لا أحد يشك أن حركة النهضة هي العدو اللدود لاتحاد الشغل بدون منازع لاسباب يطول شرحها وقد بدأت الحرب بينهما منذ الاسبوع الأول بعد رحيل بن علي، ولا أحد منا ينسى الاعتداءات المتكررة للنهضاويين على النقابيين وصلت الى حد ضربهم ببطحاء محمد علي والقاء الزبالة أمام مقراتهم، لكن في هته الحرب المفتوحة و الاعتداءات غير المبررة كانت الغلبة فيها لاتحاد الشغل الذي تحالف بطريقة ذكية و غير معلنة مع كل القوى الديمقراطية المدنية والسياسية، وكلفت النهضة الخروج من الحكم و اسقاط حكومة علي العريض في حين غنم الاتحاد منها تصدره وادارته للحياة السياسية ضمن الرباعي الراعي للحوار الوطني ثم الفوز بجائزة نوبل للسلام. كانت هزيمة النهضة في حربها مع الاتحاد مدوية وكلفتها خسائر فادحة أهمها الخروج بمظهر الضعيف و الفاشل في ادارة شؤون الحكم. لم تكن هته الخسارة هي الوحيدة لحركة النهضة فقد كررت نفس الخطئ مع حركة نداء تونس حين حاولت شيطنته واعتبرته رسكلة لنظام بن علي وانهالت عليه سبا وتشويها واعتدت على عناصره بالعنف وصلت حد القتل حين سحل الشهيد لطفي نقض. ونفس الاسلوب كلف النهضة نفس النتيجة و خسارة المرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية و الرئاسية سنة 2014. لكن النهضة أجرت مراجعات و تقييما لاخطائها وفهمت الدرس. كانت خلاصة الدرس أن خصمها سواء كان الاتحاد أو حزب سياسي يشكل شيئا مثل الكرة المطاطية كلما حاولت القائها بقوة نحو الأسفل الا و إرتفعت أكثر نحو الأعلى. لذلك غيرت أسلوبها بإختراق تلك الكرة من الداخل ثم محاولة نفخها اقصى ما يمكن للزيادة في حجمها الى أن تنفجر. وهذا بالضبط ما حصل مع نداء تونس الذي اخترقته بواسطة اناس مندسة استغلت سذاجة حافظ قائد السبسي وايهامه انه سياسي فذ و الوريث الشرعي لحزب يعد ملكا لابيه، فإنطلت الاكذوبة على هذا المغفل المسكين الذي دمر الحزب نهائيا. نفس الاسلوب تحاول النهضة انتهاجه مع اتحاد الشغل بواسطة أطراف حليفة لها سيطروا على عدة مواقع مهمة داخل المكتب التنفيذي او النقابات الأساسية وأغلبهم من فصائل قومية مثل حركة الشعب، فالنهضة غيرت خطابها مع الاتحاد واصبحت بقدرة قادر من اشرس المدافعين عنه واكثرهم تثمينا لدوره الكبير في المسار الوطني. و للاسف سقط العديد من النقابيين في هذا الفخ، فالجميع يعلم ان معركة الاتحاد في خصوص مستشفى الحبيب بورقيبة هي في الاصل معركة مع النهضة ايام كان المدعو الحكيم الذي عينته النهضة مديرا للمستشفى. لقد عمل النقابيون الموالون للنهضة على تضخيم مطالبهم النقابية بل وطالبوا حتى بحقهم في الحلول محل الحكومة في ادارة شؤون الدولة و تعيين الوزراء و عزلهم. كل هته التصرفات غير السليمة ألبت الراي العام ضد اتحاد الشغل الذي حول نفسه الى ارعن وعدو للمواطن فهو في ملف المستشفى عدو لصحة المواطن وهو في موقفه الرافض لغلق مصنع السياب عدو لحق المواطن في بيئة سليمة وهو ايضا في ملف التعليم عدو للمواطن حين يضحي بمستقبل التلميذ بكثرة تعطل الدروس نتيجة الاضرابات. اليوم اصبح مستقبل الاتحاد رهين صحوة النقابيين و مراجعة عميقة لأخطائهم و ضرورة تعديل خطابهم لتحسين نظرة الراي العام لهم واسترجاع ثقته. على النقابيين ان لا يسقطوا في حماقة يوسف الشاهد واستفزازه لهم بالتحوير الوزاري الأخير و ان يتقيدوا بضوابط العمل النقابي وان يطهروا هياكلهم من الإخترقات الحزبية التي تريد بهم شرا وتريد تفجير هيكلهم من الداخل. وأخيرا على النقابيين أن لا يقعوا في فخ محاولة اسقاط حكومة الشاهد لانها بطبيعتها ساقطة منذ تشكلها .