رُفع الحظر في تركيا عن مجموعة من المواقع الرسمية والإخبارية السعودية بعد سنوات من فرضه، رداً على خطوة سعودية مماثلة آنذاك حظرت خلالها الرياض مواقع إخبارية تركية، وتعتبر هذه الخطوة مؤشراً جديداً على قرب تطبيع العلاقات بين البلدين عقب سنوات طويلة من الخلافات المتصاعدة حول ملفات مختلفة كان أبرزها اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده بإسطنبول. وبداية عام 2019، حجبت السلطات التركية بشكل جزئي أو كلي مواقعَ إعلامية تديرها أو تمولها السعودية والإمارات، وذلك بعد أيام من حجب السعودية مواقع إعلامية تركية بينها وكالة الأناضول الرسمية وموقع التلفزيون التركي الرسمي "تي ري تي" الناطق بالعربية، في ظل تصاعد الخلافات السياسية بين البلدين. ولأول مرة منذ ذلك التاريخ، أمكن الدخول إلى مواقع إخبارية سعودية وإماراتية أو ممولة من قبل الدولتين كان يتعذر الوصول إليها بدون استخدام تطبيقات تجاوز الحظر، حيث بات بالإمكان الوصول إلى مواقع أبرزها موقع النسخة التركية من موقع "إندبندنت" الممول من السعودية، وموقع قناة "سكاي نيوز" الممولة من الإمارات، وموقع قناة العربية السعودية، وصحيفة عكاظ السعودية، وموقع قناة الإخبارية الرسمية، بالإضافة إلى وكالتي الأنباء السعودية (واس) والإماراتية (وام) الرسميتين.
وفي خضم الأزمة بين البلدين، كانت السعودية قد حجبت بدورها الوصول إلى مواقع المؤسسات الإعلامية التركية الناطقة باللغة العربية، وكانت تظهر رسالة للمتابعين من السعودية كتب فيها: "عفواً، الموقع المطلوب مخالف لأنظمة وزارة الإعلام"، لكن لم تتخذ السلطات السعودية خطوة مقابلة برفع الحظر عن المواقع التركية بعد.
وبداية الشهر الجاري، كشف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، عن أنه من المقرر أن يزور المملكة العربية السعودية في شهر فبراير/ شباط المقبل، في زيارة لو تمت ستكون الأولى من نوعها على هذا المستوى بين البلدين عقب سنوات من الخلافات الثنائية الحادة والتنافس الإقليمي، وذلك في إطار مساعي أنقرة للعودة تدريجياً إلى سياسية "صفر مشاكل" مع دول المنطقة.
ولم يكشف الرئيس التركي عن مزيد من التفاصيل حول الزيارة، ولكنه ذكر بأنها ستكون في شهر فيفري المقبل، وهو الشهر الذي من المقرر أن يزور فيه الإمارات العربية المتحدة، حيث جرى تحديد موعد الزيارة عقب زيارة ولي عهد أبو ظبي إلى أنقرة في إطار خطوات إعادة تطبيع العلاقات بين البلدين.
وعلى الرغم من أن مساعي تطبيع العلاقات بدأت بقوة أكبر وفي وقت أبكر مع السعودية، إلا أن المساعي مع الإمارات حققت اختراقاً أسرع، في حين لا زالت المساعي مع السعودية لم تحقق تقدماً واضحاً على الرغم من اللقاءات والتصريحات الإيجابية المتتابعة.
والشهر الماضي، أكد أردوغان قرب تحقيق تقدم في مسار تحسين العلاقات بين أنقرةوالرياض، كما جرى اتصال هاتفي بين نائب وزير الخارجية التركي ياووز سليم كيران ونظيره نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي الذي شغل سابقاً لسنوات منصب السفير السعودي في أنقرة، لا سيما الفترة التي جرى فيها تنفيذ جريمة قتل جمال خاشقجي، العقبة الأكبر في مسار علاقات البلدين، ويتوقع أن يلعب دوراً محورياً في مسار تحسين العلاقات مع تركيا.
وفي لقاء على التلفزيون التركي، أكد أردوغان حرص بلاده على الارتقاء بالعلاقات مع كل من السعودية ومصر، وقال: "سنعمل على الارتقاء بالعلاقات مع السعودية إلى مكانة أفضل"، لافتاً إلى أن أنقرة عازمة على تحسين علاقاتها مع كافة دول الخليج، وأضاف: "هناك إمكانيات جدية للغاية للتعاون بيننا وبين دول الخليج، فاقتصاداتنا متكاملة، وآمل أن نرى مشاريع تعاون جديدة تقوم على المنفعة المتبادلة كفرص للاستثمارات المشتركة".