تونس (وات)- بين جدلية السلم والحرب والفهم المتباين لمبادئ الدين الإسلامي تجولت كاميرا المخرج الفرنسي العالمي جان جاك انو في فيلم "الذهب الأسود" الذي قدمه اليوم الجمعة منتجه التونسي طارق بن عمار في قاعة العروض بمخابر الإنتاج السمعي البصري بقمرت في عرض خاص بالصحفيين ليعرض في قاعات السينما التونسية انطلاقا من يوم 23 نوفمبر الجاري. هذا الفيلم المقتبس من رواية الكاتب السويسري هانز روش "العطش الاسود" ينقل في مناخ الصحراء العربية القاسي وكثبانها الوعرة نموذجا من العداء الدفين بين القبائل العربية الذي يغذيه اكتشاف ابار النفط في منطقة قبيلة "حبيكة"، التي يتزعمها نجم هوليود الاسباني انطونيو بنديراس في دور "نسيب" ،مخرج الفيلم أعلن عن هذا الصراع منذ المشهد الاول حيث بدت فيه اثار نهاية معركة ضروس بين قبيلة "حبيكة" وقبيلة "سلامة" التابعة للسلطان الحكيم "عمار" الذي ادى دوره الممثل الامريكي مارك سترونغ. انطلاقا من هذا المشهد تتصاعد الحبكة الدرامية للفيلم لتظهر شخصية "عودة" التي تقمصها الممثل الجزائري الشاب طاهر رحيم، هذه الشخصية ستكون الخيط الرابط بين الماضي والحاضر وبين الاصالة والحداثة حيث يجد "عودة" نفسه في وسط الطريق بين الحب الذي يجمعه مع الاميرة "ليلى" (فريدا بينتو) زوجته وابنة "نسيب" ورغبة والده "عمار" في الانتقام من "نسيب" الذي قتل ابنه البكر "صالح". ورغم ان القبيلتين هما قبيلتان مسلمتان الا ان تعاطيهما للاسلام والحداثة كان مختلفا واكتشاف مادة النفط عمق النقمة والعداء بينهما على جميع المستويات حيث سفكت الدماء في حروب لا طائل منها. القضايا الإنسانية المطروحة في فيلم "الذهب الاسود" كانت لها ايضا ابعادا سياسية باعتبار ان الحقبة الزمنية لقصة الفيلم "فترة الثلاثينات" وما شهدته من نزاعات تلتقي اليوم مع ما يسجله العالم من صراعات لحماية المصالح الاستراتيجية وبات صراع الدول بديلا لصراع الامراء. الفيلم جمع كذلك وجوها فنية من تونس قامت بادوار في اغلبها ثانوية الا ان الممثلين الذين اختارهم المخرج جون جاك انو تقمصوها بحرفية وكانت في مستوى اداء ابطال الفيلم، وهذا ما أكده مخرج العمل في ندوة صحفية عقدها القائمون على الفيلم بعد عرضه بحضور ثلة من الممثلين. وعبر "جون جاك انو" مخرج الفيلم خلال هذه الندوة عن اعجابه وحبه الكبير لتونس لا سيما بعد تجربة تصوير فيلم "الذهب الاسود" في عدة مناطق في الجنوب التونسي قبل أيام من اندلاع ثورة 14 جانفي وبعدها قائلا: "ان هذا البلد تتوفر فيه عوامل طبيعية وبيئية تتناسب مع اختياراتي المهنية مما عمق في الاحساس بالمغامرة والاكتشاف". ومن جهته افاد طارق بن عمار منتج الفيلم انه يعمل من خلال انتاج هذه النوعية من الافلام على الترويج للثقافة العربية الاسلامية لدى المجتمعات الاوروبية والامريكية التي لا تعرف الكثير عن خصوصيات هذه الثقافة. وبين ان فيلم "الذهب الاسود" ،الذي عرض لاول مرة امام جمهور غفير في افتتاح مهرجان الدوحة ترايبكا السينمائي "25 اكتوبر 2011" سيوزع على 6 آلاف قاعة سينما في العالم بما سيساهم في مزيد التعريف بتونس كوجهة للتصوير السينمائي وكذلك الكشف عن القدرات التونسية في مجال الإبداع السينمائي والفني خاصة وان هذا الفيلم عول على عدد هام من الفنيين في الإضاءة والديكور والاكسسوارت من تونس.