تونس (وات) - اعلن البنك المركزي التونسي مؤخرا عن قراره التخفيض فى نسبة الفائدة الرئيسية بنصف نقطة مائوية لتتراجع الى 5ر3 بالمائة. ويعد هذا التخفيض الثاني الذى يقره البنك من جديد بعد ثورة 14 جانفى وحتى الوقت الراهن حيث خفض فى هذه النسبة من 5ر4 بالمائة الى 4 بالمائة خلال شهر جوان الفارط. ويتنزل هذا القرار فى اطار دفع النشاط الاقتصادي وتفعيل نوايا الاستثمار وتخفيض الاعباء المالية للموءسسات. وفسر الخبير الاقتصادي والمالي معز العبيدي فى تصريح ل(وات) لجوء البنك الى اتخاذ هذا الاجراء بتواصل الركود الاقتصادي مع تلاشي التوقعات بتحقيق نسبة نمو ايجابية خلال السداسية الثانية من السنة الحالية وتعويض التراجع المسجل فى السداسية الاولى. واضاف ان عدم وضوح الروءية لدى المتعاملين الاقتصاديين خاصة فيما يتعلق بالجانب السياسي (فترة انتخابات المجلس التاسيسي ومابعدها) وعدم الاستقرار الامنى والاجتماعى كلها عوامل جعلتهم يخيرون الانتظار وعدم المجازفة بالاستثمار. واعتبر ان تباطىء الحكومة فى تنفيذ برنامجها الاقتصادي وخاصة مشاريع البنية الاساسية الكبرى فى المناطق الداخلية ساهم بدوره فى تواصل هذا الركود الاقتصادي وعدم التشجيع على الاستثمار فى هذه الجهات. واوضح ان البنك وامام هذا الوضع الاقتصادي المتردي وتفاقم حاجيات البنوك من السيولة المصرفية لجا عبر سياسته النقدية الى التدخل لدفع عجلة الاقتصاد حيث قام بعمليات ضخ السيولة من خلال التخفيض فى نسبة الاحتياطي الإجباري في ثلاث مناسبات منذ بداية السنة ليمر من 5ر12 بالمائة الى 5ر2 بالمائة حاليا والتقليص فى نسبة الفائدة من 5ر4 بالمائة الى 5ر3 بالمائة حاليا. وبين ان الهدف الرئيسي من هذا الاجراء هو التقليص فى نسبة الفائدة فى السوق النقدية التى تعتبر سعر الفائدة المرجعي فى سياسة منح القروض لتمويل الاقتصاد وبالتالي تخفيف الاعباء المالية على الموءسسات (الديون المتعثرة) وتحفيزها على الحصول على قروض جديدة لتطوير انتاجها وكذلك التشجيع على احداث استثمارات وهو الامر الذى اعتبر "محدودا" فى الوقت الحالي. كما ينتظر ان يكون لهذا الاجراء انعكاس ايجابي على قروض السكن والسيارات والقروض الشخصية التى ستشهد بدورها انخفاض فى مستوى نسب الفائض. وبخصوص المخاطر التى قد تترتب عن هذا التخفيض كالتضخم بين السيد معز العبيدي ان الوضع الراهن ادى الى تغير سلم الاولويات ليصبح التصدى للركود الاقتصادي اهم من معالجة معضلة التضخم فى انتظار تحسن نسبة النمو قائلا "انه يتعين على الدوائر المسوءولة مجابهة تدهور المقدرة الشرائية فى هذا الظرف الحساس عوض ان نعاني من تبعات الركود الاقتصادي من ارتفاع نسب البطالة والفقر. وحول التاثيرات المحتملة للتقليص فى نسبة الفائدة على الادخار قال ان البنك سيعمل على تدعيم موارد الجهاز المصرفى عبر المحافظة على مردود الودائع بدفاتر الادخار والعمل بنفس نسبة الفائدة. ولاحظ انه لايمكن لتونس ان تنسج على منوال بعض الدول على غرار امريكا واليابان فى مجال التقليص من نسبة الفائدة الرئيسية الى صفر بالمائة باعتبار اختلاف الوضع وامتلاك هذه الدول سياسة نقدية متطورة تتوفر على اليات غير تقليدية نظرا لعمق اسواقها المالية.