لا يزال الوضع في العاصمة الليبية طرابلس غير مبشر بالخير، بسبب المشاكل المتفاقمة بين الميليشيات المسلحة المحلية التي بقيت حاليا دون دعم مالي. الاشتباكات بين الميليشيات التي تقاتل على مناطق النفوذ تلحق أضرارًا جسيمة بالبنية التحتية، وتُلحق ضحايا بالمدنيين أيضا، وهو ما أثبت مرة أخرى عجز حكومة الوحدة الوطنية الجديدة عن ضمان سلامة المواطنين ومنع الجرائم التي يرتكبها المرتزقة والمليشيات في شوارع المدينة.
يُعد افتتاح الطريق الساحلي السريع الذي يربط بين الشرق والغرب الرمز الرئيسي لإعادة توحيد ليبيا، وفي أوائل مارس ، كانت هناك عمليات لإزالة الألغام، ولكن في مرحلة ما توقف العمل وظهرت معلومات تفيد بأن الميليشيات في مصراتة رفضت فتح الطريق السريع. وطالبت بتعويضات، وبحسب تسريبات مختلفة، فإن المبلغ الذي طلبته الميليشيات يتراوح بين 100 و 150 مليون دينار.
ويعد هذا الطريق خطيرا للغاية على المدنيين حاليا، حيث تعمل عليه مجموعات كثيرة من المسلحين، يطلب البعض دفع رسوم، والبعض يأخذ المال والمجوهرات والمعدات والسيارات من المارة.
ومن الأمثلة الفظيعة الأخرى على انعدام الأمن في طرابلس سجن أبو سليم الواقع تحت سيطرة غنيوة الككلي، حيث يقبع أعضاء مجموعات أخرى تم أسرهم خلال المعارك في العاصمة والضواحي، والأشخاص الذين تم اختطافهم للحصول على فدية، والنشطاء المعارضين للنظام الحالي والذين يكتبون تقارير على مواقع التواصل الاجتماعي والإعلام يذهبون إلى هناك.
كما أن العديد من المشاكل التي يواجهها سكان العاصمة ترتبط ارتباطًا مباشرًا بأنشطة الميليشيات المسلحة العاملة في المدينة. وهكذا، فإن النقص المستمر في الوقود مرتبط بتهريبه إلى تونس الذي تنظمه الميليشيات، ناهيك عن انقطاع التيار الكهربائي بسبب سرقة خطوط الكهرباء.
بالإضافة الى تهريب المخدرات الذي يعدّ مصدر دخل آخر للميليشيات المسلحة وعمليات الخطف وسرقة السيارات والسطو على المحلات التجارية. كل هذا ناتج عن حقيقة أن حكومة الوحدة الوطنية غير قادرة على حل مشكلة الجماعات المسلحة التي تواصل ترهيب سكان طرابلس.
إن تأثير هذه الميليشيات على الساحة السياسية الليبية كبير لدرجة أن حكومة الوحدة الوطنية مجبرة على الانصياع لهم. وإن الخلاف بين قادة الميليشيات يمنع تحقيق الشرط الأهم لتوحيد البلاد، ألا وهو فتح الطريق الساحلي الذي يربط بين غرب ليبيا وشرقها.
فإذا لم تجد حكومة الوحدة الوطنية حلاً فعالاً للمشكلة الحالية، فإن الوضع في عاصمة البلاد سيزداد سوءًا مع الأيام، وستذهب جميع الجهود الليبية التي بُذلت لتوحيد الصفوف سدىً.