اصدرت منظمة مراسلون الفرنسية الشهيرة اليوم 3 ماي تقريرها السنوي الذي حذرت فيه السلطات التونسية من العودة الى الاساليب القديمة لحجب المواقع والصفحات الالكترونية كما اصدرت المنظمة ترتيبها السنوي للبلدان الاكثر احتراما لحرية الصحافة. وتضمنت قائمة ترتيب البلدان التي تحترم حرية الصحافة 179 بلدا احتلت تونس فيها المرتبة 138 متأخرة اربع درجات عن مرتبة السنة الماضية. وجاءت فينلندا في المرتبة الاولى فيما احتلت اريتريا المرتبة الاخيرة. ومقارنة ببلدان ما اطلق عليه بالربيع العربي سبقتنا ليبيا التي جاءت في المرتبة 131 فيما جاءت مصر في المرتبة 158.
وفي ما يلي النص المتعلق بتونس في التقرير: بلدان تحت المراقبة – 2012 – مراسلون بلا حدود تونس سمح سقوط الدكتاتور زين العابدين بن علي للشعب التونسي بأن يأمل في اختفاء «عمار 404 «، جهاز الرقابة الذي فرضه النظام السابق في البلاد. ولكنه ثبت أن هذا النظام قادر على النهوض من تحت الرماد بعد اتخاذ سلسلة من القارارت القضائية بشأن الترشيح، فيما لايزال وضع حرية الإعلام هشاً في تونس. حرية إعلام هشة يجدر الحفاظ عليها أحدث الربيع العربي، الذي أطلقت تونس شارارته، تغييرات مذهلة في أنحاء المنطقة كافة. إلا أنه مازال ينبغي بذل الكثير للحفاظ على مكتسبات هذه الثورة، ولا سيما حرية التعبير وحرية الإعلام على الإنترنت. ويشهد على ذلك الهجوم الذي نفّذ ضد قناة نسمة بسبب بثها فيلم برسيبوليس، وٕالقاء القبض على مدير التونسية لنشره صورة للاعب كرة القدم الألماني – التونسي سامي خضيرة وهو يعانق عارضة أزياء عارية، واعتداء قوات الأمن على صحافيين يغطون الاحتجاجات. إذا كانت حرية التعبير حقيقة واقعة، فإن الخطوط الحمراء الجديدة المذكورة في فصل تونس من تقرير أعداء الإنترنت للعام 2011 (الاعتداءات التي يرتكبها عناصر الشرطة والجيش، والفساد، والصعوبات الحكومية) لازالت قائمة. وقد وصفت مدوّنة (نواة) القضاء أنه راس حربة جديد للرقابة أقل تأثرًا بالسياسة ولكن أكثر اعتماداً على الاعتبارات الأخلاقية والدينية. في «مدنين»، تقدّم المحامي مبروك كرشيد بثلاث شكاوى ضد مدوّن ومواطنين تونسيين إثر نشرهم كتابات وردود فعل تعكس التعبئة المنظمة ضد تعيينه في منصب مستشار الحاكم. فيلاحق المدوّن رياض الساحلي قضائياً بتهمة «التشهير» على شبكة الإنترنت في أعقاب استعادته على صفحته على الفيسبوك بيانا أرسله متظاهرون. وقد رفع المحامي كرشيد دعوى قضائية أيضاً بتهمة «التشهير» ضد المواطن يوسف الفيلالي، علماً بأنه تم تأجيل المحاكمة التي تعدّ أول دعوى تشهير ترفع في مرحلة ما بعد بن علي والتي من المرتقب أن تعقد في 22 شباط/فيفري، حتى 14 آذار/مارس. وعلاوة على ذلك، يلاحق بلدان تحت المراقبة – 2012 – مراسلون بلا حدود المحامي مدوّنا آخر من مدنين هو مروان عثامنة بتهمة «التشهير» و»توزيع منشوارت» تسيء إلى شخصه. وقد استدعي المدوّن للمثول أمام المحكمة البلدية في مدنين في 29 شباط/فيفري. من شأن قضية رياض الساحلي أن تدل على أن القانون يحتفظ بالصمت المطبق ازاء مسؤولية وسائل الإعلام الإلكترونية، فيما يبدو نظام المسؤولية الخاص بالويب ضرورة لا بدّ منها. وسائل الإعلام الإلكترونية، والويب، وقانون الصحافة 115 بتاريخ 2 تشرين الثاني/نوفمبر 2011 بشأن حرية – من المرتقب أن يطبّق المرسوم رقم 2011 الصحافة والطباعة والنشر على الصحافة الإلكترونية. وهذا ما يؤكده الفصل ( 7) الذي يستخدم مفهوم «إنشاء إعلام إلكتروني»، أو الفصل ( 2) الذي يشير إلى «المصنّفات الرقمية». بيد أنه لم يلحظ أي نظام مسؤولية خاص بالإنترنت. ولكن قضية المسؤولية محددة في سياق يتضمن تعليقات القراء ومنتديات النقاش وغيرها. وينبغي تطبيق مبدأ مهلة التقادم القصيرة بالطريقة نفسها على المقالات التي تنشر على الإنترنت، بدءا من تاريخ نشرها. نحو العودة إلى الحجب؟ دق ناقوس الخطر الأول في أيار/ماي 2011 حينما أمرت المحكمة العسكرية الدائمة في تونس بفرض الرقابة على خمس صفحات من الفيسبوك. وقد أصدرت الوكالة التونسية للإنترنت التي قررت اعتماد الشفافية لائحة المواقع المعنية. في 26 أيار/مايو 2011 ، أمرت المحكمة الابتدائية في تونس الوكالة التونسية للإنترنت بحجب المواقع الإباحية في أعقاب إيداع مجموعة من المحامين شكوى تفيد بأن هذه المواقع خطرة على القاصرين وتتنافى مع قيم البلاد الإسلامية. وهو قرار وعدت الوكالة بمكافحته. وفي حزيران /جوان 2011 ، التقت مراسلون بلا حدود برئيس الوكالة التونسية للإنترنت معز شقشوق الذي أكد أن الوكالة متمسّكة بالحياد والشفافية وترفض مواصلة الحجب. بلدان تحت المراقبة – 2012 – مراسلون بلا حدود بما أنه تم رد استئناف الوكالة التونسية للإنترنت في آب/أغسطس 2011 ، فقد قامت هذه الوكالة بالطعن في القانون . وفي 22 شباط/فيفري 2012 ، أبطلت محكمة النقض الحكم الصادر بشأن حجب المحتويات وأحالت القضية إلى محكمة الاستئناف. وفي غضون ذلك، اضطرت الوكالة للبدء بحجب الشبكة تطبيقاً للقرار القضائي كاشفةً النقاب عن القيود المفروضة ومحذرةً المستخدمين من أن إعادة تنشيط الحجب قد يتسبب في تدهور نوعية الخدمة، لا سيما بسبب مشاكل الصيانة على الشبكة. ويمكن الإبلاغ عن أخطاء ولكن الوكالة أعلنت في بياناتها عدم تحمّل مسؤوليتها ،[email protected] الحجب على العنوان الإلكتروني. الواقع أنه عند إرساء هذا الحجب، فرضت قيود تقنية على الوكالة التونسية للإنترنت. وأبلغ مديرها، معز شقشوق، مراسلون بلا حدود في 27 شباط/فيفري 2012 بما يلي: «لم تتمكن خدماتنا التقنية من تطبيق الحجب إلا على المؤسسات والشبكات المجتمعية العامة. أما الشركات الخمس المزوّدة لخدمة الإنترنت، فقد أفضت كل محاولاتها إلى تدهور خطير في جودة الخدمة (تدفق حركة التداول على الشبكة عند مستوى الترانزيت )». وأوضح أن «هذه المشاكل تعود إلى «النمو الهائل» ( 60 بالمئة في العام 2011 مقارنة بالعام 2010 ) لعرض النطاق الترددي الدولي، وهو تطور لا تملك الوكالة الوسائل المالية (الممولة من الدولة التونسية في السابق) لتواكبه فتعيد تشغيل معدات الحجب». نددت مراسلون بلا حدود بعودة الحجب المحتملة معتبرةً إياها بمثابة لجوء إلى الأساليب القمعية القديمة متوقفة عند المخاطر التقنية والقانونية والمالية التي تؤدي إليها، ولا سيما الإفراط في الحجب، والتكلفة الإضافية، وخصخصة الرقابة المفوضة إلى وسيط فني. ولا يسع المنظمة إلا أن تعبّر عن قلقها إزاء العودة إلى الممارسات التي كانت سائدة في عهد بن علي وتخشى أن يمهّد ترشيح هذه المواقع، الذي مازال تحديده غير واضح، السبيل لرقابة أوسع نطاقا. ويندرج الحجب المعمم في إطار يتناقض مع حياد الشبكة وقيم حرية التعبير التي تنادي بها الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والتحول الديمقراطي. الحوكمة الإلكترونية وتطوير البرمجيات الحرة أصبحت الشبكات الاجتماعية جزءاً لا يتجزأ من الحياة السياسية في تونس. ويشدد منتدى غلوبال فويسز على أن الحكّام باتوا يستخدمون الأدوات نفسها التي كانت تقمعها الدولة لإيصال رسائلهم إلى المواطنين. بلدان تحت المراقبة – 2012 – مراسلون بلا حدود «تشكل شبكة تويتر أيضا ساحة حيث يعبّر السياسيون التونسيون عن إحباطهم أمام فوضى أحزابهم وبطء الحكومة الحالية. فيحرص المسؤولون السياسيون في تونس على إقامة علاقة أكثر شفافية مع ناخبيهم، وأصبحت هذه الأمور تمر عبر وسائل التواصل الاجتماعية». وقد أطلقت الوكالة التونسية للإنترنت موقع بالتحايل على الرقابة وتأمين مجهولية المستخدمين مرآة لبرمجيات تور الشهيرة التي تسمح tor.mirror.tn . وكان المخالفون الإلكترونيون يلجؤون إليها لمواجهة مقص «عمار 404 «. وأوضح معز شقشوق في هذا الصدد لموقع منصات برمجيات المصدر المفتوح، فضلا عن تقديم منتجات تضمن سلامة التصفح والحماية من البرامج المتطفلة». وكان تركيب الموقع المرآة تور في تونس أول إجراء من نوعه في العالم العربي وأفريقيا وآسيا، بحسب السيد شقشوق، فيما يرى عدة متصفحين في هذه المبادرة وسيلة لقياس نجاح الثورة التونسية التي كانت معقلا لمحاولات برمجيات الرقابة. مستقبل الإنترنت التونسي: مشاريع وأفكار تندرج إعادة هيكلة الوكالة التونسية للإنترنت التي تحظى برعاية وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، ضمن المواضيع التي تعمل عليها الحكومة الانتقالية. وأفاد معز شقشوق بأن «الوكالة التونسية للإنترنت قد تؤدي مهامها طبقا لأفضل لممارسات الدولية كنقطة تبادل على الإنترنت». والوكالة مرشحة برأيه لتصبح عضواً في جمعية يورو 9 التي تضم نقاط تبادل على الإنترنت وتربط بين الشركات المزوّدة لخدمة الإنترنت على المستوى الأوروبي. يبقى تحرير سوق الإنترنت من أبرز الأهداف التي يفترض بأي مجتمع أن يصبو إليها، جنبا إلى جنب مع مكافحة تقنيات الترشيح التي تنتمي إلى عصر مضى. ومن شأن إضافة النفاذ إلى الشبكة كحق أساسي إلى الدستور الجديد وتطبيق هذه الإضافة العملي، أن يساهما في ترسيخ مفهوم الدفاع عن حرية التعبير على الإنترنت في تونس.