و نزلت أمطار مارس يا أبتي ، و تذكرت قولتك الشهيرة التي كنت ترددها كلما حل شهر مارس من كل سنة و قد حفظتها عن آبائك و أجدادك " مطر مارس ذهب خالص " أبتي طيب الله ثراك إني أنا إبنك أناجيك و أنت في عالم اللحود و القبور أسألك لمن الذهب الخالص ؟ سامحك الله يا أيتي كلما جاء شهر مارس و تذكرت ما تعيده على مسامعي في كل عام عن مطر مارس و ذهبها الخالص ضاعفت من قلقي و نخرني البؤس و الحيرة . أنتظرك الليلة يا أبتي لتدلني عن مصير الذهب الخالص و حتى تنقذ إبنك البائس اليائس من هذا السؤال الكاسر . و طفقت زوجتي تزملني و تدثرني و التقيؤ يراودني و يشتد بي و العرق بتصبب من رأسي حتى إخمصيّ . كابوس القرجاني يعسعس داخل غرفتي فيراودني التقيؤ من جديد ، أحس بأصابعي تقطع إربا إربا و بقلمي يتطاير شضايا في أرجاء الدار ، و تشتد بي سكرات التقيؤ . . . المداد أراه أحمر قان يلطخ الجدران ، و غطاء فراشي كأنني يوم ختاني . غبش الفجر يتسلل من النافذة فهمست في أذني قمر الزمان " أين الذهب الخالص يا أبتي " قولا ثقيلا و أشد وطأ و لكنه أقوم قيلا .