ادت امس الخميس 16 فيفري 2017 اللجنة العليا للتربية التابعة للأمم المتحدة زيارة إلى وزارة التربية قصد الاطلاع على التجربة التونسية في مجال إصلاح المنظومة التربوية والتعرف على أهم التحديات والرهانات التي تواجه إنفاذ مخرجات هذا الإصلاح من حيث التمويلات التي يتوجب حشدها والاستثمار في تطوير البُنى التحتية وكفاءة الموارد البشرية المتاحة. إن اللقاء الذي سيجمع أعضاء لجنة الأممالمتحدة للتربية مع السيد وزير التربية وفريق الخبراء المرافق له سيشكّل فرصة ثمينة من أجل عرض المشروع الوطني لإصلاح المنظومة التربويّة وطبيعة المُخرجات التي أفضى إليها عمل اللجان الفنية المتخصصة بعد مسار طويل من الحوار المجتمعي الذي تم بقيادة تشاركية والذي جمع طيفا واسعا من النقابيين وممثلي المجتمع السياسي والمدني وممثلي الوزارات والهيئات ذات العلاقة. وتتأتّى أهمية هذا التبادل لوجهات النظر في مجال التربية بصفة خاصة من طبيعة الاستنتاجات التي توصل اليها تقرير الأممالمتحدة في مجالات التعليم على الصعيد العالمي والذي يتوقف عند جملة من التوصيات التي تنسجم بصفة كلية مع ما توصلنا إليه في تونس على مستوى صياغة الأهداف الاستراتيجية للإصلاح ورسم التحديات الكبرى التي سيواجهها الفعل التربوي عموما خلال السنوات القليلة القادمة. إذ يؤكد التقرير على النسق المتسارع للتحولات الاقتصادية والتكنولوجية الجارية في العالم والانعكاسات السلبية الكبيرة لأتمتة مسارات الانتاج مستقبلا وازدياد الطلب على المهارات عالية المستوى في مجالات التشغيل واتساع الفجوة في المهارات المعيق للنمو الاقتصادي …وما يطرحه ذلك من إكراهات إضافية سيواجهها الشباب المتعلم والمتكون عموما. كما يمكن حوصلة تقرير الأممالمتحدة حول التربية في أربع تحولات تعليمية كبرى لابدّ من أخذها بعين الاعتبار بصفة متأكدة : تطوير أداء المنظومات التربوية والتركيز على قيس النتائج عند كل عتبة تعليمية مع ضرورة إرساء مقاربات ذات نجاعة عالية في مجال تقييم التعلم ورصد التقدم المحرز. الاستثمار في الاساليب والمناويل المجددة والتكيف مع الا حتياجات المستقبلية للمجتمعات التي تفرضها الثورة التكنولوجية والرقمية في مختلف المجالات. اعتماد الشمولية في التعاطي مع المسائل المتصلة بالفعل التعليمي من حيث اعطاء الاولوية للأشخاص والجهات الأكثر حرمانا وتهميشا. التأكيد في مجال التمويل على توفير موارد محلية أكبر والبحث في سبل الزيادة في حجم التمويل الدولي مع ضمان وجود آليات ناجعة للقيادة والمساءلة ومقاومة الهدر بكل أشكاله. من جهة أخرى ستتولى وزارة التربية تقديم عرض أمام خبراء ومسؤولي لجنة الأممالمتحدة للتربية حول أهم المشاريع التي تمخضت عن عمل لجان إصلاح المنظومة التربوية والتي تتلخص في ثمانية مجالات أساسيّة : أولا : تفعيل مبادئ الانصاف وتكافؤ الفرص (تعميم الأقسام التحضيرية، وضع آليات للتمييز الايجابي بين الجهات…) ثانيا : مراجعة الخارطة المدرسية (التقليص من الاكتظاظ وإلغاء نظام الفرق…) ثالثا : تطوير مستوى كفاءة الموارد البشرية وتحسين ظروف العمل والارتقاء بمستوى المؤسسة التربوية عموما. رابعا : تعزيز مكتسبات التلاميذ وتدعيم جودة التعلمات (مراجعة البرامج والمناهج وتطوير تدريس اللغات…) خامسا : تحسين الحياة المدرسية من حيث مراجعة النسق المدرسي ومكانة الانشطة الثقافية والرياضية ودعم الوساطة والمرافقة المدرسيتين..) سادسا : مقاومة التسرب والانقطاع المبكر عن الدراسة (التعليم الاستدراكي ووضع آليات مدرسة الفرصة الثانية…) سابعا : مزيد العناية بإدماج تكنولوجيا المعلومات والاتصال صلب المنظومة التربوية وشبكة التعلمات ومسارات التصرف وإدارة المرفق التربوي. ثامنا : إرساء دعائم الحوكمة الرشيدة للمنظومة التربوية (النهوض بوظائف التدقيق والتقييم والمساءلة…) هذا إلى جانب ما سيشمله عرض وزارة التربية من توضيح للسياق الوطني والدولي الذي يتنزل ضمنه الاصلاح والطابع التشاركي لقيادة مساره وقراءة في اهم الاخلالات التي تواجهها منظومتنا التربوية وكذلك المكتسبات التي تحسب لفائدة المدرسة العمومية التونسية والأهداف الاستراتيجية للإصلاح في ضوء تشخيص دقيق وموضوعي لمستوى الأداء المسجل اليوم داخل أسوار مدرستنا ومستوى اقتدار شبابنا عند مواجهة إكراهات الحياة ومقتضيات عالم الشغل.