من المضحكات أنّ نوفل الورتاني هو الآن متّهم في قضيّة تحقيقيّة طبق فصول قانون مكافحة الإرهاب الذي كان هو (وجمع مثله من الصحفيّين) أوّل من دافع عنه وفرش السجّاد الأحمر في برامجه لكلّ ضيف يدعمه ويسوّق له.. وأهدى الميكروفون لكلّ من يسبّ ويشتم ويقزّم من يعارض ذلك القانون ويطالب بمراجعة وحذف بعض فصوله.. وكانوا يتّهمونهم بتبييض الإرهاب والتواطئ معه.. بعض الصحفيّين والإعلاميّين ولا أعرف إن كان نوفل الورتاني منهم أيضا.. عبّروا صراحة كذلك عن تقبّلهم لاستعمال الضغط المعنوي والماديّ من طرف الأمن في التحقيقات مع المتّهمين في قضايا الإرهاب.. وحتّى استعمال العنف وبعض أنواع التعذيب لانتزاع الاعترافات.. بتعلّة أنّ بشاعة الجرائم الإرهابيّة وضرورة كشف المتورّطين فيها تبرّر ذلك.. رافعين شعار "لا حقوق إنسان مع الإرهابيّين".. هؤلاء الصحفيّين ما رأيهم لو أنكر نوفل الورتاني في التحقيق والبحث التهم المنسوبة إليه أو رفض تقديم المعلومات المطلوبة.. فيقع تهديده وضربه وتعذيبه من أجل جبره على تقديم الاعترافات والمعلومات؟؟؟؟ بعض الناس لا يعرف معنى الخطأ إلاّ عندما يطاله ويصيبه شخصيّا.. مقدّمة كان لا بدّ منها قبل أن أقول أنّني ضدّ استسهال اتّهام الصحفيّين بمناسبة أعمال صحفيّة وإعلاميّة قاموا بها.. وأنّني ومن ناحية مبدئيّة ضدّ إيقاف وسجن الإعلاميّين في الجرائم المتعلّقة بالإعلام.. وأنّ محاكمة الإعلاميّين والتحقيق معهم بمناسبة عملهم الصحفي مهما كانت أخطاؤه.. يجب أن لا يتمّ على أساس قانون مكافحة الإرهاب وإنّما على أساس القانون المنظّم لمهنة الصحافة والإعلام.. وهي المراسيم عدد 115 و116 حاليّا والتي تعدّ نافذة المفعول الآن.. ووجب اتّباع إجراءاتها في ما يخصّ الصحفيّين.. مع تقديم كامل الضمانات لهم حتّى لا يقع استغلال الاتّهام أو التحقيق أو المحاكمة لمعاقبة صحفي على آرائه أو عمله الإعلامي.. ولأؤكّد أيضا ومرّة أخرى أنّ قانون مكافحة الإرهاب في صيغته الحاليّة والواقع المصادقة عليه من مجلس النواب خلال السنة المنقضية تحت تأثير العمليّات الإرهابيّة البشعة، وتحت ضغط النقّابات الأمنيّة، وبفضل حملة ترويجيّة وتسويقيّة إعلاميّة.. هذا القانون يجب مراجعته فورا لكونه يهدّد الحريّات العامّة والخاصّة ويهدّد الديمقراطيّة وحقوق الإنسان وحريّة الرأي والفكر والتعبير والصحافة والإعلام والنشر.. على نوفل الورتاني أن يتعلّم الدرس.. وأن لا يبيع ويشتري في المبادئ.. لأنّ ميزة المبدأ أنّه عام وشامل لجميع الأشخاص والحالات.. وأنّ تبرير التجاوزات والخطأ والظلم اليوم لا يعطي صاحب التبرير حصانة من الوقوع هو نفسه ضحيّة لها غدا..