ابرز سفير فرنسابتونس، فرنسوا غويات، تصميم فرنساعلى دعم تونس في حديث ادلى به الى (وات) وذلك قبل ساعات من الزيارة الرسمية، التي سيؤديها رئيسالحكومة الحبيب الصيد الى باريس (العاصمة الفرنسية) يومي 22 و23 جانفي 2016. واعلن غويات انه سيتم التوقيع خلال هذه الزيارة على اتفاق لتحويل جزء من الديون التونسية (60 مليون اورو اي ما يعادل 7 ر133 مليون دينار) الى مشاريع تنموية بالجهات منها خاصة اقامة مستشفى جهوي بقفصة. (وات) : ما هو تقييمكم للوضع السياسي والاقتصادي في تونس بعد خمس سنوات من ثورة 17 ديمسبر 2010/14 جانفي 2011 ؟ غويات : الكل يعلم بالصعوبات، التي تعيشها تونس، ولحل هذه الاشكالات من الضروري انعاش الاقتصاد وضمان عدالة اجتماعية اكبر في البلاد، التي كانت في حاجة الى الربط مجددا مع الاستقرار السياسي. وقد تمكنت تونس في 2013 من تخطي ازمة سياسية خطيرة كان من شانها ان تسحب البلاد الى دائرة العنف ولهذا جاءت جائزة نوبل للسلام تتويجا لجهود الرباعي الراعي للحوار ومن خلاله تتويج كل القوى السياسية في البلاد. حينها كانت التوافقات وحدها كفيلة بوضع البلاد في الاتجاه الصحيح نحو الانتقال الديمقراطي. ومكن نجاح انتخابات 2014 التي جرت في مناخ سليم وكانت نتائجهااكيدة من ارساء السلط الاولى المنتخبة ديمقراطيا في تاريخ تونس. ان ذلك يعد نجاحا ديمقراطيا لكن ايضا شرط اساسي لتنفيذ الاصلاحات، التي انتظرها التونسيون، والتي من شانها ان تحفز عودة المستثمرين. اننا نوجه دعمنا حاليا الى الهياكل الديمقراطية ومصاحبة السلطات في تمشيها لتحقيق الانتعاش. انني ارغب في ان اقول للتونسيين ان بلادهم تتوفر على عديد المكاسب الضرورية للنجاح وعليهم مواصلة الايمان في الامال التي رسموها في 2011 وانه بامكانهم التعويل في ذلك على الدعم الفرنسي. اننا نبقى الشركاء الاول لتونس خاصة على المستوى الاقتصادي وان المؤشرات واضحة في هذا الصدد فقد خصصت الوكالة الفرنسية للتنمية 230 مليون اورو و224 مليون اورو على التوالي خلال سنتي 2014 و2015 واننا سنواصل هذا الجهد. (وات) : يجري رئيس الحكومة الحبيب الصيد اولى زياراته الرسمية الى فرنسا ماهي التاثيرات المتوقعة لهذه الزيارة (22 و23 جانفي 2016) على العلاقات الثنائية ؟ غويات : سيلتقي رئيس الحكومة الحبيب الصيد خلال هذه الزيارة برئيس الجمهورية الفرنسي والوزير الاول ورئيس مجلس الشيوخ ورئيسة بلدية باريس. ان هذه الزيارة تكتسي عديد الاوجه كلها ذات معنى. ويتعلق الامر بدءا بالتذكير بقرب العلاقات، التي تربط بين بلدينا، واهمية التعاون بيننا. ان تواتر الزيارات الثنائية، اكثر من 10 زيارات خلال سنة 2015، منها زيارة الدولة، التي اداها رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي الى باريس خلال شهر افريل 2015، تعكس كثافة المبادلات بين الطرفين والاهمية الاستراتيجية للعلاقات الفرنسية التونسية خلال هذه الفترة ذات الخصوصية. ان زيارة رئيس الحكومة الحبيب الصيد ستكون مناسبة للتبادل على اعلى مستوى بشان تعاوننا، الذي ما فتئ يتدعم في كل الاتجاهات، خاصة وان رئيسي الحكومتين يعملان على الاعداد لعقد الاجتماع الاول للمجلس رفيع المستوى، الذي تم الاعلان عنه خلال زيارة الدولة، للرئيس قايد السبسي. ومن شان هذا المجلس ارساء اطار للتحاور السياسي بين البلدين. وسيزور الوزير الاول الفرنسي مانويل فالس تونس للمساهمة في تراس، مع نظيره التونسي، الاجتماع الاول لهذا المجلس خلال سنة .2016 (وات) : حسب رايكم هل ستاخذ فرنسا قرارا ممثلا لذلك، الذي اتخذته المانيا والمتعلق بتحويل جزء من ديون تونس الى مشاريع تنموية ؟ اذا كانت الاجابة بنعم فاي قيمة من هذه الديون سيشملها هذا القرار؟ غويات : ان الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند اعلن خلال زيارة الدولة انفة الذكر عن تحويل ديون بقيمة 60 مليون اورو الى مشاريع. وان الاتفاقية التي سيتم امضاؤها خلال زيارة رئيس الحكومة الحبيب الصيد الى فرنسا تعكس الجهود الهامة، التي بذلتها فرنسا في هذا الاتجاه. وبطلب من السلطات التونسية فان مشروع المستشفى الجهوي بقفصة يمثل حاليا اولوية لتجسيد فعلي لتحويل هذه الديون الى مشاريع. ويتضمن هذا التعاون، ايضا، مساعدة فنية فرنسية وهو يشكل مثالا جميلا للتعاون الثنائي في مجال الهندسة الاستشفائية والطبية في الجهة. (وات) : هل تعول فرنسا على اتخاذ تدابير للترفيع في تدفق السياح الفرنسيين نحو الوجهة التونسية ؟ غويات : لا يتعلق الامر باخذ التدابير لان قدوم السياح الى سوق تشهد منافسة حادة لا يمكن اخضاعه الى مراسيم. في المقابل فان فرنسا تقف الى جانب تونس لمساعدتها على تخطي الصعاب، التي اضرت بالقطاع السياحي خلال العام 2015 ولمواجهة وضعية صعبة ولتجديد القطاع. والملاحظ انه خلال سنة 2015 فان معدل السياح الوافدين من السوق الفرنسية اظهر صلابة اكبر مقارنة ببلدان اخرى مع تسجيل تراجع اقل من المعدل الاوروبي. وباكثر من ثلث اجمالي الوافدين، تبقى فرنسا أول سوق سياحية بالنسبة لتونس على مستوى أوروبا. وقد تم تنظيم عديد الأنشطة في السابق لمساعدة تونس في هذا القطاع خاصة من قبل الوكالة الفرنسية للتنمية (خط تمويل لتأهيل الوحدات الفندقية وتقديم منح لتجديد مراكز التكوين) ومن قبل المعهد الفرنسي وذلك في إطار التعاون اللامركزي (في ولايات مدنين وبنزرت والكاف). سنواصل في هذا النهج وخاصة من خلال إطلاق برنامج مساعدة فنية ،جد واعد، يموله الإتحاد الأوروبي وتنفذها كلا من فرنسا والنمسا. يجب ان تفضي هذه التوأمة، كما نسميها، الى إحداث علامة جودة سياحية وتدعم مكانة الوجهة التونسية في حوض البحر الأبيض المتوسط. (وات) : كيف تقيمون الوضع الأمني في تونس وماهو تصوركم للمجهودات، التي تبذلها الحكومة التونسية لمكافحة الإرهاب، ومكانة الدعم الفرنسي في هذا المجال؟ (غويات) : تلقت تونس ضربة قوية سنة 2015 ولا تزال التهديدات متواصلة في 2016 بسبب، خاصة، تواصل تواجد تنظيم داعش في ليبيا، والذي يعتمد على عناصر تونسية، خاصة أنصار الشريعة. يجب على كل التونسيين أن يعلموا أن فرنسا تتواجد دائما إلى جانبهم في هذه المعركة وتتوجه بتفكيرها نحو الضحايا وعائلاتهم. وقد قدم الرئيس الفرنسي، يوم 28 مارس 2015، وسار جنبا إلى جنب مع نظيره التونسي وعدد من رؤساء الحكومات ليبرهن على تضامنه ودعمه لتونس. كما فرنسا فان تونس مهددة بالإرهاب بسبب تمسكها بقيم الديمقراطية والتعددية والانفتاح. وأظهرت الإعتداءات الثلاثة، التي جدت سنة 2015 وطالت متحف باردو ومدينة سوسة والعاصمة، أن نجاح تونس في الانتقال الديمقراطي لا تحتمله ظلامية تنظيم داعش. ان بلدينا يجابهان نفس التهديد ويظهران نفس التصميم لمحاربته. لقد طمأنني رئيس الحكومة الحبيب الصيد حول التعبئة الكلية لحكومته في هذا الإتجاه ويمكنه التعويل على دعمنا. إنها معاضدة تنبع من المكانة المتميزة لتونس من أجل دعم ديمقراطيتها الفتية ومساعدتها على تنمية إقتصادها ودعم مؤسساتها وتنفيذ المشاريع، التي ستساهم في ضمان عدالة إجتماعية واسعة وتأمين تنمية افضل لجهاتها المحرومة. وتكثفت جهودنا أكثر منذ نحو عام، في المجال الأمني، وتضاعف حجم تعاوننا أربع مرات سواء على المستوى العسكري أو الأمني. وتسعى فرنسا وشركاء تونس الى تجميع طاقاتها من أجل تدعيم قدرات ومهارات القوات المسلحة التونسية ومساعدتها بشكل أفضل على حماية أراضيها وكشف التهديدات وحماية حدودها. (وات) : كيف يمكننا جذب المزيد من الاستثمارات الفرنسية نحو تونس؟ غويات : إن الامر يتعلق بمسألة هامة لأن المؤسسات والاستثمارات (سواء كانت تونسية أو أجنبية) تعد محركا للاقتصاد التونسي. وتمثل فرنسا أول مستثمر في تونس باستثناء قطاع الطاقة. وبحسب مؤشرات وكالة النهوض بالاستثمارات الخارجية فاننا نحتل المرتبة الأولى في مجال الاستثمار في تونس، خلال الأشهر التسعة الأولى من سنة 2015، بقيمة 185 مليون دينار (دون اعتبار قطاع الطاقة). وتمثل قيمة هذه الاستثمارات ثلث الاستثمارات الأجنبية المباشرة في تونس خلال الفترة المذكورة. وفي ما يتعلق بالتشغيل فإن الاستثمارات الفرنسية المشار إليها آنفا تساهم بإحداث 2700 موطن شغل جديد أي قرابة نصف مواطن الشغل المحدثة عبر الاستثمارات الأجنبية. وتطورت الاستثمارات الفرنسية المباشرة في تونس (دون احتساب قطاع الطاقة) بحوالي 80 بالمائة مقابل ركود اجمالي الاستثمارات الاجنبية المباشرة. وتبين هذه المعطيات أنه، رغم صعوبة الظرف الاقتصادي خلال السنة المنقضية وعدم ملاءمة مناخ الأعمال، فإن المستثمرين الفرنسيين حافظوا على ثقتهم في تونس وهو ما يبدو لي "علامة قوية". على تونس مواصلة جهودها في تدعيم الأمن، وهو ما يعتبر العنصر الاهم عند اتخاذ قرار الاقدام على الاستثمار من عدمه. كما يجب عليها، أيضا، أن تسرع في الإصلاحات بهدف تحسين مناخ الأعمال وتدعيم جاذبية البلاد. وأستحضر في هذا الصدد إصلاح القطاع البنكي والجبائي والديواني وإصدار أوامر تتعلق بتطبيق الشراكة بين القطاعين العام والخاص أو بالطاقات المتجددة. إن تحقيق الاستقرار على مستوى الاجراءات التشريعية والمناخ الاجتماعي تشكل أيضا عناصر هامة بنظر المستثمرين. مجموع هذه المسائل تشغل لا فقط المؤسسات الفرنسية المتواجدة في تونس بل كذلك المؤسسات، التي تنوي الاستثمار في هذا البلد. إن تونس تمتلك مكاسب لا يمكن إنكارها والتي يجب ان تجتهد اكثر لتثمينها ودعمها.