مازالت ولاية جندوبة تعيش على وقع حالة من الاحتقان والغضب الشعبي على خلفية تطورات الأوضاع خلال الأسبوع الماضي في ظلّ الكارثة الطبيعية الناجمة عن الفيضانات خاصة بمدينة بوسالم. وقد شهدت هذه الجهة مساء الامس حركة احتجاجية سرعان ما تفرقت بعد تدخّل عناصر الأمن الذين أطلقوا الرصاص في الهواء لتفريق المتظاهرين واستعملوا للغرض كذلك الغاز المسيل للدموع. وفي صباح اليوم الاثنين 2 مارس الجاري، انتظمت مسيرة جابت شوارع مدينة جندوبة لتختتم بتنظيم وقفة احتجاجية أمام مقر مركز الولاية وأمام ايصاد أبوابها أمام المحتجين قام هؤلاء باقتحام مقر الولاية عبر القفز من فوق الجدران و فتح الباب الخارجي الحديدي الكبير ليفرّ عدد من المسؤولين والعاملين بالولاية. وفي الظهيرة انتظمت وقفة احتجاجية كبرى بمدينة بوسالم تم خلالها اغلاق الطرقات بمدخل ومخرج ولاية جندوبة من جهة مدينة بوسالم وذلك باستعمال الحجارة وحرق العجلات المطاطية وسط حضور أمني مكثّف الى حدود الساعة الخامسة مساء حيث عادت الامور الى سيرها العادي والطبيعي. وسعيا منها لمعرفة مستجدات الوضع بالجهة، إلتقت"حقائق أون لاين"النائب عن دائرة جندوبة و الممثّل عن حزب صوت الفلاحين فيصل التبيني الذي اعتبر احتجاجات أهالي الجهة مشروعة باعتبار تردّي الأوضاع الاجتماعيّة و تفاقم المشاكل التنمويّة مؤكدا أن رفع شعار كلمة ديقاج اليوم وخلال زيارة وزير الشؤون الاجتماعية لمدينة بوسالم يوم السبت الماضي مستهدف بها الوالي في شخصه تعبيرا من المحتجين عن رفضهم لهذا المسؤول الاول جهويا و الذي لم يكن قادرا على تفعيل انجاز 511 مشروعا تنمويا بالجهة بقيت معطلة وتقدر جملة تكاليف انجازها ب 676 مليون دينار، ولمغالطاته للرأي العام عبر وسائل الاعلام حيث ما انفك يؤكد أن الوضع الكارثي الذي تعيشه الجهة بسبب الفياضانات "تحت السيطرة"، وفق ما جاء على لسانه. واعتبر التبيني أن والي الجهة "أخطر من الفيضانات" مطالبا باقالته الفورية. وشدّد التبيني على أن أهالي جندوبة فقدوا الثقة في المسؤولين الجهوين وفي السلطة عموما مؤكّدا أن احتجاجات أهالي الجهة مشروعة من أجل المطالبة بحقّهم في الحياة الكريمة كما ضمنها لهم ولكافة الشعب التونسي الدستور الذي صادق عليه أعضاء المجلس التأسيسي. كما طالب التبيني رئيس الحكومة الحبيب الصيد بالاعلان في ظرف 24 ساعة عن برنامج حلّ واضح وجذري لمعضلة الفيضانات التي أضحت سرطانا يهدد المنطقة، حسب رأيه، وذلك لطمأنة أهالي الجهة. كما طالبه بالوفاء بتعهّده بارسال وفد وزاري كامل كما سبق أن وعد نواب الجهة في جلسة يوم الجمعة 27 فيفري وليس الاكتفاء بشخص وزير الشؤون الاجتماعية، وشدّد على ضرورة تفعيل المشروع الياباني لحماية مدينة بوسالم من الفياضانات الذي قدرت تكاليف انجازه ب700 مليون دينار حسب الدراسة التي أعدّت سنة 2003 معتبرا أن تأخير الانجاز الى اليوم سيرفّع من قيمة المبلغ المذكور ليصل أو يفوق ال800 مليون دينار باعتبار غلاء مواد البناء وارتفاع تسعيرة اليد العاملة. وأضاف أن بوسالم اليوم تدفع ضريبة أخطاء السياسات الحكومية التي رفّعت في زيادة مرتبات الموظفين دون مردودية في العمل والانتاج وكان بالاحرى استغلال الاموال المرصودة للزيادات في مشاريع تنمية بالجهات الداخلية التي تعيش واقعا صحيا واجتماعيا وتنمويا مهمّشا للغاية. وشدّد التبيني على أنه يجب التخلي عن تبرير أسباب حدوث الفيضانات بالبناء العشوائي معتبرا أن الدولة هي نفسها قد أخطأت في بناء مؤسساتها بطريقة عشوائية على غرار المستشفى المحلي ومقر مركز الشرطة والمعاهد والمدارس التي تعرّضت هي الاخرى لفيضان الوادي عليها معتبرا أن هذه التفسيرات واهية وهدفها تفصي الدولة من تحمّل المسؤولية والقائها على عاتق المواطنين كما أن الدولة مطالبة بتحمّل مسؤولية أخطائها في برمجة المشاريع وتعطّلها بسبب المسألة العقارية إذ كان من المفروض دراسة الوضعية العقارية لأي مشروع قبل برمجته وليس العكس حتى لا يتعطّل انجازه في موعده المبرمج. وأكّد النائب فيصل التبيني أنه يطالب الحكومة باقرار تفعيل مشروع حماية مدينة بوسالم من الفيضانات وهو مشروع معطّل وتأخّر انجازه كثيرا رغم ما رصد من أموال لتونس خلال السنوات الاخيرة أي توفّر الامكانيات المالية مطالبا بفتح تحقيق فوري في مآل هذه الاموال ومصادر صرفها وفتح أرشيف الفساد المالي والتصرّف العشوائي في الاموال العمومية على حساب التنمية الجهوية ومحاسبة كل من أجرم في حق ولاية جندوبة وأشار الى أن السكّان الذين تمت نقلتهم الى منطقة الروماني مازالوا ومنذ سنة 2005 لم يتحصلوا على حقهم المشروع في شهائد ملكية. ومن جهة أخرى، حذّر التبيني الأمنيين من المساس بأي مواطن لم يخرج عن القانون في احتجاجاتهم ضد الأوضاع المزرية بالجهة . وفي خاتمة اللقاء انتقد النائب عدم توجه رئيس الجمهورية بأي كلمة لمواساة المواطنين في الجهة، قائلا في كلام موجّه للباجي قائد السبسي"أخذتم أصوات أهالي جندوبة والآن تصمتون" مشدّدا في الختام على أنه يمهل رئيس الحكومة الحبيب الصيد يوم الخميس أي بعد غد لزيارة الجهة للتخفيف من معاناة المتساكنين مهدّدا في هذا الصدد بتعليق عضويته في مجلس نواب الشعب في صورة عدم الاستجابة لندائه قائلا في هذا الصدد"لست في المجلس من اجل المال بل من أجل تمثل جهة جندوبة، سأعلق عضويتي حفظا للأمانة في حال لم يطلعوا على مشاعل الجهة من خلال نوابها" مضيفا أنه وضع اصبعه على موطن الداء حيث اعتبر أن الارادة السياسية لحلّ اشكالية الماء بولاية جندوبة التي تفتقر للماء الصالح للشراب ومياه الريّ رغم ثراء مائدتها المائية هدفه الاستحواذ على الماء من قبل عصابات الاقتصاد والمال في تونس باعتباره البترول الجديد الذي سيكون مورد الاقتصاد العالمي في السنوات القادمة، حسب تقديره.