار، وتتمكن من تمرير قوانينها وميزانيتها.
ويبدو ان المشهد السياسي يسير في اتجاه مزيد الانغلاق، حيث اعلن رئيس الحكومة صباح اليوم الاثنين 15 فيفري 2021، إعفاء 5 وزراء من مهاهم وتكليف وزراء مباشرين في خطة وزراء بالنيابة وذلك لسد الشغور.
وبذلك أفرغ رئيس الحكومة حكومته من الوزراء الذين قرر تغييرهم، في حين اكدت رئاسة الحكومة أنّها تبقى منفتحة على كلّ الحلول الكفيلة باستكمال إجراءات التحوير الوزاري ليتمكّن الوزراء من مباشرة مهامهم، في إطار الدستور.
وتعد هذه الخطوة بمثابة رسالة تحد لرئيس الجمهورية، الذي دعا المشيشي الى الاستقالة او اقالة الوزراء الذين اقترحهم في التعديل الوزاري، هذا الطلب الصادر من اعلى هرم في السلطة بقصر قرطاج رد عليه هشام المشيشي بالرفض حيث قال في تصريح اعلامي انه جندي من جنود الوطن ولن يستقيل، واستكمل رده اليوم باقالة الوزراء في انتظار ان يتقلد الوزراء الجدد محل الجدال مناصبهم.
هذه المحاولة التي اقدم عليها المشيشي تفضي الى احتمالين اثنين اولها، ماصرح به حينما قال إنّه يعمل على ايجاد جميع الحلول الممكنة لحلحلة الأزمة، بما في ذلك المضي في العمل بحكومة مصغرة من 16 وزيرا لضمان تسيير شؤون البلاد.
اما ثانيها فانه يرمي بالمسؤولية على ابواب قصر قرطاج، ليتم الاحتكام الى الدستور في فصله 83 وهو امر مستبعد نوعا ما، ومن هذا المنطلق اعطى المشيشي الشرعية لاي خطورة قد ينتهجها بعد ان استنفذ مختلف الطرق القانونية المتاحة حيث وجه مراسلتين اثنتين الى رئيس الجمهورية لتحديد تاريخ اداء اليمين الدستوري، وفي مرحلة ثانية توجه الى المحكمة الادارية، وفي مرحلة ثالثة استدعى مستشارين وخبراء في القانون الى مقر رئاسة الحكومة من اجل الاستئناس بخبرتهم، وفي مرحلة جديدة اتجه الى الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين طالبا رأيها في "تعطّل مباشرة الوزراء المكلّفين لمهامهم".
ويقول الدستور التونسي في فصله 83 "لرئيس الجمهورية إذا تعذر عليه القيام بمهامه بصفة وقتية أن يفوّض سلطاته إلى رئيس الحكومة لمدة لاتزيد عن ثلاثين يوما قابلة للتجديد مرة واحدة، ويعلم رئيس الجمهورية رئيس مجلس نواب الشعب بتفويضه المؤقت لسلطاته".
وكان هشام المشيشي قدم منذ أكثر من أسبوع، تعديلا وزاريا شمل 11 حقيبة، وصادق البرلمان في 26 جانفي 2021، على منح الثقة للوزراء الجدد بأغلبية مريحة. في المقابل رفضت رئاسة الجمهورية التعديل الوزاري واداء اليمين الدستورية للوزراء الجدد وذلك لوجود أسماء تلاحقها قضايا في شبهة فساد وتضارب مصالح، وعدم دستورية التحوير بحد ذاته وهو ما خلق تجاذبات بين رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة.