يعرض اليوم مشروع قانون تحصين الثورة على التصويت في المجلس الوطني التأسيسي. من نكد الدهر ومسخرة القدر أن تصوت على مستقبل الثورة أطياف أشخاص لا علاقة لهم بالثورة ولا أهلية لهم في التحكم في مصير شعب وبلاد بأكملها. تسربت الى مقاعد المجلس التأسيسي نتيجة النظام الانتخابي الذي اعتمد نظام أكبر البقايا، بقايا قائمات وشخوص أقل ما يقال فيهم انهم لا يعبرون عن روح الشعب التونسي وذكائه ومستوى شرائح اجتماعية كاملة اهلت بلادنا أن تكون طوال عقود من الزمن في مقدمة الدول العربية والافريقية اجتماعيا تعليميا وثقافيا. من بين من سيصوت على قانون تحصين ثورتنا النائبة سنية بن تومية التي ليست نائبة عن حركة النهضة فحسب, ولكنها تمثل أبرز مثال للتهريج السياسي والسخرية التي سادت قاعات المجلس التأسيسي طوال أكثر من عام من بداية عمله. اذا كان لا بد من قانون لتحصين الثورة فانه لا بد ان ينطلق أولا من تحصينها من الطفيليات التي علقت بها والتي أصبحت تتكلم باسمها. لم تكن سنية بن تومية الا رأس جبل الثلج الظاهر والمكشوف من الخور الذي لحق أعلى سلطة تشريعية وتأسيسية في البلاد. فضيلة سنية بن تومية وشجاعتها تكمن في أنها تظهربتصريحاتها باطن نائبات ونواب اخرين فضلوا الصمت منكسين رؤوسهم ,لم نسمع لهم ركزا منذ ان بدأ المجلس التأسيسي اشغاله بعد انتخابات أكتوبر 2011. صمتوا حتى لا يفضحهم جهلهم. طبقت سنية بن تومية مقولة سقراط الشهيرة "تكلم حتى أراك" فرأينا طوال أكثر من عام العجب العجاب وكانت أيقونة السخرية في مجلس أضاع أكثر من عام في مهاترات لا علاقة لها بالمهمة التي انتخب من أجلها : كتابة دستور البلاد. وحتى لا يفهم أن هذا الكلام موجه لنائبات النهضة ونوابها دون سواهم فان حزنا بحجم الجبال الشاهقات أصابنا لما تناهى الى مسامعنا النص الذي قرأه النائب سليم بن عبد السلام من أعلى منصة في المجلس والذي ذكرنا بمحاولاتنا فك ألغاز اللغة العربية في السنة الاولى ابتدائي. أمر مخجل فعلا! ماذا لو قرأ نائب في الجمعية العامة الفرنسية نصا اساء فيه الى اللغة الفرنسية بهذا الشكل. حتما سيكون الامر بمثابة الفضيحة الوطنية. الفارق بين النائبة سنية بن تومية والنائب سليم بن عبد السلام ، ان الاولى ستصوت حسب توجهات حزبها مع قانون التحصين والثاني سيصوت ضده بحسب توجه الكتلة الديمقراطية. مهما يكن التباين الشكلي بين المساندين للقانون والمعارضين له يكفي ان نقول انه سيصوت على قانون تحصين ثورة شعب, قاد ما أطلق عليه بالربيع العربي, مهرجون وأميون وحمالون في الاسواق.. واخرون واخريات اسقطوا عبثا كالمظليين الذين يخوضون معارك لم يختاروها .. مثلهم كمثل بطل الروائي الفرنسي سيلين في روايته "رحلة في اخر الليل".. اللهم لا تطل ليلنا الذي نعيش!.