بعد عاميْن من “العمل والكدّ والجدّ” أنعم الله على التونسيين خيرًا , عن خسارة عائدات ثروتهم الطبيعيّة الأولى الفسفاط , التي نزلت مداخيلُها إلى أكثر من 80 بالمائة وباتت الشركة الوطنية التي تستغلّها في انتظار المَدَدْ الحكومي من خزينة الدولة لإنقاذها من الإفلاس . عوّض الله على التونسيين خسارةَ هذه الثروة التي تُصَدَرُ شبه كلّيا إلى الخارج , وتشكّل مداخيلُها نسبة 20 بالمائة من ميزانية الدولة , بأخرى برعوا وأبدعوا فيها حتّى باتت بضاعةً مطلوبة في كلّ أصقاع الدنيا نظرا لمواصفاتها وجودتها العالية وقلّة تكلفتها إنْ لم نقل انعدامها : المنتوج التونسي الجديد الذي يلْقى هذا الرّواج الهائل اسمه الاعتصامات والإضرابات عن العمل وعن المأكل الأنباء الواردة علينا من عاصمة الأنوار تفيد أنّ رئيسَ بلدية بلْدة فرنسية فقيرة بالقرب من باريس أقام خيْمة أمام البرلمان الفرنسي , وبدأ إضرابا عن الطعام مُطالِبا بتمويل عاجل من الحكومة لإنقاذ بلْدته من الفقر والتهميش (الكلمتيْن هاذم ولاّوْ يكفروني..) مؤكدا أن الأزمة الاقتصادية تدفع عشرات البلْدات إلى حافة الانهيار قائلا : بكلام واضح , لقد وصلنا إلى نهاية الطريق , لم يعد لدينا سبيل للقروض ( ما لا آش نقولو أحْنا ؟ ) لكن ما لم يقله السيد رئيس البلدية الفرنسية هذا , وهو بالمناسبة منتخب وليس مُنصّبا من أحد في نيابة خصوصية , من أين له بهذا الشكل “النضالي جدا” في التعبير عن همومه وهموم سكّان بلديته ؟ ألا يعلم أن الاعتصام والإضراب هو Made in Tunisia , يملك التونسيون فيه براءة اختراع مُعترف بها دوليا , وأنّ استعمالَهما يدخل في إطار ما ينُصُّ عليه قانون حقوق التأليف وطنيا ودوليا ؟ ثم هل أخذ Mr le Maire على الأقل الرخصة من المُنتسبين والمُرشّحين للانتساب لشركات فسفاط قفصة والمُجمّع الكيمياوي بقابس وشركة الخطوط التونسية , حتّى يتجرّأ على استهلاك “بضاعتهم” التي يريدون أن يُحوّلوا بها مؤسساتهم من شركات وطنية إلى ڤْرُوبْ … تْكِيّة ؟؟؟؟